إعادة هيكلة رواتب شركات الحكومة
تسود الشركات المملوكة للحكومة وعددها يزيد على الثلاث عشرة شركة عامة حالة من الانفلات فيما يتعلق بتحديد الرواتب والامتيازات، مما يجعلها خارج اطار التشريعات التي تنظم الإدارة العامة وتخضعها إلى قرارات عشوائية أحيانا من قبل مجالس الإدارة والإدارات التنفيذية، وهذا ما يؤدي إلى إنفاق أموال كبيرة من العائدات الحكومية على منافع مُبالغ فيها لتستفيد منها حفنة من النافذين على حساب الفئات العاملة الأدنى مرتبة، التي تبحث من خلال الإضرابات والاعتصامات عن انصافها فيما تقدمه من خدمات بأحور متدنية!
كان من المفترض ان تبدأ الحكومة بعد استكمال اجراءات إعادة هيكلة الرواتب في الوزارات والدوائر والمؤسسات الرسمية التي أصبحت نافذة المفعول اعتبارا من مطلع العام الحالي، في فتح ملفات الشركات الكبرى المملوكة لها من اجل تدارس اوضاعها الإدارية والمالية من مختلف الجوانب، لكي يتم تصويب اية اختلالات في الرواتب والامتيازات الممنوحة فيها لتكون متوافقة مع غيرها من جهات حكومية اخرى لا ان تكون في عالم آخر يرتفع عنها بدرجات كثيرة!
يبدو ان وزارة تطوير القطاع العام في طريقها إلى اتخاذ الخطوات الأولى في هذا الاتجاه من خلال تعميمها على الشركات المملوكة للحكومة بالكامل لتسليم قوائم موظفيها وهياكلها الإدارية إليها تتضمن الرواتب والعلاوات والمسمى الوظيفي للعاملين لها، بهدف ايجاد اطار مرجعي لاعادة تنظيم واقع الفئات والمسميات وسلم الرواتب والامتيازات والعلاوات، وفيما إذا كانت متوافقة مع مثيلاتها من جهات رسمية في القطاع العام، أم انها تتجاوز حدودها في الإنفاق بلا ضوابط يجب ان يتم الاحتكام إليها في صرف الأموال العامة! .
لا شك ان عملية اعادة هيكلة الرواتب وامتيازات الفئات العليا من ادارات الشركات الحكومية لن تمر بسهولة وستواجه تعقيدات وعراقيل كثيرة، من بينها ان لها أنظمتها وهياكلها التي تم تمريرها بقرارات من مجلس الوزراء او مجالس الإدارة التي يترأسها الوزراء في العادة، الا ان ذلك يفترض ان لا يكون عائقا أمام الاستمرار في تصويب الاختلالات الإدارية والمالية في غفلة من الزمن وادت إلى ما أدت إليه تعرض الكثير من هذه الشركات إلى خسارات لا يمكن الاستهانة بها، مع تبديد أموال عامة من ضرائب ورسوم وعائدات للخزينة في رواتب وامتيازات خيالية تصل إلى الآف الدنانير شهريا! .
الدور الرئيسي في هذا الشأن مناط بلجنة لإعادة هيكلة الشركات الحكومية شكلها مجلس الوزراء مؤخرا، لان في مقدمة مهامها إعادة صياغة كافة القوانين والأنظمة التي تحكم عمل هذه الشركات بغية اخضاعها الى نظام موحد، ينهي حالة من التشرذم والتجاوز بين شركة عامة واخرى لان غالبيتها تعتبر نفسها في جزر معزولة عن بعضها البعض وحتى عن جهاز الدولة برمته، مما يستلزم التوصل إلى معادلة منصفة ومتوازنة تنهي حالة من السيطرة على مقدرات عامة واخضاعها لمنافع فئوية على حساب الصالح العام! .
العرب اليوم