استطلاع الرأي..يحيا الذكاء

استطلاع الرأي..يحيا الذكاء
الرابط المختصر

نتابع اللحظات الأخيرة من الانتخابات الأمريكية وننتظر مَن سيجلس مِن جديد على مقعد البيت الابيض،بعد متابعة حثيثة لاستطلاعات الرأي التي كانت الفوارق فيها بين المرشحين لا تزيد على أعشار قليلة.

ونتذكر استطلاعات الرأي في الانتخابات الفرنسية وكيف انهزم ساركوزي بأعشار قليلة في استطلاعات الرأي قبل أن يُهزم حقيقة بالنسب ذاتها في صناديق الانتخاب مقابل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند.

نتابع ذلك ونحن في غاية الحزن، عندما يقذف في وجوهنا مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية، استطلاعه الأخير أمس حول عدد من القضايا الراهنة، التي أبرزها رفع الأسعار المقبل، لنكتشف أن نصف مستجيبي العينة الوطنية (50 %) يؤيدون توجه الحكومة لتخفيض الدعم الحكومي المقدم للسلع المدعومة مقابل تقديم دعم نقدي للفئات الفقيرة كي لا تتأثر بقرار تخفيض الدعم، في ما أفاد (32 %) من مستجيبي العينة الوطنية و(80 %) من مستجيبي عينة قادة الرأي بأنهم ضد هذا التوجه.

استطلاع الرأي يأتي في توقيت تعمل فيه الحكومة، والرئيس بالذات على حشد كل الفعاليات والقوى من أجل تَفَهُّم ما تمر به الخزينة العامة للدولة، ولا تتجرأ على القول إن هناك من يؤيد الرفع، فقط تريد من الجميع أن يصمتوا في لحظة اتخاذ القرار، الذي وصفه النسور بالقرار المُرْ.

مع كل الاحترام لاآراء المستطلعين، وتأييد 50 % من الأردنيين لرفع الأسعار، فإن توقيت هذا الاستطلاع ليس بريئًا.

ومع كل الاحترام لجهود أخونا الدكتور موسى شتيوي رئيس المركز وفريقه العامل، فإن أرقام الاستطلاع الأخير، لن يُصدِّقها أحد، حتى لو أقسم مئات الأيمان، ووقف أمام جميع مساجد وكنائس المملكة.

لقد اكتشفنا بعد استطلاع مركز الدراسات أننا الشعب الوحيد في العالم الذي يؤيد رفع الأسعار.

بالله عليكم هل يوجد أكثر تذاكيًا، أو للدقة تغابيًا، من هذا؟.

مِن دون لباقة سياسية لنعترف أننا "عَهَّرنا" الأرقام منذ سنوات في بلادنا، فلم يعد أحد يصدق رقما تعلنه الحكومات، وللأسف انتقل هذا الواقع إلى المراكز البحثية، والقراءات العلمية لآراء المواطنين.

الحكومة ذاهبة إلى قرار رفع الأسعار، بموافقة الأردنيين أم بمعارضتهم، وعلى ذمة النسور فليس هناك طريق آخر، فلماذا كل جولات الحوار التي لن تغني من جوع، ولن تضيف تغييرا على قرار الحكومة؟.

أكثر ما يؤلم في واقعنا أن هناك سياسة تخريب لكل شيء، حتى في طريقة الاستماع إلى آراء المواطنين، فإذا كان المواطنون قد قبلوا في السنوات الأخيرة أن يتم التلاعب والتزوير في أصواتهم التي وضعوها في صناديق الانتخاب، فهل يتوهم أحد أنهم سوف يقبلون أن يتم التذاكي عليهم أكثر مِن ذلك.

صدقوني، إن الجميع يعرفون بالضبط أين يكمن موقع العلة، لكنهم متأكدون أن مِبْضَع الجراح لا يريد أن يصل إلى مركز العِلَّة بالضبط، وإنما يريد أن يبقى يَلفُّ حولها.

العرب اليوم

أضف تعليقك