الأردن بين رئيسين

الأردن بين رئيسين
الرابط المختصر

واضح تماما ان هناك موقفا مختلفا ازاء انتخابات الرئاسة السورية مقارنة بانتخابات الرئاسة المصرية، على صعيد موقف الاردن من تصويت المصريين والسوريين لرئيسيهما.

الاردن لم يقف في وجه المصريين في الاردن عبر السماح لهم بالتصويت لهذه الانتخابات والسبب ليس غامضا،فأغلبية الكتلة المصرية في الاردن موجودة هنا كعمالة من مستويات مختلفة، وغير معرفة سياسيا، بصفتها ناشطة او ذات اتجاهات حزبية.

لم يأت المصريون الى الاردن بسبب ازمة في مصر، وهذا يعني انها كتلة آمنة سياسيا، وامنيا، ولهذا لم يمانع الاردن بمنحهم المجال للتصويت في بعثاتهم الدبلوماسية، كما ان هناك اعتقادا فعليا تحليليا يقول، إن اغلب المصريين في الاردن سيصوتون لصالح السيسي، وهذا يخدم اتجاه الاردن، في ظل عدم وجود منافسين -ايضا- من جماعة الاخوان المسلمين.

قصة الرئيس السوري مختلفة، وعلى الرغم من الماحات دمشق الرسمية الى ان التصويت لمرشحي الرئاسة السورية،يخضع لعراقيل في دول عديدة مثل المانيا، الا ان الحالة الاردنية مفسرة تماما، وواضحة الدوافع، فالاردن اولا يتعامل مع كتلة سورية عددها يتجاوز المليون وربع مليون سوري، وهم ثلاث مجموعات، مجموعة جاءت الى الاردن بعد احداث حماة، ومجموعة كانت موجودة في الاردن للعمل قبل انفجار الازمة الاخيرة، ومجموعة ثالثة جاءت الى هنا جراء المحنة السورية، وهم من تتم تسميتهم باللاجئين عمليا.

في التقييمات ان اغلب السوريين في الاردن لديهم اتجاه سياسي، وبعضهم لديه ارتباطات تنظيمية، وهناك من يعمل مع دمشق الرسمية، والكتلة السورية في الاردن كبيرة، وكل التقييمات تتحدث عن انتقال جزئي للصراع السوري الى السوريين في الخارج، وفيما بينهم.

هذا يقول، إن الاردن لايريد مد بصمة الصراع الى مشهد حساس مثل انتخابات الرئاسة السورية، التي لو تم السماح بها، لشهدت مشاكل ومشادات وعنفا غير مسبوق على خلفية هذه المحنة، والاردن لاينقصه عنف فوق العنف الذي فيه.

فوق ذلك قلنا في وقت سابق، ان سفارة دمشق في عمان لاتجدد جوازات السفر للسوريين، في حالات كثيرة، فكيف سيذهب السوريون للتصويت وبعضهم بلا جواز سفر صالح، وكيف سنقنع السوري اساسا بالذهاب والتصويت، وهو لايريد ان يكشف وجوده او اقامته في حالات كثيرة، امام سلطات دمشق الرسمية؟!.

هذا يفسر ان مخاوف السوريين من الخروقات الامنية وصلت حد احجام كثيرين منهم، عن التسجيل في وكالات الغوث الدولية تجنبا للفت الانظار، واتقاء للمشاكل؟!.

ثم ان الانتخابات السورية معقدة والانطباع السائد بين السوريين انها شكلية، وخدمة -اعلان النتائج قبل الفرز- وهي خدمة شهيرة في دمشق، سيتم اعتمادها هذه المرة، فلماذا يذهب السوريون ايضا للتصويت في انتخابات محسومة النتائج، وهذا امر قد تعرفه عمان الرسمية ولا تريد ان تكون طرفا في ما تعدّه مسرحية معروفة النهاية؟!.

في كل الحالات ليس من مصلحة الاردن نقل الازمة السورية الى الاردن فوق ماتم نقله حتى الان، لاننا امام صراع خطير، وامام كتلة كبيرة من الاشقاء تتنازعها الاتجاهات والولاءات، وامام اخطار محتملة فوق السؤال المطروح حول جدية التنافس في هذه الانتخابات، واعتقاد كثيرين ان الاردن لو سمح بالتصويت هنا فسيكون مجرد شاهد زور على انتخابات محسومة النتائج.

عدم تصويت الاشقاء السوريين في الاردن في انتخابات الرئاسة خير لهم ولنا على حد سواء، وكل مانتمناه ان تتوقف هذه المحنة التي دمرت اهم حاضنة عربية مشرقية وهدمت كل بنيانها الانساني والمادي، فيما الرئاسة بحد ذاتها لاتعني شيئا عميقا اذ تقول، إنها رئاسة لبلد عاد الف عام الى الوراء على يد كل الفرقاء، معارضة ونظاما ومابينهما من شركاء ومتبرعين ومتطوعين وغاضبين يهدمون آخر ماتبقى من القلعة الشامية

الدستور