إدارة حكومية ضعيفة
دلت الازمات الاخيرة التي احاطت بالامن المعيشي للمواطنين من انقطاع الكهرباء والمياه وارتفاع الاسعار على ضعف الادارة الحكومية في مواجهة اية تداعيات استثنائية قد تتعرض لها المملكة.
ورغم ان طبيعة الازمات الاخيرة تتطلب وجود خطط طوارئ للتحرك سريعا في حال تفاقمها الا ان الوزارات المعنية كانت قد تفاجأت بالازمات وتعاملت فرقها مع تداعياتها بتواضع ان دل على شيء فانما يدل على ضعف القدرات البشرية مصحوبا بسوء التخطيط.
لقد كان واضحا ان الحكومات التي انشغلت في السنوات الماضية بتطوير وتحديث القطاع العام باتت عاجزة عن مواجهة ازمات غير مخطط لها, ولعل ذلك يعود بشكل رئيسي الى هجرة العقول الاردنية التي تأهلت في حضن الدولة وجرى ترحيلها اما قسرا واما عن طريق حوافز التقاعد المبكر وغيرها من الانظمة التي وفرت في النهاية مظلة لخروج الادارة الاردنية, في الوقت الذي بدات الحكومات بالاستعانة بخبراء اجانب وخطط مترجمة واسقاطها على الادارة الاردنية ب¯ "البراشوت" دون فهم لواقع المجتمع ومعطياته.
ثبت فعليا ان برنامج التخاصية الاردني الذي بيعت بموجبه موجودات الدولة بثمن بخس كان بعيدا كل البعد عن تطوير الادارة الاردنية في الشركات التي تم استملاكها من المستثمرين الاجانب, لا بل حتى قضية استقدام الخبرات والتكنولوجيا الحديثة لتأهيل المشاريع المخصخصة ورفع كفاءة الايدي العاملة المحلية كانت حبرا على ورق, بدليل ان تلك الشركات حققت ارباحا خيالية نتيجة طفرة ارتفاع الاسعار من جهة وخطط اعادة الهيكلة التي تم بموجبها الاستغناء عن آلاف الموظفين بعد ان قدمت لهم حوافز مالية لتقاعدهم, واليوم نشهد في تلك الشركات اعتصامات خانقة للعمالة الاردنية التي بقيت تعمل لديها ناهيك عن هبوط في مستوى الخدمات مثل ما حدث في قطاع الكهرباء, وهذا الامر انعكس على التوظيف وتخفيف معدلات البطالة التي تفاقمت في الاونة الاخيرة.
واضح جدا ان هناك فجوة كبيرة بين حكومة الرفاعي وبين المواطنين, فالوزراء متمترسون في مكاتبهم, ولا يزورون المجتمعات الا ضمن زيارات مخطط لها او في حالة حدوث مصيبة وبعد ان تكون قد انتشرت تداعياتها في المجتمع, وهم بشكل عام يفتقدون لسياسة عمل واضحة او خارطة طريق لمهامهم واولوياتهم, وكل ما في الامر هو ان انتظار ما سيحدث مستقبلا للتحرك بعد ذلك على اعتبار ان ردة الفعل وسياسة الفزعة قد يغطي على ضعف ادائها, وقد تنجح هذه السياسة في بعض الاحيان في ظل عدم وجود مساءلة ورقابة على الحكومة.
شكليا من حسن حظ هذه الحكومة انها احكمت قبضتها على وسائل الاعلام الا ما ندر ووضعت يدها على سياسة تحرير الاعلام الرسمي والخاص تقريبا وحاربت المواقع الالكترونية في ظل عدم وجود مجلس نواب يراقب اداءها ويقيمها او قوى رسمية تشاغب عليها او تردعها في بعض الجوانب لذلك هي تتصرف بما يحلو لها دون الالتفاف الى ما يدور حولها من اثار خطيرة في المجتمع تزداد وطأتها يوما بعد يوم.
واقعيا الحكومة بتصرفاتها وسياستها الانعزالية تثير الرأي العام الذي بدات مواقفه تتطور وتتصاعد شيئا فشيئا تجاه الحكومة بسبب الفجوة الشاهقة الآخذة في الاتساع بين المجتمع والحكومة, وبات الامر بحاجة ماسة الى تعاطي مرن مع المجتمع المقبل على انتخابات ملامحها الاولى لا تبعث على الارتياح بعد مقاطعات واسعة اعلنت عنها فعاليات في ظل اجواء استياء تسود مناخ العمل العام.