ارتفاع مؤشر الفساد.. ومن أين لك هذا !
رتفاع مؤشر مدركات الفساد في الاردن للعام الحالي 2011م بمعدل ست درجات مرة واحدة قياسا عما كان عليه خلال العام الماضي وفقا لاحدث التقارير الصادرة عن منظمة الشفافية الدولية, يعني ببساطة ان كل هذا الحديث الذي لا يكاد ينقطع يوميا عن محاربة الفساد والعمل على مواجهته بشتى السبل والوسائل, لم يؤد الى اي نتائج حقيقية وفاعلة لتحسين صورة الاردن امام نفسه قبل العالم في هذا الشأن بل ان الوانها تزداد قتامة بدلا من تبييض الوجه, في الوقت الذي يقر فيه المسؤولون والمواطنون جميعهم بأن هذه الآفة هي الاشد خطرا على البنية الاردنية ! .
الاردن يحتل بجدارة هذه الايام المرتبة السادسة والخمسين بين دول العالم في مؤشر مدركات الفساد, الذي يعمل على تقويم وترتيب اوضاع هذه الدول, طبقا لدرجة الفساد بين المسؤولين والسياسيين فيها, ويركز على الفساد في القطاع العام الذي يعرفه بسوء استغلال الوظيفة العامة من اجل مصالح خاصة, وهذا ما كشف العديد من الملفات التحقيقية لهيئة مكافحة الفساد ولجان التحقيق النيابية التي لم تصل في معظمها واعظمها شأنا الى درجة الاحالة الى القضاء لاصدار الاحكام فيها, وظلت تراوح مكانها منذ مدة طويلة مما كانت له اثاره السلبية على سمعة البلاد واحوال العباد ! .
من الغريب ان لا يحقق الاردن التقدم ويستعيض عنه بالتراجع في مقاييس الفساد الدولية رغم هذه المنظومة الواسعة المخصصة لمحاربته من التشريعات والجهات الرقابية المتنوعة, وكونه يحتل الواجهة العريضة لجميع المسيرات والاعتصامات وغيرها من احتجاجات تعلو اصواتها في الحراكات الشعبية المتواصلة منذ حوالي العام, والتي لم تجد لغاية الان ما يمكن اعتباره انجازا يطيح بالفاسدين والمفسدين ويخفف من حدة التظاهرات التي ما تزال تحط الرحال متأثرة بالربيع العربي وتفاعلاته التي لا تهدأ ! .
ربما يكون من اهم ما اسفرت عنه مناقشات مجلس النواب مؤخرا البيان الوزاري وحصول الحكومة على ثقة تسعة وثمانين نائبا من بين اعضائه, هو طرح النواب قضية اصدار تشريع يحمل اسم "من اين لك هذا" واعلان الحكومة استجابتها لذلك من خلال احالة مشروع قانون في هذا الشأن الى المجلس النيابي في اسرع وقت ممكن, وفي حال التطبيق الجدي لهذا التوجه الذي طال انتظاره فان معادلة الفساد الحالية قد تجد مخرجا من الطريق المسدود الذي آلت اليه حاليا, لان معظم الفاسدين يحاولون في العادة الاستفادة من الثغرات التي لا حصر لها في القوانين والانظمة السارية ! .
المطالبات باقرار قانون تحت اسم "من اين لك هذا" ليست جديدة بل مضى عليها زمن طويل, من دون التوصل الى توافق على الخروج بها الى حيز التنفيذ لا من قبل الحكومات المتعاقبة ولا المجالس النيابية ذاتها, لان هذا التشريع يفترض ان يشكل مقياسا على حالة اي مسؤول قبل توليه المنصب وبعده, فالامثلة كثيرة والشواهد حية على الكثير ممن كانوا يملكون القليل الا انهم اصبحوا من اصحاب الملايين بقدرة قادر وخلال فترة قياسية امضوها في مراكز عامة, لم يكونوا يخدمون فيها الدولة وانما مصالحهم الخاصة التي اثروا من ورائها على حساب الاموال العامة!
فما هي جدية هذا التوجه .. هذا ما ستكشف عنه الايام المقبلة .. فلعل مؤشر الفساد يتغير نحو الاحسن لا الاسوأ!.
العرب اليوم