أيها المارون فوق منصات التخريج .. اجمعوا أروابكم و انتظروا !!

أيها المارون فوق منصات التخريج .. اجمعوا أروابكم و انتظروا !!
الرابط المختصر

دق جرس الهاتف قاطعاً صمت الليل المطبق، ترك مالك الأطباق التي كان مشغولاً بتنظيفها في المطعم الفاخر الذي يعمل فيه على النوبة المسائية؛ لتوفير مبلغ من المال يعينه على إعالة عائلته، لحين توفر وظيفة تلائم تخصصه. كان على الهاتف أحد الزبائن يحجز طاولة؛ ليحتفل مع أسرته بتخريج أحد أبناءه من الجامعة في اليوم التالي. «آه، لقد نسيت!!» – مخاطباً نفسه – «غداً هو يوم تخرجي!!»؛ انهماكه في ساعات العمل الطويلة و التنقل ما بين مكاتب التوظيف و الشركات جعله ينسى موعد تخرجه، قدم التهنئة للزبون، أغلق الهاتف ثم عاد إلى عمله و هو يفكر بأربع سنوات قضاها في الجامعة كرمز للتفوق و النجاح وهو يدرك تماماً أنه سيقضي مثلها تقريباً في البحث عن وظيفة ملائمة تؤمن له عيشاً كريماً بعيداً عن غسل الصحون و العمل في المطعم !!.

أشرقت الشمس على كل من عائلتي مالك و سعيد لكن كانت الحياة مختلفة عند كليهما رغم تشابه الزمان و المكان و حتى تو حد الشمس، استيقظ سعيد من نومه على قبلة حانية طبعتها أمه على جبهته قائلة: لقد تأخر الوقت يا بني؛ اليوم موعدنا مع الفرحة الكبرى بتخرجك. سعيد كان منهمكاً بالتفكير طوال الليل أيضا؛ فهو شاب له طمو حه كما لمالك تمامآ لكن اتجاه الطموح و تفكيره لم يكن منصباً على تقديره المقبول ولا على السنوات التي قضاها في الجامعة يفكر في كل شيء عدا الدراسة !!؛ بل بالسيارة الجديدة التي وعده بها والده و الوظيفة التي " تنتظره " في شركة خاله حال تخرجه !!.

توجه مالك إلى بيته يلفه الحزن، حمل روب تخرجه " الإسرائيلي " !!، عفواً " الجامعي "؛ أعذروني فإسرائيل أصبحت تتدخل في كل شؤوننا من المفاعل النووي السلمي نزولاً إلى أرواب التخرج !!!، استقل الحافلة متوجهاً إلى مكان التخريج وحيداً؛ حيث لم يحضر أحد من عائلته معه فحفل التخريج بالنسبة لهم لا يتعدى كونه أمرآ شكليآ لا يقدم و لا يؤخر .. وهكذا انتهى حفل التخريج دون طعم. عاد إلى عمله في المطعم على النوبة المسائية، علق ثوب تخرجه و ارتدى ثوب العمل، ذهب ليلبي طلبات الزبائن، عائلة سعيد كانت من بين الحضور، ضج المطعم بضحكاتهم العالية و فرحتهم العارمة، نظر مالك إلى نفسه و لسان حاله يقول: لو أن محمود درويش مازال حياً لكتب شعراً و قال:

أيها المارون فوق منصات التخريج،

اجمعوا أروابكم و انتظروا !!

كدّسوا شهاداتكم و خبراتكم في مكاتب التوظيف،

و انصرفوا ..

« و بنحكي معكم !! »