«موقف أردني»
عندما تظهر بعض الاحداث او الازمات في الاقليم نجد اصرارا كبيرا واحيانا فوق العادة في السؤال بل ادخال الاردن في تلك الازمات والاحداث وتحويله الى طرف ، والغاء المسافة التي تفصلنا عن تلك الازمات.
لن اتوقف طويلا عند الازمة السورية التي كان السؤال خلال سنواتها عن موقف الاردن وهل هو ضبابي او رمادي ، وكأن المطلوب من الاردن اما ان يقاتل في خندق النظام السوري ، او ان يفتح ارضه للمعارضة لتحولها الى معسكرات وبوابات تأجيج للصراع الدموي ، دون ان يدرك البعض ان من حق الاردن ان يمتلك « موقفا اردنيا « يراعي المصالح الاردنية وقائما على رؤية سياسية وانسانية.
خلال الاسبوع الماضي كانت الازمة بين بعض دول الخليج وتحديدا الاشقاء في السعودية والامارات والبحرين من جهة ، وقطر من جهة اخرى ، وكان الالحاح السياسي والاعلامي – وربما ما زال – حول الموقف الاردني ، وكان الامر اشبه بالضغط على الاردن ليأخذ مسارا من الازمة ، وهو ضغط سياسي واعلامي لم تتعرض له دول الخليج الاخرى مثل سلطنة عمان والكويت ، حيث اختار كل طرف منها مسارا وفق رؤيته ، وبخاصة الكويت التي ستستقبل القمة العربية القادمة ، وربما انحازت الى مسار يهدف الى اصلاح ذات البين ، وكما قرأنا في وسائل الاعلام فان سمو امير الكويت قطع رحلة علاجه ليعمل على ايجاد حل للازمة.
وعندما نتحدث عن الضغط فليس من الاشقاء لكنه من اطراف تبحث عن اجابة لسؤال لم يطرح ، فالاردن تربطه علاقة غير عادية وممتدة عبر عقود مع الاشقاء في الخليج ، وكلنا نقدر للاشقاء مواقفهم الداعمة للاردن وفي مقدمتهم السعودية والامارات والكويت ، وهنالك المنحة الخليجية التي اقرتها كل دول الخليج مشكورة ، وهناك مصالح اقتصادية وجاليات اردنية في كل دول الخليج لقيت الترحاب ، وعملت وما زالت لاداء دورها في بناء الدول الشقيقة منذ عشرات السنين.
والاردن لم يتوان يوما عن الوقوف الى جانب الاشقاء في أي مرحلة كان للاردن القدرة على اداء الواجب فيها ، وجلالة الملك يعمل على بناء مزيد من العلاقات مع الجميع ، فالخليج بوابة من بوابات الامن القومي العربي ، ولهذا فالامر اقوى وأهم من احداث قد تكون نهايتها ايجابية وخلافات من مصلحة الجميع ان تزول بما يحفظ امن الخليج ومصالح دوله.
ما يمكن ان يقدمه الاردن لاشقائه أكبر واهم مما يريد البعض ، وهناك موقف اردني عنوانه مصالحنا وحقوق اشقائنا علينا في الوقوف الى جانب المصالح العليا ، والجميع يعرفون الاردن الذي انحاز الى وحدة الارض والمجتمع السوري وحقن دماء ابنائه ، وهو الاردن الذي انحاز الى استقرار وامن مصر ، وهو الاردن الذي لم يتردد في دعم أي دولة شقيقة في الخليج عندما تتعرض للاستهداف ، وهو الاردن الذي يقدر للاشقاء مواقفهم الصادقة ودعمهم الاخوي.
وحتى في ملف الاخوان المسلمين وطريقة التعامل معهم ، فالسؤال الضاغط كان بعد القرار المصري بحظر الجماعة واعتبارها تنظيما ارهابيا ، ثم عاد السؤال قبل اسبوع ، ونسي هؤلاء ان هناك « موقفا اردنيا « ، يتم بناؤه وفق خصوصية الدولة ومصالحها وامنها الاجتماعي ، لكن الاردن من اوائل دول العالم في محاربة الارهاب بكل اشكاله ومصادره ، ولن يرضى بأي استهداف ارهابي او فكر متطرف لاي دولة شقيقة ، لكن هناك « موقف اردني « له خصوصيته.
لعل الاردن من اكثر الدول التي تمتلك مواقف وفق معادلات يمكن فهمها سواء قبلها البعض او رفضها ، وبالتالي فان ما هو مهم ان نتذكره دائما ان هناك « موقفا اردنيا « ، لان نسيان هذه الحقيقة تجعل البعض يتوقع مسارات غير دقيقة للدولة الاردنية
الرأي