أبو خالد العملة، في ذمّة الله والتاريخ

أبو خالد العملة، في ذمّة الله والتاريخ
الرابط المختصر

برحيل المناضل والقائد العروبي "أبو خالد العملة"، يخسر المشروع الوطني الفلسطيني قامة نضاليّة فكريّة قِيَميّة كبيرة، وربّما قلّ نظيرها؛ مثلما يخسر النضال العربي قياديّاً، محترماً، وصلباً، أفنى حياته وكل جهده وجهاده، في سبيل عروبة القضيّة الفلسطينيّة، وبوصفها عنواناً وحدويّاً وجزءاً من مشروع التحرّر والوحدة والمجابهة، لا أداة تفريق ومساومة وانفصال. وأيضاً، يفقد الأردن، برحيل العملة، صوتاً ضميريّاً، وموقفاً نضاليّاً، فلسطينيّاً؛ جابه على مرّ السنوات الماضية كل دعوات التوطين والتحايل وتصفية القضيّة الفلسطينيّة.

أبو خالد العملة، حالة عروبيّة فلسطينيّة، امتازت بالكبرياء، في زمن الانكسار. وقد ساهمت منظومة أخلاق أبناء الخليل، الصارمة، وتقاليد وقيم القوّات المسلحة الأردنيّة، المنضبطة، في تشكيل ملامح هذه الشخصيّة النضاليّة، فكان الأكثر جدّيّة، والأوضح رأياً والأصلب في الدفاع عن الموقف. وقد تميّز خلال العقود الماضية، بوصفه قائداً مثقفاً، ينشغل بالتحليل السياسي الاستراتيجي، ويصدر عن قراءات معمّقة، لا عن انفعالات آنيّة، أو تطوّرات لحظيّة، هنا أو هناك. ولذلك، دفع العملة الثمن مضاعفاً، وقدّم من موقع المناضل المثقف، المنسجم مع انحيازاته العقائديّة، إسهامات فكريّة مهمّة، وأسس لمنهج تحليلي لا يجوز غض النظر عنه في قراءة مستقبل المشروع الوطني الفلسطيني.

تعرّفت على الراحل العملة، في دمشق، عام 2000م، بدعوة كريمة منه، وبترتيب من الأخ والصديق إبراهيم عجوة، أحد أكثر المخلصين لنهج ومنهج الراحل العملة. وفي شقته المتواضعة جداً، وأكثر ممّا يخال البعض، جرى حديث حميم حول الأردن، وحول الجيش العربيّ، وحول الشخصيّة الوطنيّة الأردنيّة. تحدّث أبو خالد، بكل الاحترام والإجلال، عن شخصيّات وطنيّة أردنيّة من نمط الزعيم الكبير المرحوم حسين باشا الطراونة، مؤكداً الدور المحوري الذي لعبه ورفاقه الزعماء العشائريين الأردنيين في مجابهة المشروع الصهيوني، وإعاقة تمدّده، وفي دعم وإمداد مسيرة النضال العربي الفلسطيني.

خلال الأعوام الماضية، عاش أبو خالد العملة ظروفاً قاسية، وأصعب ما فيها النكران والجحود، من قبل البعض. ولكنه، وفي كل لحظة من لحظات حياته، كان إيجابيّاً، متفائلاً، منشغلاً بالقراءة والتحليل والتواصل مع كلّ الطاقات الإيجابيّة، ليبثّ هذه الروح بثقة المؤمن بأمّته وبشعبه وبالتاريخ.

رحم الله الفقيد الكبير، ولنا في إرثه وفي منهجه المستمرّ والأبقى، كل العزاء.. وإنا لله وإنا إليه لراجعون.

أضف تعليقك