مخاوف من وجود شامبوهات مسرطنة تحمل ماركات عالمية تباع في الاسواق الاردنية
العرب اليوم- خالد الخريشا
ما زالت هناك انواع كثيرة من الشامبوهات تباع في الاسواق والمحلات التجارية والبقالات والمولات الكبيرة تحمل ماركات عالمية يتهافت المواطنون على شرائها من خلال العروض المغرية ورخص ثمنها وفي المقابل قامت دول خليجية مجاورة خلال الشهورالماضية بسحبها من اسواقها لانها تحتوي على زيادة من مادة الديوكسان الخطيرة المسرطنة التي تسبب انواعا كثيرة من السرطانات.
العرب اليوم قامت برصد نوعين من ماركة عالمية من ضمن الانواع المحذورة والمسحوبة من الاسواق الخليجية لنتفاجأ بأن نفس الانواع التي تحمل نفس النوعيات والماركات ورقم التشغيلة ما زالت تباع في اسواقنا الاردنية دون رقيب او حسيب لابل ان غالبية الانواع المعروضة للمواطنين تم اخفاء رقم التشغيلة لمحتوى المادة من خلال وضع ( ليبل لاصق) ومع ذلك هذه الشامبوهات اصبحت تباع بكثرة خاصة ايام الجمع على البسطات والباعة المتجولين واسواق الجمعة دون اية رقابة مخبرية من قبل الجهات المعنية.
قلق من وجودها بالاسواق
وأعرب مواطنون عن قلقهم من استمرار بيع هذه المنتجات في الاسواق خصوصا ان الكثير من اصحاب الدخول المنخفضة يقومون بشرائها رغبة في التوفير, وقالت مريم يوسف (ربة منزل) ان المنتجات التي تحتوي على مواد مسرطنة تتواجد في المتاجر التي تسوقها بأسعار تبدو للمستهلك على انها اقتصادية علما بانها في حقيقة الامر تحمل في داخلها الموت للمستهلكين واستهجنت غياب المؤسسات التي تدعي الرقابة عن هذه المنتجات وكيف دخلت الى اسواقنا والى متى يبقى غذاؤنا ودواؤنا رهينة في ايدي الحيتان الذين جلبوا لنا كل امراض الدنيا.
واوضحت يوسف انه بات من الضروري تنظيم حملة على الاسواق الشعبية والمولات والبقالات والتأكد من الانواع التي تم سحبها في الدول الخليجية المجاورة وكذلك تشديد الحملات على صالونات التجميل المغلقة التي اصبحت تبيع المستحضرات بطرق ملتوية.
وتساءل مراد مصطفى اين دور مؤسسة الغذاء والدواء في الرقابة على الشامبوهات ذات الماركات العالمية التي اصبحت تباع بدينارواحد ثمن العبوة الواحدة? واين دور هذه المؤسسة على المنظفات (3) عبوات بدينار تروج لها الصحف الاعلانية? وطالب بالتركيز على هذه المنتجات حتى لا تدخل الى السوق المحلية فيتضرر منها الناس, خصوصا ان هناك شريحة من المستهلكين شديد الحساسية وحتى الان تمتلئ المستشفيات بالمراجعين في امراض خطيرة لا سمح الله.
وليد حسين (مغترب) قال اثناء وجودي في احدى الدول الخليجية حذرت الدولة في ذلك الوقت من وجود مستحضر شامبو عالمي مشهور لاحتوائه على مادة الديوكسان المسرطن وعند قدومي للاردن تفاجأت عند دخولي احد المولات الكبيرة ان هذا المستحضر الممنوع معروض على الرفوف بكميات هائلة وليس رخيصا بل يباع بسعر غال مستهجنا دور الجهات الرقابية الاردنية وعدم وجود تنسيق او متابعة مع المؤسسات الرقابية العربية .
دول خليجية حذرت وسحبت الانواع من اسواقها
دول خليجية مجاورة قامت باجراء تجارب وفحوصات مخبرية خلال الاشهر الثلاثة الماضية على (20) نوعا من الشامبوهات التي تحمل ماركات عالمية معروفة حيث اعلنت لجان مراقبة الشامبو الضار بصحة الانسان والمشكلة من عدة جهات بهذه الدول عن حظر ومنع تداول (9) انواع من الشامبوهات تحتوي على نسبة عالية تزيد على (10PPM) من مادة الديوكسان 1.4 الضارة بصحة الانسان والمخالفة للمواصفات القياسية الدولية والمعايير الواردة بالابحاث, وحذرت وزارات البيئة والصحة بهذه الدول التجار والمستوردين من التعامل مع هذه الانواع بالاعتماد على (رقم التشغيلة) لهذه الانواع مشيرة ان بعض التجار يقوم بتغطية رقم التشغيلة المعتمد دوليا من خلال وضع اللواصق الورقية والليبل اللاصق لاخفائه.
وقد حذر مختصون من خطورة هذه الانواع على صحة الانسان مبينين ان الولايات المتحدة الامريكية قامت بأخذ عينة لاكثر من مئة صنف من منتجات الشامبو واخضعتها للفحص ليتبين احتواء اكثر من 60% منها على مادة الديوكسان وهو ما دعا بعض الدول العربية للتفاعل والكشف عن هوية وحقيقة المنتجات التي لديها وحول اضرار مادة الديوكسان.
واشار المختصون الى نتائج الابحاث التي اجريت في هذا المجال والتي توصلت الى ان مادة الديوكسان من مسببات مرض السرطان الخطير مشيرين الى التقرير الذي اصدرته هيئة الغذاء والدواء في المملكة العربية السعودية في العام 2008 حيث ذكر انه تم تجريبها على عدد من الحيوانات وتبين انها تسبب تلف الكبد وتليف الكلى ومرض السرطان والتأثير على الجسم واصابة التهيج ونوّهوا بان المختبرات ومراكز الابحاث الامريكية واصلت البحث لمدة 21 عاما للكشف عن مخاطر مادة الديوكسان.
من جانبه قال اختصاصي الامراض الباطنية والقلب بمستشفى الزرقاء الحكومي الدكتور محمد الحوامدة ان الديوكسان عبارة عن مادة سائلة شفافة ذات رائحة جيدة وتختلط مع الماء بشكل ممتاز, حيث يتم استخدامها كمادة مذيبة في عملية تصنيع المواد الكيميائية وكعنصر كاشف في المختبرات, وتتواجد مادة الديوكسان ايضا كبقايا ملوثة لبعض المواد الكيميائية في مستحضرات التجميل والمطهرات والشامبوهات, وقبيل ان يتم تصنيع المواد الكيميائية كي يتم استخدامها كمستحضرات منزلية يقوم المصنعون بتقليل كمية الديوكسان الى اقل مستوى ممكن. واذا زاد تركيز هذه المادة على المستوى المطلوب يكون له تاثيرات جانبية.
واوضح الحوامدة ان وكالة حماية البيئة الامريكية صنفت مادة الديوكسان على انها مادة مسرطنة (بعد ان لاحظت زيادة في حدوث السرطان في الدراسات الحيوانية الخاضعة للرقابة) وان الدول المصنعة لهذه المادة تمنع القاءها على الارض غير المخصصة لذلك لانها سريعة الذوبان بالماء ولا ترتبط بسهولة مع التربة وتوثر على المياه الجوفية لانها سهلة الترشيح الى المياه الجوفية, وانها مقاومة لعمليات الترشيح البيولوجي التي تحدث بشكل طبيعي.
منوها ان مادة الديوكسان مادة سائلة عديمة اللون قابلة للاشتعال وتستعمل كمذيب عضوي للدهون والشحوم وبعض المواد العضوية الاخرى. وانه مثبت علميا علاقة مادة الديوكسان بالسرطان خاصة سرطان الجلد و سرطان الجهاز الهضمي والكبد اضافة لسرطان الجهاز التنفسي والبولي وهذه مثبتة علميا على الحيوان اضافة الى حدوث حالات مشابهة في الانسان الذي يتعرض لهذه المادة بشكل كثير ومتكرر وان هيئة الغذاء والدواء في الكثير من دول العالم تقوم بمراقبة الاسواق وتحليل منتجات مستحضرات التجميل دوريا لبيان نسبة تركيز هذه المادة.
وعن التأثيرات الجانبية لمادة الديوكسان اوضح د. الحوامدة ان من ابرز تأثيراتها في حالة الاستنشاق لها يودي الى تهيج الجهاز التنفسي والسعال تهيج العينين - احمرار العينين وتوثر على وظائف الكلى وكذلك على الجهار العصبي المركزي مثل الصداع وقلة الصحيان وايضا على الجهاز الهضمي غثيان, تليف الكبد
بدوره قال مستشار الامراض الجلدية والتناسلية والعقم والعناية بالبشرة د.عبد الحافظ المصري يعتمد التأثير الكيميائي السام للمواد الكيميائية على الجسم على عدد من العوامل اهمها التركيب الكيميائي للمادة والشكل الطبيعي لها (غبار, بخار, سائل) وطريقة دخول المادة الكيميائية للجسم والانسجة والاعضاء التي تتجمع فيها المادة الكيميائية وتركيبتها.
واوضح د. المصري ان بعض الاحماض القوية والقلويات والمنظمات وكذلك المواد الكيميائية التي تدخل في الصناعات المختلفة خاصة صناعة التجميل اذا ما اسيء استخدام نسبة التراكيز فيها فانها تسبب امراضا لجسم الانسان ابرزها التهابات الجلد وتقشيرة وظهور طفح جلدي وبعضها يؤثر مباشرة على العين والجلد وتؤدي الى حدوث التهابات وحروق وبثور في المساحة المعرضة من الجلد.
وبخصوص انواع الشامبوهات الرديئة التي تباع هنا وهناك باسعار زهيدة قال فهذه تحتاج لوقفة من اصحاب الاختصاص المسؤولين عن الملف الغذائي والدوائي لان ابرز تأثيراتها تساقط الشعر الذي احد اسبابه نقص العناصر الداخلة في تركيب الشعر مثل الاحماض الامينية والزنك والحديد ومجموعة فيتامين ز وكذلك المغنيسيوم الذي يجب ان يكون بنسب دقيقة جدا جدا لان اي زيادة او نقصان بهذه النسب يؤدي الى تساقط الشعر.
وبين د. المصري ان استخدام المواد المهيجة والمؤثرة لبصيلات الشعر مثل المواد والعناصر الموجودة في مواد التنظيف وبعض شامبوهات الشعر التي تكون تركيز المواد المنظفة والمعقمة عالية النسبة مما يؤدي الى تهيج وقتل بصيلات الشعر حتى ان اعراضه على الجلد تؤثر ايضا على اي جزء من الجلد تمسه هذه المواد وتؤدي الى تحسس شديد وتهيج وممكن ان تؤدي الى مضاعفات وجود البكتيريا الثانوية.
وأكد د. المصري ان غالبية المراجعين من المواطنين ومن كلا الجنسين تكون الامراض والاعراض تساقط الشعر.
مختصون في الهندسة الكيماوية اوضحوا لنا ان التشغيلة في العرف الانتاجي والصناعي هي كمية محددة من مادة او مواد يتم تصنيعها بخطوة واحدة او عدة خطوات تحت نفس الظروف لتكون متجانسة ورقم التشغيلة هو دلالة عددية او حرفية يعطيها المصنع للتعرف على النوعية وتحديدها والرقم الرمزي هو دلالة عددية او حرفية للتعرف على الصنف.
وبينوا ان عمليات الفحوصات يجب ان تتم من قبل مؤسسة المواصفات والمقاييس والمؤسسة العامة للغذاء والدواء والجمعية العلمية الملكية,ولكن للاسف ان مؤسسات الفحوصات للكشف عن هذه المواد تتقاضى اجورا تتراوح ما بين (100-400) بدل فحص العينات وهذا بحد ذاته منع المستوردين من التوجه لفحص عينات الشامبو او مستحضرات التجميل في هذه المؤسسات الوطنية.
وبينوا انه من السهل جدا تمرير بضائع فاسدة او منتهية الصلاحية من خلال الاستيراد خاصة عندما يتعلق الامر بالشامبوهات وان الكوادر القليلة جدا في مؤسسة الغذاء والدواء اوجدت غيابا كبيرا لانعدام الرقابة في محافظات المملكة لا سيما وان تمركز المؤسسة يكون في منطقة شفا بدران ولا تعرف الكوادر ما يباع في الاسواق في محافظات الجنوب والشمال والوسط.
بدوره قال المدير العام لمؤسسة الغذاء والدواء د. محمد الروابدة ان المديرية تتابع باستمرار وتقوم بحملات مفاجئة ومبرمجة او دورية وشهرية من خلال الفرق والطواقم الصحية التابعة لها بالاضافة الى تعاون فرق الرقابة الصحية والبيئية في مديريات الصحة المنتشرة على مستوى محافظات المملكة لا سيما وان هناك اتفاقية بهذا الخصوص بين المؤسسة ووزارة الصحة.
وأكد الروابدة انه لا تدخل للمملكة بالطرق الرسمية اي مادة من هذه المواد الا بعد طلب التركيبة الاصلية من الشركة الصانعة وبلد المنشأ كما ان مراكز العبور والمناطق الحدودية تتم ادامتها بالفرق التي تقوم بفحص هذه المواد لكن في نهاية المطاف نعتمد على حرص ووعي المواطن ومؤسسات المجتمع المدني والهيئات المستقلة المسؤولة فهؤلاء شركاء لنا في الرقابة.
واضاف الروابدة ان الفرق الصحية تلاحق وتخالف وتحول للجهات المختصة الكثير من المخالفات والتجاوزات التي تقوم بها بعض المحلات خاصة بكبات الشامبو او الاشخاص الذين يقومون بتعبئة هذه المواد بجالونات وعبوات يكون مصدرها نفايات المصانع وحاويات النفايات.
يذكر ان المواد الكيميائية تلعب دورا هاما فى حياةِ كُلّ شخصِ فلقد عرف العالم ما لا يقل عن خمسة الى سبعة ملايين مادة كيميائيةِ مختلفةِ,ينتج منها حوالي 400 مليون طنّ مِنْ المواد الكيميائيةِ كُلّ سَنَة و ذلك للاستخدام الزراعي وكإضافات غذاءِ, مواد صيدلانية, وقود لانتاجِ الكهرباء, منتجات استهلاكية كيميائية, الخ. وتشير تقارير منظمة العمل الدولية ان هناك على الاقل 1.200 مادة كيميائية جديدة كُلّ سَنَة في امريكا الشمالية وحدها.
وفي سياق متصل افادت دراسة نشرت حديثا اعدها اشهر الاطباء الاردنيين في مجال السرطان ان مرض السرطان يسبب 14% من الوفيات في الاردن, التي تبلغ 35 الف حالة سنويا. وقالت الدراسة, التي نشرتها مجلة طبية تابعة لمنظمة الصحة العالمية واستعرضت معدلات وقوع السرطان في الاردن, في الفترة الواقعة من 1996 الى ,2005 انه تم تسجيل 33661 حالة اصابة بالسرطان جديدة خلال هذه الفترة.
وأوضحت الدراسة ان السرطان في الاردن يعد عبئا; لانه يتم تسجيل ما يصل الى خمسة الاف حالة سنويا, موضحة انه, في ظل مرور الاردن بتغيرات ديموغرافية واقتصادية واجتماعية, فمن المتوقع ان تزداد اعباء مرض السرطان خلال العقود المقبلة.
إستمع الآن