انطلاق أولى جلسات الحوار السياسي المخصصة لأعضاء البرلمان الأردني
في إطار مشروع " تشجيع الحوار السياسي بين المجتمع المدني والبرلمان الأردني" بدعم من صندوق الأمم المتحدة لدعم الديمقراطية نظم مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان الندوة الحوارية الأولى من سلسلة حوارات المشروع والتي شارك فيها ستة عشر عضواَ من أعضاء مجلسي النواب والأعيان لمناقشة تشريعات حرية الرأي والتعبير، تحت رعاية عطوفة المهندس عاطف الطراونه رئيس مجلس النواب، وذلك يومي الجمعة والسبت 26 و27/ تموز 2019 بفندق هلتون البحر الميت، حيث قام بتسيير الحوار د.محمد الطراونة عضو المجلس العلمي للمركز ود.منال المزاهره/ استاذة الإعلام في جامعة البتراء.
وقد استهلت الندوة الحوارية التي شارك فيها مندوبتان عن المكتب الرئيسي للأمم المتحدة في عمان بكلمة توجيهية من الدكتور النائب نصار القيسي نائب رئيس مجلس النواب الذي بدوره ألقى كلمة راعي الندوة، حيث أعرب عن ترحيب مجلس النواب بفكرة مشروع الحوار الاجتماعي الذي ينظمه مركز عمّان لدراسات حقوق الإنسان، منوهاً إلى أهمية المخرجات المنتظرة والتي من شأنها العمل على تعزيز تشريعات حقوق الإنسان. كما استعرض د. القيسي عمل المجلس خلال الدورة الماضية وتوقف طويلاً عند المبررات التي استند إليها مجلس النواب لرد مشروع التعديلات الأخيرة على قانون الجرائم الالكترونية، لما تحمل من عناصر كثيرة من شأنها المساس المباشر بحقوق أساسية للمواطن.
وبيّن د. القيسي أننا بحاجة اليوم "إلى رسالةٍ إعلاميةٍ هادفة، تنقلُ الحقيقة وتبتعدُ عن الإشاعةِ والتصيّد وتبترها في مكانها، فكلنا في هذا الوطن نجتهدُ ما استطعنا لخدمةِ بلدنا، وكلنا في خندقِ الدفاعِ عن الأردن، حيث تعلمونَ طبيعةَ الظروف المحيطة، وأهميةِ تكاتفنا صفاً واحداً خلف قيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، لتبرز أمامنا أيضاً أولويةُ الالتزامِ بالمعاييرِ المهنية والأخلاقيةِ ودعمِ المبادرات والمنصات الهادفةِ إلى نشر الوعي بخطورة الشائعاتِ والأخبار الكاذبة بجميع أشكالها وكذلك تصحيحُ الأخبارِ التي تمس أمن المجتمعِ وتزرع الفتنَ والأفكار الظلامية".
وتلاه د.نظام عساف مدير مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان الذي قدم شرحاً مفصلاً عن أهداف المشروع وبضمنها أهداف جلسات الحوار الاجتماعي الأربعة مع مجلس النواب والرهانات المستقبلية عليها للنهوض بالتشريعات الوطنية ذات الصلة بحقوق الإنسان والارتقاء بها إلى مصاف التشريعات الدولية، وفق أسس سليمة تتماشى مع المعايير الدولية والخصوصية المحلية، مؤكداً على أن المركز سيقوم بتوجيه المخرجات النهائية لجلسات الحوار الاجتماعي إلى كافة الجهات الرسمية المعنية بالحوار وإلى كل المهتمين بالحوار الاجتماعي وكافة الشركاء الاجتماعيين.
وأشار د.عساف إلى أن جلسات الحوار ستناقش أربع موضوعات تتعلق بتشريعات حرية الرأي والتعبير والحق في الحياة وحقوق المرأة والحريات الأكاديمية والتي لن تقتصر على الحوار بين النواب فقط، بل وستشمل أيضا حوارات مع أصحاب المصحة وبخاصة المجتمع المدني، لافتاً إلى أن ما يميز هذا الحوار عن ما سبقه هو إشراك 200 طالب جامعي من مختلف الجامعات الأردنية بالحوار لكونهم يشكلون جسر العبورمن الحاضر نحو المستقبل.
وقال عساف ولكون حرية الرأي والتعبير موجودة في صميم تطلعات الشعب الأردني فقد تم تخصيص الجلسة الأولى لها، وذلك إيماناً بما يلعبه الحوار الاجتماعي من دور رئيسي وأساسي في تعزيز التقدم الإجتماعي والإقتصادي، على اعتبار أن حرية الرأي والتعبير لها دور أساسي في أي محاولة تهدف إلى بناء مؤسسات ديمقراطية وقطاعات أكثر إنتاجية وفعالية واقتصاد أكثر عدالة وكفاءة.
ومن جهتهم قدما ميسرا الندوة الدكتور محمد الطراونة والدكتورة منال المزاهره استعراضاً شاملاً للقوانين الناظمة لحرية الرأي والتعبير وأفردا مساحة واسعة لنقاش قانون الجرائم الالكترونية للعام 2015 والتعديلات الأخيرة التي تقدمت بها الحكومة إلى مجلس النواب، والذي تم رده من مجلس النواب لعدم قناعة المجلس بالمبررات التي ساقتها الحكومة للتعديل.
وفي تفاصيل الحوار، أقر النواب والأعيان المشاركون بوجود استخداماً غير صحيح لوسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يبرر أهمية وجود ضوابط قانونية تحكم هذه الوسائل وتحمي السلم المجتمعي من العبث، إلا أنهم لا يرون بان الحل يكمن في تغليظ العقوبات، كما تحاول الحكومة وتأمل من التعديلات المدرجة على القانون.
وأشار النواب إلى أن هناك أسباباً موضوعية تجعل المواطن الأردني يجنح خلال التعبير عن رأيه، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، ضعف الدور الرقابي لمجلس النواب، وفي كيفية تفعيل الولاية لسلطات الدولة وإدارتها، حيث تمارس الحكومة دوراً كبيراً في خفاء المعلومات وعدم عرضها في وقتها المناسب، لا بل إنها تلجأ بكل وضوح إلى سياسة شد الخناق على الناس وخير مثال على ذلك إرسالها لعشرات القوانين للتعديل خلال دورة واحدة، مما يساعد على تمرير تعديلات متناقضة لعدم ترك وقت كاف لمناقشتها ومعرفة مدى إنتاجيتها وحل مسألة تداخلها مع القوانين الأخرى.
ولتصحيح الممارسات السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي أكد النواب على ضرورة أن تقوم الحكومة بنشر المعلومات أولا بأول وإنهاء الممارسات العرفية التي تقوم بها، وبالعمل الجاد على إعادة بناء الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، من خلال اعتماد نهج الشفافية والمكاشفة وتبني سياسات موحدة تضع الجميع تحت سقف القانون والتوقف عن الأساليب الانتقائية في التعامل مع المواطنون.
وفي ختام الندوة التي سادها الحوار الهادئ والمداخلات العميقة والنوايا الحريصة على الأردن شعبا وقيادة وعلى الوطن وأمنه وقع النواب والأعيان المشاركون في جلسات الحوار على وثيقة التزام بمضمون توصيات جلسة الحوار والعمل على تحقيق مضمونها داخل مجلس النواب مع إدراكهم وتفهمهم لأهمية وجود ضوابط لحرية التعبير، ولكن الضوابط التي لا تحمل انتهاكاً لحقوق أخرى لمواطن أو أن تتجاوز الحدود الموضوعة لها، والتي يجب أن تكون تعريفاتها واضحة بدقة ومحددة وليس فضفاضة وغير مفهومة كما هو حاصل حالياً، كما أجمع النواب على رفض شمول تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي بقانون الجرائم الالكترونية حماية للخصوصية.
شارك في الندوة التي استمرت على مدار يومين أصحاب العطوفة والسعادة التالية أسمائهم (بحسب الترتيب الالفبائي): النائب ابراهيم أبو العز، العين تغريد حكمت، النائب خالد رمضان، النائب رسمية الكعابنة، النائب رندة الشعار، النائب سليمان الزبن، النائب شاهه العمارين، النائب صباح الشعار، النائب صوان الشرفات، النائب فضيل العبادي، النائب محاسن الشرعة، النائب مصطفى ياغي، النائب منصور مراد، النائب نصار القيسي، النائب هدى العتوم، النائب وفاء بني مصطفى.