أزمات مستمرة

أزمات مستمرة
الرابط المختصر

غم جسامة التحديات التي عصفت بالاقتصاد الاردني سنة 2009 والتقلبات الحادة التي هوت بالموازنة العامة للدولة وسوق رأس المال الا ان التحديات الحقيقية ظهرت جليا العام الحالي, في الوقت الذي بدأ فيه العالم العودة الى الاستقرار يمر الاقتصاد الوطني بمنعطف جديد.

في العام الحالي اتضح مدى قدرة المسؤولين وراسمي السياسة الاقتصادية في قراءة المعطيات الاقليمية المتسارعة ومدى انعكاسها على الاقتصاد الاردني, وترجمته رقميا في موازنة الدولة وخطط التنمية, ولعل التحدي الابرز الذي واجهته الحكومة هو في كيفية توفير فرص عمل للاردنيين خلال المرحلة المقبلة والحد من تنامي معدلات البطالة التي تزيد اليوم على 13 بالمئة مع وجود ما يقارب الـ 88 ألف خريج من الجامعات والكليات سنويا.

المعضلة اليوم في قضية البطالة هو ان الحكومة اعلنت رسميا ومن خلال الموازنة العامة عدم تمكن القطاع العام من فتح التوظيف في مؤسساته باستثناء قطاعي الصحة والتعليم, والكل يعلم ان القطاع الخاص يعاني اليوم من مشاكل عديدة سواء كانت في القطاعات المالية مثل التأمين والبنوك او في القطاعات الصناعية والعقارية. فجميع المؤشرات الاولية تدلل على تراجع معدلات التوظيف لديه خلال هذا العام لا بل ان الكثير منهم لجأ الى تسريح بعض العاملين لديه لتجنب مزيد من الخسائر ومحاولة تخفيف الانفاق لديه بعد ان هبطت ارباحه وتراجعت انشطته وانخفضت صادراته, وتبين كذلك الارقام الاولية تراجع ارباح معظم الشركات الاردنية بنسبة 15 بالمئة في الربع الاول من العام الجاري.

واذا ما علمنا ان هناك تراجعا كبيرا في الاوضاع المعيشية والوظيفية للمغتربين في الخارج كالاوضاع في اقتصاديات الخليج حيث يتواجد ما يقارب الـ 500 الف اردني يعملون هناك ليسوا على ما يرام, ناهيك عما يحدث في دبي الآن ومدى قدرة الشركات الاستثمارية العاملة هناك العمل بالوتيرة السابقة نفسها ولجوء معظمها اليوم الى اعادة هيكلة قد تطال العاملين لديها لضبط نفقاتها وتقليل خسائرها وتسديد التزاماتها المصرفية المتراكمة. فان مشكلة البطالة في المملكة مرشحة للارتفاع بسبب عوامل داخلية وخارجية معا.

لا شك ان خارطة الاستثمار شهدت تغييرات مهمة لعل ابرزها ما يتعلق بقدرة المملكة على استقطاب استثمارات خليجية تشكل اكثر من 43 بالمئة من ملكية الاسهم في بورصة عمان, فتردي الاوضاع الاقتصادية في الخليج بشكل عام وامارة دبي بشكل خاص سيساهم في وضع القطاع الخاص الخليجي تحت اعباء مالية كبيرة تجعل الاولوية له اعادة ترتيب شؤونه الداخلية وليس التوسع في الخارج, لانه يعاني اليوم من تراجع كبير في قيمة موجوداته مع دخول الاقتصاد في تباطؤ مما سيؤدي الى هبوط صادراته في الوقت الذي تزداد التزاماته للبنوك مع تراكم خسائر محافظه الاستثمارية في اسواق رأس المال, حينها ستكون اولويته تقوية بنيته الداخلية وتأخير انتشاره الاستثماري حتى إشعار آخر, ولا نعلم لغاية الآن هل ادت الحكومة قراءة في المشهد الاستثماري للعام المقبل.

تلك بعض التحديات التي ظهرت العام الحالي في الاقتصاد الوطني والتي من شأنها ان تحد من عملية التنمية وتزيد من وطأة التكاليف المعيشية على الاردنيين وان تمتد تداعياتها للعام المقبل على اقل تقدير, فكيف ستواجه الحكومة تلك التحديات خاصة في ظل تقلبات حادة للمساعدات والايرادات من جهة وعدم وجود مشاريع اقتصادية للبيع من جهة اخرى.