نساء "النهضة" تعقد جلسة حول تجربة المرأة في لجنة تحديث المنظومة السياسية ورأيها بمخرجات العمل
قدمت المرأة دوراً إيجابياً في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، وأثبتت أنها تملك من الإمكانيات ما يؤهلها للقيام بمختلف المهام التي توكل إليها، كما كانت توصياتها معززة لمشاركة النساء سياسياً وتحسين البيئة الاجتماعية التي تؤثر على مشاركتهن مستقبلاً، لكن الطريق الذي سلكته النساء داخل اللجنة الرئيسية واللجان المنبثقة عنها لم يكن معبداً بالورود، إذ تطلب ذلك أشواطاً طويلة من المفاوضات والإقناع لإيصال صوتهن وتقديم المقترحات والآراء التي من شأنها تعزيز مفهوم المواطنة ليكون ميزان التساوي بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات.
تجربة المرأة في اللجنة الملكية ووجهة نظرهن بمخرجات العمل كانت تحت مجهر شبكة نساء النهضة يوم الأربعاء الفائت، من خلال ندوة نظمتها الشبكة ضمن سلسلة "لقاء الأربعتين" شارك فيها ثلاث سيدات من أعضاء اللجنة وهن: النائب السابق الدكتورة ديمة طهبوب، ورئيسة لجنة تمكين المرأة المنبثقة عن اللجنة العامة سمر الحاج حسن، والأمين العام لحزب الشعب الديمقراطي الأردني "حشد" عبلة أبو علبة.
مديرة الجلسة الدكتورة سوسن المجالي افتتحت الجلسة باستحضار الشكوك الشعبية حول مدى قدرة لجنة تحديث المنظومة السياسية التي سمتها " لجنة الإصلاح" على إحداث التغيير المطلوب، ربما في محاولة منها لاستفزاز المشاركات للدفاع عن اللجنة وإظهار مدى اختلافها عن اللجان السابقة.
الدكتورة ديمة طهبوب التقطت وصف المجالي "بأنها لجنة إصلاح" لترد بأن المشرع أو صاحب الفكرة كان ذكياً باختيار المسمى ، لأن تجربة الأردن بدأت قوية، ففي عهد الإمارة كان الأردن سياسياً حزبياً برلمانياً لكننا تراجعنا في وقت كان يجب فيه أن نتقدم، ولذلك كان هناك ذكاء في تسمية اللجنة بلجنة تحديث وليس لجنة إصلاح".
" الحل في أن يسود مفهوم المواطنة الذي ينظر إلى الإنسان على أنه مواطن أردني بمنأى عن جنسه "، وفقاً لطهبوب التي أشارت إلى التقصير في إعطاء المرأة وضعها ومكانتها في مناهجنا التعليمية ومجتمعاتنا وإداراتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولذلك جاءت الكوتا في محاولة للتعويض ومعالجة هذا الأمر. أما قانون الانتخاب فهو "بيضة القبان" في عمل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية من وجهة نظر طهبوب، لأنها تعتبر أن توجه الشعب نحو قانون انتخاب مُمَكن للإرادة سيحلُ الكثير من المشاكل وعلى رأسها الفساد السياسي والاقتصادي والمشاكل الاجتماعية.
غير أن سمر الحاج حسن ركزت في مشاركتها على النهج الذي اتبعته لجنة تمكين المرأة بالتواصل مع اللجان الأخرى داخل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية ومع المجتمع ومنظمات المجتمع الأردني والناشطين والناشطات، حيث كان عنوانه الانفتاح والاستماع بعناية شديدة لكل وجهات النظر، كما وضعت لجنة تمكين المرأة ممثلة لها في لجنتي الأحزاب والانتخاب، وهذا التواصل ضمن لها التشاركية في اتخاذ القرار ومعرفة ما يجري في اللجان الأخرى.
ركزت لجنة تمكين المرأة مهامها على تقديم توصيات للجنتي الانتخاب والأحزاب من شأنها تمكين وصول المرأة إلى مجلس النواب، وأن يكون لها دور أساسي في الحياة الحزبية، هذا ما أكدته الحاج حسن التي شددت على أن اللجنة ركزت أيضاً على استخدام مصطلح "المواطنة الأردنية" وليس المرأة في التوصيات، فمفهوم المواطنة يجعل للمرأة حقوق وواجبات متساوية مع الرجل وفقاً للدستور.
وفي محاولة لوضع حد لوصول المرأة إلى المجالس النيابية عن طريق الكوتا، وهي موضع الانتقاد القديم الجديد بالنسبة للحركة النسائية في الأردن، فقد حرصت لجنة تمكين المرأة على زيادة تمثيل النساء في المجالس النيابية عن طريق نظام انتخابي جديد ومُمَكن لوصول المرأة إلى هذه المجالس، كما حرصت على وضع أرقام حول نسبة تمثيل النساء التي تريدها في المجالس المنتخبة والمعينة بحيث لا تقل عن 30%، وكان يجري نقاش داخل اللجنة بأن النسبة يجب ألا تقل عن 50% لكن اللجنة –وفقاً للحاج حسن- حرصت على أهمية اللغة والتدرج في الخطاب السياسي للوصول إلى الـ 50%.
"مشاركة 18 سيدة من أصل 92 في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية وتوزيعهن على كل اللجان المنبثقة عن اللجنة الرئيسية بمثابة الشهادة أن لدى المرأة طاقات وإمكانيات تؤهلها لكل المهام"، بهذه الكلمات بدأت عبلة أبو علبة كلامها مؤكدة أن الحوار هو السبيل الوحيد لحل أزمات الوطن، فالسبيل الآخر هو الاقتتال الذي لا نريده ولا نتمناه، في محاولة من أبو علبة لتوضيح سبب تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية التي جاءت متماهية مع المطالب الشعبية بإجراء حوارات وطنية حول مختلف الأزمات في الأردن.
وكان "عدم فتح المواد الدستورية وتفعيلها" من أكبر العقبات التي واجهت عمل النساء في اللجنة وخاصة المادة 6 التي تنص على أن الأردنيين أمام القانون سواء ولا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين ، إذ ترى النساء في الأردن أن المواطنة المتساوية بينهن وبين الرجال غير موجودة بالرغم من وجود هذه المادة، لذلك جاء تأكيد عبلة أبو علبة على ضرورة وجود نص دستوري يضمن المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، فبدون نص دستوري لا يوجد حماية.
وبعد تجربة امتدت لنصف قرن في العمل الحزبي، وصلت أبو علبة إلى قناعة مفادها أنه لا يمكن الفصل بين حقوق المرأة والحقوق الديمقراطية العامة، فإذا توصلنا إلى قانون ديمقراطي سواء في الانتخاب أو الأحزاب فستكون هذه الأرضية الملائمة للتقدم نحو الحقوق الطبيعية للمرأة.
وإذا كان العنوان الرئيسي لجلسة "لقاء الأربعتين" يتعلق بتجربة المرأة في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية ورأيها بالتجربة، فإن النقاشات التي جرت بين الحاضرات والمشاركات قادت الجلسة إلى عنوان أكبر يتمثل بأهمية المساواة والمواطنة، فالأحقية للمواطن حسب كفاءته ووطنيته وحسه، وليست للمواطن حسب جنسه .