ندوة للمركز الكاثوليكي في أسبوع الوئام بين الأديان ويوم الأخوّة الإنسانيّة
عقد المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، بالشراكة مع كاريتاس الأردن، اليوم الخميس، ندوة بعنوان "تمتين الأخوّة عبر الفن والثقافة"، والتي عقدت في قاعة كرم امسيح التابعة لكنيسة اللاتين في منطقة تلاع العلي، بمناسبة أسبوع الوئام بين الأديان ويوم الأخوّة الإنسانيّة، بحضور سفير دولة الإمارات العربيّة المتحدّة لدى المملكة سعادة أحمد علي محمد البلوشي، وعدد من النواب ورجال الدين الإسلامي والمسيحي، ومدراء المؤسسات الفكريّة والثقافيّة والإنسانيّة في المملكة.
افتتحت الندوة بتحيّة السلام الملكي، وألقى راعي الكنيسة المارونيّة الأب جوزف سويد مقطعًا من الإنجيل المقدّس، والشيخ عبدالله جابر مقطعًا من القرآن الكريم.
وأشار مدير المركز الأب د. رفعت بدر في كلمته الترحيبيّة بالحضور إلى أنّ أسبوع الوئام بين الأديان قد أُنشىء بمبادرة أردنيّة صادقت عليه الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالإجماع، وذلك لأنها تدرك أهميّة هذا الأمر، وأنّ الدولة الأردنيّة التي تقدّمت بهذا الاقتراح أرادت أن تعكس الصورة الأردنيّة، والحياة اليوميّة، لتتحوّل إلى مبادرة أمميّة تُحيا في الأسبوع الأول من شهر شباط من كلّ عام.
ووجّه الأب بدر تحيّة لجلالة الملك عبدالله الثاني الذي أنتج هذه المبادرة، ولشعبه الوفي بإنجازات الأردن على مدار مئة عام من عمر المملكة، ولستين عامًا من عمر جلالة الملك، ومنها هذه الصورة الحضاريّة التي وُسمت على جبين الأردنيين بأنّ الدين إخاء وموّدة وسلام، مؤكدًّا بأنّ هذه المبادرة الأردنيّة الهاشميّة الرائدة قد صنعت من وئام العالم والأديان، مدرسة عالميّة، يزداد تلاميذها ومعلموها يومًا بعد يوم.
كما لفت إلى أنّ اليوم الدولي للأخوّة الإنسانيّة هو استذكار للوثيقة التاريخيّة الموقّعة في أبوظبي بين قداسة البابا فرنسيس وفضيلة شيخ الأزهر أحمد الطيّب عام 2019. ويُحيا هذا اليوم بعد مصادقة الامم المتحدة أيضًا على مبادرة من أربع دول شقيقة، هي المملكة العربيّة السعوديّة ودولة الإمارات العربيّة المتّحدة وجمهوريّة مصر العربيّة ومملكة البحرين، مشيرًا إلى أنّ الوثيقة تدعو الفنانين إلى تمتين الأخوّة عبر الفن والثقافة، من خلال تعزيز قيم السلام والعدل والخير والجمال والعيش المشترك في أعمالهم.
وتمّ عرض فيلم من إعداد المركز الكاثوليكي حول أسبوع الوئام بين الأديان ويوم الأخوّة الإنسانيّة. كما تمّ عرض فيلم آخر تحدّث عن واحد من مشاريع الكاريتاس الأردنيّة الخيريّة وهو تعليم الموسيقى للأطفال كمشروع ثقافيّ وإنسانيّ في خدمة السلام.
من جهته، دعا القائم بأعمال السفارة البابويّة في الأردن المونسنيور ماورو لالي إلى تعزيز ثقافة الأخوّة في المجتمعات بدلاً من ثقافة الخوف من الآخر أو إقصائه، مشيرًا إلى أنّ الوباء الحالي ليس المرض الوحيد الذي يجب مكافحته، حيث سلطت الجائحة الضوء على أمراض اجتماعيّة أوسع، ومنها مرض الرؤية المشوّهة للفرد، وهي نظرة تتجاهل كرامته وعلاقته الإنسانيّة.
ولفت إلى أنّ رسالة قداسة البابا فرنسيس "كُلّنا أخوة وأخوات"، ووثيقة الأخوّة الإنسانيّة، تشدّدان بأنّه لا بديل عن تمتين قيم الأخوّة الإنسانيّة للسير قُدمًا نحو الأمام، فالمستقبل يجب أن يحمل معه علامة أمل في العيش المشترك والتضامن والتعاون بين الجميع، مؤكدًا على أهميّة الدور التي تلعبه الأديان في هذا السياق في تأسيس ثقافة تكون الأخوّة منهجها، وتسعى دائمًا نحو الخير الإنسانيّ الحقيقي.
وألقى الشيخ الدكتور حسان أبو عرقوب، كلمة دائرة الإفتاء الأردنيّة، بيّن فيها أنّ الإسلام قد بنى أحكامه على عدّة قواعد من أهمّها أنّ هذا الإنسان مكرّم؛ "ولقد كرّمنا بني آدم"، وهذا الإنسان يشمل الجميع، فكلّ إنسان يستحق التكريم بحكم إنسانيته. كما أشار إلى قاعدة ثانيّة هي "لا إكراه في الدين"، وكأن المشرّع يقول بأنّ وجود الاختلاف في الأفكار والأديان والمعتقدات هو أمر طبيعي. كما أورد قاعدة الحوار كأرضيّة مشتركة للعمل من أجل الصالح العام للمجتمع والوطن والإنسان.
وقال: لقد استوعب الأردن ككقيادة وشعب هذه القواعد، من خلال أنموذجه في العيش المشترك، وقد أراد جلالة الملك عبدالله الثاني أن يصدّر هذه التجربة الأردنيّة للإنسانيّة، وكان على ثلاث مراحل: داخل الخطاب الإسلامي نفسه من خلال إطلاق "رسالة عمّان"، ثمّ الإسلامي المسيحي من خلال مبادرة "كلمة سواء"، ثمّ كان الخطاب إنسانيًّا من خلال أسبوع الوئام بين الأديان، مشددًا بأنّ هذه المبادرات هي إنعكاس للتعاليم الدينية وللعيش المشترك.
وألقى د. عامر الحافي، ممثّل عن المعهد الملكي للدراسات الدينيّة، كلمة أكد فيها بأنّ الوجود الإنسانيّ في العالم أراده الله عزّ وجلّ من أجل المحبّة، داعيًا إلى ضرورة استخدام الفن والموسيقى من أجل الوصول إلى الأخوّة وتدعيمها.
وهذا وقدّمت عدة مداخلات من قبل الحضور شدّدت على ضرورة تعزيز قيم الوئام والأخوّة في المجتمع، من خلال المناهج الدراسيّة في المدارس والجامعات، أهميّة ودور الإعلام والمبادرات الشبابيّة في هذا السياق، مقدمين العديد من الأمثلة التاريخيّة لاستخدام الفن والثقافة كطرق إيجابيّة في تدعيم هذه القيم. كما قدّم الأستاذ نزيه باسيل حدادين خبرته اليوميّة في العيش المشترك في الأردن.
هذا ودعا البيان الختاميّ الصادر عن الندوة العاملين في مجال الفن والثقافة إلى المساهمة، عبر أعمالهم ونشاطاتهم، لخدمة قيم الوئام والأخوّة، وإلى استخدام الفن والثقافة، بأشكالها المتعددة، في تمتين غرس الصداقة بين البشر المتساوين في الكرامة الإنسانيّة، وفي العبادة لله الواحد، الخالق والمُحب للجميع دون استثناء، مشجعًا كلّ مبادرة من شأنها تقريب الناس ومضاعفة التفاهم والتعاون والأخوّة بينهم في خدمة الإنسان والإنسانيّة.