استحقاقات أمام الحكومة
سنة سياسية مهمة ومثيرة تلك التي عشناها في العام الاول من عمر حكومة السيد الرفاعي، وايا كانت تقييماتنا للاداء السياسي لهذه الحكومة، لا بد من الاقرار ان المشهد السياسي الوطني اكثر استقرارا وقربا لروح التقاليد السياسية الاردنية عما كان عليه قبل سنوات قليلة، وان الشخصانية التي استباحت حراكنا السياسي في السابق غدت الآن في حدودها الدنيا؛ لكن معظم الحكومات الاردنية كانت ذات اداء جيد نسبيا في عامها الاول وهي تبدأ بالتراجع في فترات لاحقة وذلك لاسباب عدة يعلوها ربما الثقة السياسية المتوقع ان تتنامى في الاعوام ما بعد الاول.
في قراءة لأهم المفاصل السياسية للعام الماضي بدءا من حل مجلس النواب، مرورا بإقرار قانون الانتخابات، وانتهاء بالانتخابات بكل ما لها وما عليها، يبدو ان الحكومة ستكون امام استحقاقات سياسية مهمة ستتمثل بضرورة مأسسة وتنظيم العلاقة مع مجلس النواب على نحو يهدف لزيادة فعالية الاداء واستدامة الاحترام لممثلي الامة خاصة في ظل غياب المعارضة الاسلامية المنظمة عن هذا المجلس. فالحكومة معنية استراتيجيا بالمواءمة بين دعم مأسسة العلاقة مع مجلس النواب وبذات الوقت تقويته سياسيا من دون تغذية دوره الخدمي الانتفاعي السلبي. هذه مهمة ليست باليسيرة على الاطلاق لكنها ضرورة لا بد منها، ونعتقد ان ترك المجلس يتعامل مع قانون الانتخاب الذي سيقدم له بحرية كاملة بل وتشجيعه على ادخال التعديلات الضرورية عليه سيحقق ولو جزئيا هدف تعزيز هيبة المجلس. التعديل الاهم المؤمل على قانون الانتخاب هو الترسيم الجغرافي للدوائر الفرعية التي رأينا تكلفتها السياسية العالية على مسموعات الاردن، وكانت عبئا على الجميع بما في ذلك صناع القرار الذين اضطروا للتعامل مع التداعيات السياسية الشائكة لهذه الجزئية من القانون.
الحكومة في المرحلة المقبلة ستكون ايضا صاحبة مسؤولية سياسية بالتعامل مع الاستحقاق المؤجل بالمساعدة او تهيئة البيئة التي ستؤدي لتنظيم القطاع الاعلامي والصحافي. ترتيب او المساعدة في ترتيب البيت الاعلامي استحقاق تم تأجيله ونرى ضرورة وتوقيتا مناسبا ان يتم التعامل معه الآن. صحيح ان المشهد الاعلامي يمر بمرحلة هدوء كانت في احيان على حساب سقف الحريات الاعلامية، الا ان مأسسة المهنية السياسية للاعلام ماتزال بحاجة لخطوات جريئة سواء على صعيد الاعلام الالكتروني وغيره بما يوائم ما بين تحقيق مهنية ترفد ولا تنتقص من سقف الحرية المسؤولة.
اما اهم الملفات التي لا بد من جهد سياسي مقدر باتجاهها فتكمن في مسألة التعامل مع مقاطعة الإسلاميين خاصة في ضوء بعض التصريحات غير المدروسة التي خرجت عن بعض قيادات الاسلاميين والتي تحدثت عن خشونة غير مفهومة وغير مقبولة. هذه الحكومة معنية برسم اطار تعامل سياسي استراتيجي مع مقاطعة الاخوان وما قد يترتب عليها، ونعتقد ان من بين صفوفها من يمتلك الخبرة السياسية الكافية لعمل ذلك. تعامل الحكومة مع تصعيد الاخوان للآن واضح ولكنه غير استراتيجي، افتقد لرؤية تتجاوز حدود إظهار القوة السياسية للدولة، إن قرر الاخوان التخشن معها، وقد آن الآوان لاستراتيجية تعيد زمام المبادرة في هذا الامر للحكومة وتجعل الإخوان في موقع الراد على الفعل.
span style=color: #ff0000;الغد/span