اقتراح للنواب الجدد في هذا اليوم الوطني
غدا يوم وطني أردني بامتياز ، لمن قاطع ولمن شارك على حد سواء ، فتلك مسألة أخرى ، موقف سياسي والسلام ، لأن الوطن أكبر من الساسة ومن مواقفهم ، الأردن وطن نعتز به ونحبه ، ومشروعه الوطني - كما هو - لنا جميعا ، اختلفنا في بعض التفاصيل أو اتفقنا فيها ، لا يهم ، المقاطعة استثناء نادر في الديمقراطيات بل ربما يكون معدوما ، فلا حرد في السياسة ، بل مكابدة ومجاهدة ومواجهة ، ومع هذا نتعامل مع أصحاب الاجتهاد باحترام ، وعليهم أيضا أن يحترموا أصحاب الاجتهاد الآخر ، فلا تشويش على عملية الاقتراع ولا إعاقة لمن يريد أن ينتخب ، أما محاكم الأحزاب فلها أن تعاقب منتسبيها كيفما تشاء ، فهذا حقها ، ولكن ليس لها أن تفرض اجتهادها على أحد ، ولا أن تعيق وقائع هذا اليوم الوطني.
المغزى اللافت تزامن هذا اليوم مع ذكرى تفجيرات عمان المشؤومة ، وفي هذا رد بليغ وانتصار كبير لإرادة الحياة في مواجهة إرادة الموت والخراب والدمار ، فعمان بكل بهائها نفضت جرحها كما لو كان محض غبار ، ووضعت ذلك اليوم الأسود وراء ظهرها ، وها هي تتزين محتفية بكرنفال الديمقراطية ، رغم أي مؤاخذات أو اعتراضات هنا أو هناك.
لا أخفيكم أنني مللت كما الآلاف من مواطني هذا البلد الطيب شعارات وصور المرشحين ، وتستفزني كثير من العبارات الغبية واللقطات المثيرة للاشمئزاز ، ولكن هذا شيء والاحتفال بهذا الحدث الوطني شيء آخر ، والفيصل في غربلة حشود المتدافعين للجلوس تحت القبة للناس وذكائهم وانتمائهم لقيم هذا البلد وأخلاقه ، والأهم من كل ذلك الحرص على عدم خيانة الضمير ، وتحكيمه حينما يتحرك القلم لكتابة اسم سين أو صاد من المرشحين.
غدا يوم وطني يحق لنا جميعا أن نفخر به ونعتز ، ونحرص على إنجاحه ، لأننا نحب بلدنا أكثر من حبنا لاجتهادات ساستنا ورؤاهم ، سواء كانوا في المعارضة أو الموالاة.
أما النواب الذي سيفوزون في امتحان الغد ، فنقول لهم ما اقترحته إذاعة محلية ، ليكن أول قرار تتخذونه بعد الفوز تبرعكم بألف أو أكثر من الدنانير لكل واحد منكم ، كي يوضع ما يتجمع من مال في صندوق يشرف عليه صندوق الزكاة ، لصرفه كعيدية لفقراء الأردن ، الذين يستحقون ولو سهما صغيرا من ميزانياتكم الضخمة التي صرفتموها على إقناع الناس بأحقيتكم في تمثيلهم ، وبعضكم صرف ما يزيد على المليون دينار ، فلا يبخل بشق تمرة من هذا المليون،.
الدستور