#أختاه_ موتي

#أختاه_ موتي

تداولت مواقع التواصل الاجتماعي وسم (هاشتاغ) #أختاه_موتي، وتضمّن في الغالب مبالغات ساخرة لأحكام ونصائح للمرأة حول دورها وحقها في التصرف والحياة، وقد نجح في إثارة العديد من النقاشات ما بين معارض ومؤيد، وما بين مستهجن ومشجع.

يؤسفني أن أقول لكم إن عدداً كبيراً من النساء في العالم أجمع، وفي عالمنا العربي على وجه التحديد، يعشن وفق ما جاء في هذا الوسم، فهن يمتن بصمت كل يوم ألف مرة.

لعل أبرز ما يطرح عند الحديث عن حقوق المرأة في بلادنا هو أن الإسلام كرّم المرأة، وأن أي مطالبات حقوقية تتعلق بالمرأة في ظل هذا التكريم تصبح من باب المغالاة، بل قد يذهب البعض للتأكيد أن أية دعوات من هذا القبيل تكون بلا شك مدفوعة بأجندات غربية أو أفكار مستوردة أو هجينة على مجتمعنا المحافظ.

لقد استمعت إلى هذه الاتهامات مراراً، إذ تتكرر مقولة "الرجال صار لازم يطالبوا بالمساواة" يرافقها استنكار أو ضحكة ساخرة. ولا يدور في خلد هؤلاء أن يتمعنوا واقع النساء في العالم العربي، وكثيراً ما يكتفون بصورة معينة مرسومة في خيالهم، أو يبنون حكْمهم بناء على شريحة ضيقة من المجتمع.

لعل ما أواجهه في عملي يومياً، يجعل هذه التوصيفات المتواترة حول المرأة مجرد نكتة سقيمة، فَكم من امرأة اضطرت للتنازل عن حضانة أطفالها بسبب ضآلة النفقة المحكوم بها، وكم عانت أخرى للحصول على موافقة طليقها الغائب لإجراء عملية جراحية لطفلها المريض لأن القانون يتطلب موافقة الولي. وكم استمعت لقصة امرأة معنفة تقبل العنف في منزل الزوج لإدراكها أن المجتمع أكثر تعنيفاً لها إن وسمت بـ"المطلقة".

العدالة ليست قيمة مستوردة، والحق في الاستقرار والعيش بحرية وكرامة ليست أفكاراً هجينة، بل هي متأصلة في ديننا وحضارتنا، غير أن البعض للأسف، لا تهتز مشاعره لإهدار العدالة والكرامة كل يوم، ولا ينزعج من انعدام الشرف إلا إن تعلق بلباس المراة أو سلوكها.

علينا أن نعترف أن جهود الحركات النسوية - وإن حققت مكتسبات للمرأة على مدى عقود طويلة - قد فشلت أن تكون حركات تنويرية حقيقية تعبر عن النساء كافةً، في مختلف المجالات والشرائح الاجتماعية، بحيث أصبحت تلك المكتسبات اليوم في أكثر أوضاعها هشاشة، وهي أول ما سيجري التضحية به على مذبح الظروف الاقتصادية والسياسية المتدهورة.

ولتجنب ذلك، لابدّ من إعادة تشكيل الرسالة المتعلقة بحقوق المرأة سواء في عقول النساء أو الرجال، وتصويرها على حقيقتها وجوهرها بأنها مطالبة بالعدالة الاجتماعية والتكافؤ والتكامل بالأدوار، فالمرأة إنسان أولاً وأخيراً، ولها الحق بالكرامة الإنسانية على صعيد حياتها الشخصية، كما لها الحق بالمشاركة والاختيار في الشؤون العامة والحياة السياسية.

لن يستفيد المجتمع من تهميش أي من مكوناته، ومن يقبل انتقاص حقوق المرأة لأنها "أقل أهمية" سيقبل تباعاً انتقاص حقوق الفئات المجتمعية الأخرى وصولاً لأن تصبح كل الحقوق قابلة للمساومة.

 

  • ناشطة حقوقية. عضو مؤسس والمديرة التنفيذية لمركز العدل للمساعدة القانونية.

 

أضف تعليقك