استقرار النظام أم الموازنة؟
يرى البعض ان المشكلة الاكثر إلحاحا في المجتمع الاردني فقدان الجهات الرسمية لخارطة طريق للخروج من المأزق الاقتصادي والاصرار على معالجات وقتية آنية لعجز الخزينة من دون النظر الى تأثير ذلك على القطاعات الاقتصادية في المستقبل القريب.
لو قامت الحكومة مثلا بزيادة اسعار المحروقات في الوقت الراهن, فان ذلك سينعكس بشكل ايجابي نسبي على ايرادات سريعة ستتوفر للخزينة جراء هذا القرار, لكن العجز لن يختفي وستزداد النقمة في الشارع.
لا بل ان البعض يرى ان ما ستكسبه الموازنة من زيادة الاسعار ستخسر اضعافه فيما اذا تطور الاحتقان الشعبي الى مظاهرات واعتصامات وبدأت وسائل الاعلام بتسليط الضوء على هذه الاحتجاجات وبث مشاهدات للعالم وحينها ستشبه الاحداث في الاردن بما يحدث في الجوار.
حينها, سيكون لهذا المشهد تداعيات خطيرة على الاقتصاد الوطني في عدة مجالات, فالسياحة التي تعول عليها الحكومة هذا العام الكثير من الآمال بسبب الفرصة النادرة للاردن باستقطاب سياح كان من المفترض ان يتوجهوا الى سورية وبعض البلدان المجاورة فان ذلك سيتبخر فورا.
حوالات المغتربين هي الاخرى مرشحة للتراجع في حال زعزعة الاستقرار السياسي في الاردن, حيث سيبحث الاردنيون في الخارج عن مواطن آمنة لمدخراتهم في بلدان لا تشوبها الاضطرابات.
اما عن بيئة الاستثمار فهي اصلا معطلة في الاردن نتيجة ضيق الفرص الاستثمارية في قطاعات واعدة لكنها مغلقة بسبب سياسات رسمية مثل الاستثمار في البنوك والجامعات والمستشفيات, لذلك فان استقطاب استثمار اجنبي للاردن ليس مرهونا بتعديل القانون بقدر ما هو مرتبط اليوم بتوفير مناخ سياسي مستقر.
زيادة اسعار المحروقات ستساهم سلبا في ضعف الانفاق لدى الشريحة الاوسع في المجتمع, فهي تمثل ضريبة جديدة على دخولهم التي لم تزدد اصلا لتغطي الاحتياجات الاساسية.
الاردن اليوم يملك لاول مرة ميزة تنافسية حقيقية هي الاستقرار السياسي في منطقة مضطربة للغاية, واذا ما احسن تعظيم الاستفادة من هذه الميزة فان قطاعات مهمة مثل السياحة والاستثمار وتدفق الاموال سيعوض بكثير ما تقوم الحكومة بدعمه للمحروقات.
المطلوب المفاضلة بين استقرار النظام السياسي واستقرار الخزينة على المدى القصير.
العرب اليوم