بيان صادر عن مجمع اللغة العربية الأردني احتفاءً باليوم العالمي للغة العربية
منذ دخولنا العصر الحديث، زادت التحديات على اللغة العربية التي فرضها هذا الواقع المتسارع، بمستجداته واختراعاته وعلومه الجديدة المتعطشة لأساليب ومصطلحات وإصداراتٍ تخدمها بلغتنا القومية، من دون إخلال أو تفريط في الأصول، خاصةً أن العربية القاسم المشترك بين جميع لغات الشعوب الإسلامية وعددها يزيد على المليار نسمة، وهي ضرورية لمعرفة إنجازات حضارات الأمم الأخرى التي حفظتها عن طريق الترجمة والتعريب.
وفي ظل هذه التحديات نهضت هذه الأمة العظيمة بكل إخلاص وتفانٍ لخدمة العربية وعلومها، بجهود صامتة، بذلتها مؤسساتها ومراكزها تواصلاً مع الآخر وإحياءً للتراث ومساهمة في إنشاء جيل واعٍ لأهمية لغته معتزّاً بها وبانتسابه إليها هوية وإرثاً وحضارة، وإسهاماً في حوسبتها لتلحق بركب اللغات المتقدمة وتواكب ثورة المعلوماتية وعالم الذكاء الاصطناعي، واعتناءً بما يقدّم في مجال الناطقين بغيرها بصورة مشرقة ومشرّفة للعربية وأهلها، دون أن تنتظر مقابلاً من أحد؛ لأنها تؤمن أن خدمة هذه اللغة المباركة لغة القرآن الكريم والحديث الشريف فرض عين على كل فرد من أبنائها، وأنّ وجودها ضرورة قومية.
لهذا، اخترنا أن يكون شعارنا في اليوم العالمي للغة العربية هذا العام (المجامع العربية ضرورة قومية)، ليس تأكيداً لدورها فحسب، بل ليكون دعوةً لجميع محبي العربية والحريصين عليها؛ لاستكمال هذه الرسالة السامية، والإسهام فيها على أسس مؤسسية راسخة، توحّد الجهود وتأخذ بكل الأسباب المتاحة.
وعلينا أن نعترف اليوم بأنّ العربية تتقدم في عوالم الحياة كافّة، إلا أنها تحتاج إلى تعزيزها وترسيخها في نفوس أبنائها وظهورها جليّة سليمة في إعلامنا وشوارعنا ومدارسنا وجامعاتنا ومناهجنا، لتصمد أمام مزاحمة لهجات محلية ولسان غير لساننا، وهذا يتطلّب تضافراً للجهود العربية على الصعد كافّة، خاصة في المجامع وتعزيز دورها الذي يزداد يوماً بعد يوم.
في هذا السياق، ظل الأردن سبّاقاً في ريادة التعلم والتعليم، وأداء دوره في معركة الفكر العربي رغم شح الإمكانيات. وهو اليوم معوّل عليه في تقديم نموذج مشرف آخر في نصرة العربية من خلال تفعيل قانون حماية اللغة العربية الذي نعده متوافقاً مع أرواحنا وتراث هذه الأمة ومستقبلها.
ونحن ننتهز هذه الفرصة لتجديد الدعوة إلى الالتزام التام بمواد هذا القانون الذي ما يزال يشكو الإهمال والتجاهل. لذلك، كما نجح المجمع في استصدار هذا القانون عام ٢٠١٥م، فإنه سيحرص على استكمال مسؤوليته العلمية تجاه أمته بالعمل على تطوير هذا التشريع وتعزيزه بالأنظمة والتعليمات، وتلك معركة صامتة أخرى نأمل أن نوفّق فيها.