الأرقام والنسب يمكن تسييسها أيضا، ويكفي لتحقيق هذا الهدف إنتقاء سنة الأساس لكي تكون المقارنة إيجابية والعكس صحيح.
مثلا، في أخر تقرير للاحصاءات العامة حول معدلات البطالة، انتقى الربع الأول من سنة 2013 حيث كان المعدل مرتفعا ليقارنه بالربع الأول من هذا العام فحصل على نتيجة أيجابية، لكنها تصبح سالبة إن تم مقارنتها بالربع الرابع لسنة 2013.
الصحف والمواقع الالكترونية نشرت ذات التقرير لكن بطريقتين مختلفتين، الأول قال أن معدلات البطالة للربع الاول من عام 2014 انخفضت بمقدار نقطة واحدة ليبلغ 8ر11 بالمائة مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2013أما الثاني فقال أن معدل البطالة للربع الأول من عام 2014 ارتفع بمقدار 0.8 نقطة مئوية عن الربع الرابع من عام 2013.
هذا التباين لا يغير من الحقيقة وهي أن البطالة الى إرتفاع بزعم تراجع النشاط الاقتصادي، ورغم كل خطط وبرامج التدريب والتشغيل والاحلال.
في قصة الاحلال، خلص أكثر من مسح ودراسة الى أن العمالة الوافدة لا تشكل حاجزاً أمام المتعطلين من الإناث ولا الذين هم من دون سن21 سنة ولا الحاصلين على درجة جامعية, ومعظم العمالة الوافدة تتركز في قطاع الخدمات فالأردني لا يزال يعزف عن العمل.في الصناعة والزراعة ولا مراسلا في شركة خاصة ولا نادلا (جرسون) ولا في محطة بنزين ولا حارس بناية ولاعامل بناء ولا عامل نظافة.
المشكلة التي تواجهها قطاعات الإنشاء والصناعة والخدمات في مسألة الإحلال تتلخص بحسب دراسة تحليلية أن (19%) من العمالة الأردنية لا تقبل العمل لساعات عمل طويلة و(16%) لا تقبل القيام بأعمال صعبة و(14%) لا تقبل العمل بنفس أجر العامل الوافد و(9%) تتغيب كثيراً عن العمل و(9%) أقل إنتاجية و(9%) أقل خبرة 44و% من عينة أصحاب المنشآت يعتقدون بأنه لا غنى عن العامل الوافد في عمل منشأتهم.
سنعتبر أن الحملة على العمالة الوافدة تنظيمية صرفة، لكن التنظيم يقتضي تنظيم مسبق لأوضاع السوق، ويحتاج لأن يكون تدريجيا يأخذ بالإعتبار حاجة القطاعات وتوفر البدائل
بالرغم من كل البرامج لا يزال عدد المشتغلين من قوة العمل الأردنية يشكلون فقط نحو 21% من إجمالي قوة العمل والبالغة 443ر1 مليون فرد أي أن الأردن يعمل بمحرك واحد من أصل ستة محركات!
لا عجب بعد ذلك كله أن يرتفع معدل البطالة في صفوف الأردنيين، لكن شماعة تراجع الاقتصاد لا تصمد كثيرا في مواجهة الواقع الذي يقول أن العمالة الوافدة بالرغم من كل شيء تعمل.
الرأي