أزمات أسعار ومياه وكهرباء: وماذا بعد؟
لا يجد المواطن وقتا للخروج من اية ازمة معيشية حتى يدخل في اخرى اشد وطأة من سابقتها في مشهد يبعث على القلق حول حقيقة قدرة الحكومة على ادارة قضايا يفترض ان هناك استعددادا مسبقا لمعالجتها.
بعد ازمة الاسعار التي فاقت المعقول في الايام الاولى من شهر رمضان تعيش شريحة واسعة من المواطنين خاصة في المحافظات الشمالية حالة من الظمأ الشديد بسبب نقص المياه, مما يزيد من معاناتهم في الشهر الكريم مع اشتداد موجة الحر غير المسبوقة.
وبدلا من تخفيف وطأة تلك الازمة بمعالجتها يدخل المواطن في ازمة اشد من سابقتها وهي انقطاع التيار الكهربائي بفضل خطة القطع المبرمج التي تنظمها الحكومة لمواجهة الاحمال الكهربائية الزائدة بدلا من زيادة الطاقة الاستيعابية للمحطات وتحصيل حقوق المملكة من الغاز المصري الذي ينقطع على الدوام.
انقطاع التيار الكهربائي تسبب في انقطاع المياه ايضا عن تجمعات عديدة, وساهم في عطب الاف الاجهزة الكهربائية بعد عودة التيار بشكل مفاجئ وقوي, وادت الى اتلاف المواد الغذائية المخزنة للاستهلاك العائلي في رمضان, ولا احد سيعوض هؤلاء المواطنين عن خسائرهم في الاجهزة الكهربائية والمواد الغذائية معا.
يفترض ان القضايا السابقة هي موضع احتراز من الجهات الرسمية لانها ليست مفاجئة لاحد, فالقدرة الكهربائية في المملكة تعمل في مستويات طبيعية, وفي حال اشتداد الحر وزيادة قدوم المغتربين والسواح فان ذلك سيؤدي الى زيادة الحمل, ويفترض من الحكومة التي باعت شركات الكهرباء بهدف زيادة الاستثمار في القطاع كما تقول ان تحاسب الشركات على ادارتها لازمة الكهرباء, فليس من المعقول ان تنسحب الدولة من القطاع وتتركه للشركات التي لم تستثمر بالشكل المطلوب في زيادة قدرة المملكة على تحمل احمال كهربائية جديدة ولا هي وظفت اردنيين جددا لديها بل العكس حدث تم تسريح مئات العاملين فيها بحجة اعادة الهيكلة.
من المفترض ان تكون الحكومة قد اعدت خطة طوارئ لمواجهة مثل هذه الازمات التي تحدث في اي مكان من العالم, لا ان تقوم وقت وقوع الازمة بفزعة ادارية تثير القلق اولا ولا تأتي بنتيجة فاعلة ثانيا, مثل الافلام البوليسية حيث تأتي الشرطة في اخر الفيلم بعد ان يكون البطل قد قتل جميع المجرمين.
ليس معقولا ان يقضي المواطن ايامه في شهر رمضان بالبحث عن سلع في الاسواق باسعار اقل مما هي عليه الان, او البحث عن شمع لانارة منزله, وكأن الشهر الفضيل بات قلقا معيشيا على الاردنيين بتلك الحالات.
الحكومة مطالبة اليوم ان تهدئ روع المواطنين الذين باتوا يشعرون بقلق معيشي واضح في حياتهم اليومية, ويكون ذلك من الانتصار لهم من الشركات بتعويضهم عن الاضرار التي لحقت بهم من جهة ومواصلة الاتصال بالتجار والبحث عن وسائل كفيلة لتخفيض الاسعار وتوفيرها باسعار ملائمة للجميع.
مع زيادة حالات الاعتصامات والمشاجرات هنا وهناك فان المجتمع اليوم للاسف بفضل السياسات الحكومية غير قادر على تحمل مزيد من المفاجآت الجديدة التي تتعلق بأمنه المعيشي, وعلى الحكومة ان تدرك جيدا ان الوضع العام بات مقلقا اكثر مما هي تعتقد ذلك.