أسود التغيير

الرابط المختصر

كونوا أسودا.. هذه واحدة من العبارات غير المسبوقة في حديث جلالة الملك إلى النواب يوم الخميس الماضي. ومنذ البداية أعطى الملك دفعة معنوية قويّة لهم قائلا إنه يراقب أداءهم وهو متفائل بهم ويرى أنهم يعون جيدا دورهم ومهمّاتهم، وطلب منهم عدم التهيب وفتح أي ملفات يدور الحديث عنها وقد تنطوي على شبهات فساد، كما طلب منهم أن يكونوا قريبين من الناس وأن يذهبوا إلى المحافظات، وأن لا يقتصر الأمر على نواب كل دائرة مع ناخبيهم، بل أيضا على المستوى القطاعي بين لجان المجلس والجمهور، كأن تلتقي لجنة الزراعة مع المزارعين وغير ذلك، وأيضا أن تبث اللقاءات تلفزيونيا أو بصيغة برامج حوارات ميدانية. وحين قال رئيس مجلس النواب إن هناك تفكيرا بهذه اللقاءات لكن بعد انتهاء الدورة البرلمانية الحالية التي ينشغل بها النواب حتّى نهاية آذار، نقر الملك بأصبعه على الطاولة، وقال، بل منذ الآن.

لا شك أن الملك يفكر بطريقة ديناميكية واستباقية فريدة، وهي كفيلة بتمكين الأردن من قطع المرحلة العصيبة الراهنة.

وإذ شعر الملك أن مجلس النواب المنتخب تضررت صورته مبكرا وهو بيت الديمقراطية والتمثيل الشعبي والقناة الشرعية للتغيير بالوسائل السلمية والدستورية، فقد سارع لتقديم أقصى الدعم لهذه المؤسسة وتحريضها على ممارسة إرادتها ولعب دورها كاملا، وعند إحدى المداخلات التي أرادت إظهار مدى الولاء لجلالة الملك بإعلان الاستعداد إذا أراد لإعطاء أقصى ثقة للحكومة، ردّ الملك بسرعة مقاطعا بأن ما يعنيه البرنامج وليس الحكومات.

من جهتهم تحدث رؤساء اللجان النيابية والمكتب الدائم بأريحية وصراحة كاملة كما أراد جلالته، وكانت المداخلات مثمرة وتوزعت على جميع المحاور، والملك يردّ من حين لآخر على نقاط مختلفة مشجعا النواب على المضي قدما. وحول قانون الانتخاب رفع الملك السقف أكثر مما كان في ذهن معظم النواب، قائلا إن الأمر بين أيديهم لإنجاز أفضل قانون ممكن. وعن مكافحة الفساد كرر الملك طلبه من النواب أن يكونوا أسودا، وفي ذهنه أثر الفساد والامتيازات والإثراء غير المشروع على معنويات الناس وثقتهم.

اليوم يعقد النواب اجتماعا خاصا لمناقشة اللقاء مع جلالة الملك، ومع أنه قد تمت تغطية حديث الملك إعلاميا، يستحسن لو أن جميع النواب يتمكنون من الاستماع إلى تسجيل مباشر له. ومنذ اليوم أعتقد أن النواب سيبدأون بثقة وعزيمة انطلاقة جديدة كنواب وطن، يقودون الإصلاح ويفتحون كل الملفات ويواجهون الأزمة بكفاءة وديناميكية.

مصير الحكومة ليس واضحا، لكن المؤكد أنه لا يجوز التحايل على الأزمة بالهروب إلى لعبة تدوير الكراسي، أي جعل التغيير الحكومي هدفا لذاته، وإذا كان رحيل الحكومة واردا في أي وقت فإن أسلوب تشكيل حكومة جديدة هو نفسه يجب أن يتغير وبما يوجه أقوى رسالة للمجتمع حول التحول الجاري في البلاد ولهذا حديث آخر.

الغد

أضف تعليقك