استراتيجية الدعم ..استحقاق لابد منه
اخيرا بدأت الحكومة تتعامل مع قضية الدعم بطريقة مختلفة عن السابق التي لم تكن تحظى بقبول من اي جهة كانت سواء شعبية ام رسمية ، وذلك بسبب فقدان الثقة في الخطاب الرسمي حول الدعم ، الذي كان يفترض به ان يخفض العجز ، لا ان يتنامى بشكل كبير كما هو عليه الان.
الحكومة تستعد لاعداد خارطة متكاملة حول استراتيجية الدعم من حيث قيمتها الحقيقية ومن الشرائح المستفيدة من ذلك ، تمهيدا للبدء بالية توزيع جديدة من المفترض ان تحقق الهدف النهائي وهو ايصال الدعم الى مستحقيه.
الدعم الحكومي لن ينتهي باعداد هذه الاستراتيجية ، فالحكومة ملزمة بحكم ولايتها وصلاحيتها ومسؤولياتها ان تواصل الدعم لبعض الشرائح التي تستحق الدعم نظرا لظروفها المعيشية القاسية .
وفق النظام الحالي للدعم في الاردن فان جميع من يقطن اراضي المملكة يستفيد من دعم الخزينة ، غنيهم وفقيرهم سائحهم ومغتربهم ووافدهم، علما انه في دول العالم الاخرى هناك اليات دعم تقتصر فقط على شرائح اجتماعية معينة من ابناء البلد نفسه وضمن شروط ومعايير محددة للغاية تستند الى قاعدة بيانات مهمة ودقيقة للغاية عن كل مستفيد من الدعم ؟.
لذلك فان من اولويات استراتيجية الدعم الجديدة التي تنوي الحكومة اطلاقها قريبا ، هو اعداد قاعدة معلومات عن كل المواطنين والمقيمين في المملكة حتى يتسنى تحديد مستواهم المعيشي وبناء عليه يتحدد قيمة الدعم لمن يستحقه .
في الاردن هناك ما يقارب 790 الف شخص يتقاضون راتبا من الخزينة ما بين عامل ومتقاعد في مختلف القطاعات ، وهناك ما يقارب 800 الف يتقاضون رواتب من القطاع الخاص ، وحوالي 155 الفا من الضمان الاجتماعي ، واذا ما حددنا متوسط اجور تلك الشرائح بشكل احصائي استقصائي دقيق فانه من السهولة تحديد من يستفيد من الدعم .
هناك ما يقارب 150 الف شخص في الاردن يعتبرون من درجة الاغنياء الذين لا تنطبق عليهم شروط الدعم ، وهؤلاء فعليا يحصلون على 60 بالمائة من قيمة الدعم علما انهم لا يشكلون اكثر من 5 بالمئة من السكان ، فمن الضروري البدء بهم اولا ضمن اية عملية احصائية مقترحة، بمعنى اذا كانت الحكومة تتعذر في احصاء الشرائح المختلفة في المجتمع لتحديد دخولها فان باستطاعتها وبكل سهولة معرفة الاغنياء ومن يحصلون على رواتب عالية ، لان عددهم قليل ، والاستعلام عنهم بسيط بواسطة الضمان وضريبة الدخل وهكذا.
هناك اكثر من مليوني وافد وسائح للمملكة ، تقدر الاجهزة الرسمية قيمة الدعم المالي الذي يحصلون عليه من الخزينة ما يزيد عن 500 مليون دينار ، وهذا مبلغ كبير يشكل لوحده نصف عجز الموازنة المقدر في القانون ، وبالتالي فان الحكومة باستطاعتها توفير تلك المخصصات لمشاريع تنموية وسداد العجز والتزامات المديونية .
لا غنى عن تغيير الية الدعم الحالية ،لان بقاءها على الشكل الراهن يعني مزيدا من الدين والعجز ، وتراجعا في النمو وتهديدا للاستقرار، ونجاح استراتيجية الدعم مرهونة بايجاد شبكة امان اجتماعي شاملة وجديدة تلبي احتياجات الشرائح الاجتماعية المستحقة للدعم وقادرة على امتصاص تداعيات رفع الاسعار .
الراي