الأسواق بحاجة لدعم مؤسسي

الأسواق بحاجة لدعم مؤسسي
الرابط المختصر

صحيح ان الاقتصاد الوطني مبني على أسس الرأسمالية والحرية وتتحكم فيه قوى العرض والطلب وتكون الاسعار خاضعة في كثير من جوانبها للمنافسة التي يسيرها القطاع الخاص اللاعب الرئيسي في الانشطة الاقتصادية, لكن ما زالت الدولة تمتلك من الادوات والوسائل ما يمكنها من حماية المستهلك من جشع التجار, وان تكون قادرة على ضبط موجة غلاء الاسعار غير المبررة في العديد من جوانبها.

في حالتنا بالاردن; تواجه الحكومة الآن ضغطا شعبيا متزايدا تجاه المطالبة بحماية المواطنين من ارتفاع الاسعار, الامر الذي دفع الجهات الرسمية للتدخل في هذه القضية المعيشية اليومية بشكل مباشر لاتخاذ اجراءات وقائية واحترازية لضبط الاسعار.

امام الحكومة جملة من البدائل قد تلجأ اليها ان هي ارادت دون ان يمس ذلك أسس الاقتصاد الحر, فالحكومة مطالبة بأن تمارس الحرية الاقتصادية وان تمتنع عن اي سلوكيات قد تضر او تساهم بغلاء الاسعار, لذلك من واجب الحكومة الآن فتح باب الاستيراد للمنتجات الغذائية على مصراعيه دون تحديد, فلا يعقل ان يتم منع استيراد اللحوم من سورية او غيرها من البلدان التي تتوفر فيها اللحوم لاسباب غير منطقية على الاطلاق بحجة حماية مربي المواشي وخوفا من انخفاض اسعار اللحوم البلدية ونحن نرى ان اسعارها ما زالت مرتفعة كثيرا حتى مع منع الاستيراد, فهذا أمر باعتقادي قد يكون فيه تواطؤ ان صح من قبل بعض المسؤولين مع عدد من المتنفذين ومحتكري سوق اللحوم في المملكة يجب القضاء عليه.

المؤسسة المدنية - الاداة التموينية التنفيذية للدولة - ما زالت عاجزة عن الارتقاء بأساليبها الادارية والتسويقية رغم انها لا تتلقى اي دعم حكومي كما كان في السابق لا بل انها تحقق ارباحا طائلة, هذه المؤسسة يجب ان تقوم بدورها الاساسي بتقديم سلع للمواطنين من ذوي الدخل المحدود باسعار معقولة, لذلك اقترح ان يتم تحديد الشرائح الاجتماعية المستفيدة من خدمة المؤسسة وتحديدها وعدم فتح الباب على مصراعيه كما هو الان حيث باستطاعة اي تاجر ان يدخل عليها ويشتري اكبر كمية من البضائع ومن ثم يبيعها للمواطنين في متجره دون حسيب او رقيب, كما اقترح ان يتم وضع لاصق على كل سلع المؤسسة يوضح ان هذه السلعة لصالح المؤسسة فقط, وان يتم انشاء مركز للشكاوى تشرف عليه لجنة يكون اعضاؤها من الوزارات المختلفة.

كما ان على المؤسسة ان تمارس واجباتها الاساسية في دعم حركة الاسواق من خلال استراتيجية تدعم استقرار الطلب على السلع والخدمات وهذا لا يتم إلا من خلال استيراد كميات كبيرة من السلع الرئيسية تغطي كامل الاحتياجات, خاصة ان المؤسسة تبيع سلعها بربح لا بخسارة, فماذا سيضرها ان استوردت ضعف ما تستورد الآن?

الاسواق التجارية بحاجة الى فرق تفتيش قوية وفاعلة تضمن رقابة حقيقية على حرية الاسواق وتضمن عدم ممارسة سلوكيات غير سوية كما هو حاصل الآن حيث ان بعض التجار من ضعفاء النفوس بدأوا منذ اشهر في تخزين كميات كبيرة من السلع الرمضانية الاساسية تمهيدا لبيعها وقت اشتداد الطلب عليها باسعار عالية, وهنا يكمن دور الرقابة والتفتيش على الاسواق.

على الحكومة ان تواصل اجتماعاتها مع كبار التجار وان تحثهم على تحمل مسؤولياتهم الاجتماعية تجاه التحديات التي تعصف بالاقتصاد فلا يعقل ان يحققوا كل تلك الارباح دون ان يساهموا بالمساعدة بحل مشاكل تهم معيشة المواطنين اليومية.

فكرة الاسواق الشعبية من المنتج للمستهلك فكرة رائدة للحكومة اذا ما تحققت فانها ستساهم في خفض كبير للاسعار, المواطن بأمس الحاجة اليه في الوقت الراهن.