إصلاح‎ ‎بلا‎ ‎إصلاحيين

إصلاح‎ ‎بلا‎ ‎إصلاحيين

الإصلاح يقوم على قواعد اجتماعية لديها رؤية واضحة تتحرك لأجلها، وتملك وعيا كافيا لما تحب ان تكون عليه، وتدرك تماما الفرق بين تطلعاتها وواقعها، والمشكلات والأسباب التي أنشأت الفجوة بين واقعها وتطلعاتها.

وعندما نقيم الحراك الإصلاحي القائم في الأردن اليوم فسوف نلاحظ أنماطا من التجمعات تكاد تخلو من شروط ومتطلبات التجمع لأجل الإصلاح، فهناك جماعات جماهيرية تملك مؤيدين وأنصارا ولكنها لا تملك برنامجا إصلاحيا تعمل لأجله، ونجد مجموعات متفرقة من الشباب والمثقفين والمهنيين الذين يملكون رؤية إصلاحية واعية وملائمة ولكنهم لا يعملون ضمن تيارات سياسية واجتماعية مؤطرة ومنظمة ولا تؤيدهم قواعد اجتماعية واسعة من الشباب، فهم في الحقيقة برغم وضوح رؤيتهم وحسن نواياهم لايملكون أدوات تأثير وعمل في الشارع والجمهور، وإذا خرجوا في التجمعات الجماهيرية القائمة فهم في غير مكانهم ولا يستطيعون بطبيعة الحال أن يعملوا وفق حالهم هذا في الشارع والتجمع والاعتصام والتظاهر.

فالجماعات والتيارات المنظمة يجب أن تقوم على تشكيلات من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 – 25 عاما، وتقود هذه الكتلة مجموعة من الشباب الاذكياء والنشطين من الجامعيين وأصحاب المهن والنقابيين والنشطاء ممن تتراوح أعمارهم بين 25 - 40 سنة، وتوجه الكتلة مجموعة لا تزيد نسبتها على 5 في المائة من القادة السياسيين والفكريين ورجال الأعمال.

تحتاج الأعمال اليومية والدؤوبة الى شباب متحمس قادر على الاحتمال الجسدي والنفسي ولا يمكن أن يؤديها الأكبر سنا، وتحتاج المظاهرات والاعتصامات الى شباب عنيد قادر على احتمال الحر والبرد والوقوف الطويل، ويستطيع ان يركض بسرعة اذا هجم الدرك، ولا يهمه أن يأكل اي طعام وينام على الارصفة وفي النظارات، وتكفيه نفقات بسيطة لحياته اليومية.

ولا يمكن أن تعتمد الأعمال الجماهيرية والاعتصامات على مجموعات من كبار السن معظمهم مريضون بالديسك والمفاصل، وإذا بات أحدهم ليلة في السجن يحتاج إلى علاج لمدة سنة، واذا أكل ساندويش فلافل أو قطعة معجنات يحتاج الى غسيل معدة، او يظل أياما وليالي طويلة يعاني من المغص والتلوث، وإذا غاب عن مصالحه وأعماله أكثر من ساعتين تحصل كركبة خسائر، ويحتاج إلى دخل عال ليحافظ على التزاماته الكثيرة وأسلوب حياته، دخل يحتاج إلى أعمال كثيرة ومتعددة ..

أمثالنا لا يصلحون لعمل إصلاحي، يعني راحت علينا، ولم يعد لدينا ما نملكه لأجل الإصلاح إلا ما يحتاجه منا الشباب الواعد والمتحمس.

جميع المبادرات السياسية والاجتماعية والثقافية تقوم على الشباب، ومشكلة العمل الإصلاحي لدينا هي الفصام، شباب بلا مبادرات إصلاحية، ومبادرات إصلاحية بلا شباب.

الغد

أضف تعليقك