استحقاق أردني جديد للحصاد السوري المر

استحقاق أردني جديد للحصاد السوري المر
الرابط المختصر

في ظل التطورات التي شهدتها ساحة الصراع في سورية خلال الأشهر القليلة الماضية، يدخل الأردن مرحلة جديدة، إضافية، من التحديات، تتمثل في تزايد أعداد الهاربين أو العائدين من مقاتلي "السلفية الجهادية"، من أردنيين أو غيرهم، إلى الأردن، وما يحمله ذلك من تحد أمني كبير، ينضاف إلى مركب التحديات والأزمات التي خلقها الوضع السوري الملتهب منذ نحو ثلاث سنوات.

التوقعات الرسمية والتقارير الصحفية تشير إلى تزايد أعداد من يحاولون ترك "ساحة الجهاد" في سورية، والعودة إلى الأردن، أو الهروب إليها عبر الحدود الطويلة، من قبل غير الأردنيين، وذلك في ظل الحرب الداخلية الطاحنة بين فصائل "السلفية الجهادية"، وتفريخات تنظيم القاعدة في سورية، وتحديدا بين تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) من جهة، و"جبهة النصرة" وبعض القوى الأخرى من جهة أخرى.

هذه الحرب الداخلية الطاحنة خلفت حتى الآن، حسب تقارير، ومنذ اشتداد أوارها في كانون الثاني (يناير) الماضي، أكثر من أربعة آلاف قتيل. وقد ترك قتال "الإخوة" وحرب التكفير والتخوين المشتعلة بينهما، حالة إحباط واسعة بين أعضاء هذه التنظيمات، ويدفع بالعديد منهم إلى الخروج من اللعبة، ومحاولة العودة إلى أوطانهم.

والنتيجة التي لا تقل أهمية أيضا لهذه الحرب الضروس بين السلفيين، هي في زيادة نقاط القوة لدى النظام والجيش السوريين، وتمكينهما أكثر من حسم الصراع لصالحهما في مزيد من رقاع شطرنج الأزمة السورية المفتوحة، ما يدفع فلول مقاتلي المعارضة، خاصة من الوافدين، إلى البحث عن مهرب حدودي، حيث يشكل الأردن أحد المنافذ في هذا السياق.

ولم يعد خافيا أن ثمة تخوفات أردنية من قصة عودة عشرات، إن لم نقل المئات، من مقاتلي السلفية الجهادية من سورية، بعد أن يفشلوا في إقامة "دولة الخلافة" هناك! وما سيشكله ذلك من تحديات أمنية وسياسية، كما جرى في مناسبات و"غزوات" سابقة في أفغانستان والشيشان والعراق، فيما تشكل الحالة السورية بالنسبة للأردن وضعا أخطر في هذا السياق، على اعتبار أن حجم السلاح والمال الذي ضخ في هذه الساحة لم يسبق له مثيل، فضلا عن أن النار مشتعلة في بيت الجيران هذه المرة!

لكل ذلك، قد لا يبدو غريبا التطور النوعي الذي لجأت إليه القوات المسلحة وحرس الحدود الأسبوع الماضي، عندما تصدت بالطائرات الحربية لمجموعة سيارات مموهة، يعتقد أنها لمهربي سلاح، وربما لمقاتلين هاربين، من الجنوب السوري إلى الأردن، وهي ما قرئ فيها رسالة واضحة، بأن الأردن لن يتردد في استخدام كل الأسلحة وبحزم، في التصدي لسيناريو تصبح فيه المملكة منفذا ومهربا للهاربين من مقاتلين و"مجاهدين" وتنظيمات سلفية.

كما يلاحظ في هذا السياق أيضا، تزايد أعداد الإحالات إلى محكمة أمن الدولة لأعضاء التيار السلفي، من العائدين من الساحة السورية. ويمكن أيضا بذلك تفسير توقيت تقدم الحكومة بمشروع قانون مكافحة الإرهاب في هذا الوقت، بما يحمله من نصوص متشددة، لا تقف فقط عند مكافحة التطرف والإرهاب، بل تهدد في بعضها حرية التعبير والعمل السياسي.

بعد الكوارث الاقتصادية والاجتماعية و"الجيو استراتيجية" التي خلقتها الأزمة السورية للأردن، والتي ما تزال كوارث مفتوحة، يأتي اليوم تحدي الاستحقاق الأمني لموسم الهجرة المعاكسة للمقاتلين والسلفيين والتنظيمات، ولتهريب السلاح من "غابة" مفتوحة منذ ثلاث سنوات.

حقا، الأزمة السورية، بتداخلاتها وانفتاحها على كل الأجندات الدولية والإقليمية، باتت منبع كل الشرور في المنطقة، وقد آن الأوان لوقف هذه الكارثة.

الغد

أضف تعليقك