انطلاق أعمال المؤتمر القانوني الثامن للمحامين المزاولين لدى المحاكم الكنسيّة

انطلق يوم أمس الأربعاء 24/7/2019 في منطقة البحر الميت القسم الثاني من أعمال المؤتمر الكنسي الإقليمي الثامن، الخاص بالمحامين، بتنظيم من المحكمة الكنسيّة التابعة للبطريركية اللاتينية في القدس والجليل وعمّان، بالتعاون مع جامعة اللاتران الحبرية في روما، تحت عنوان: "نحو ثقافة قانونية كنسيّة: الزواج وأحكامه وأصول المحاكمات الكنسية".

 

وشارك في الجلسة الافتتاحية حشد من الأساقفة والقضاة والكهنة، والسفير الفاتيكاني في الأردن والعراق المطران ألبيرتو أورتيغا مارتن، ورئيس اللجنة الرئاسية الفلسطينية العليا لشؤون الكنائس رمزي خوري، والسفير الفلسطيني في الفاتيكان عيسى قسيسية، وممثل حراسة الأراضي المقدسة الأب إبراهيم فلتس، والدكتور مالك الطوال من وزارة الخارجية، ورئيس بلدية بيت لحم المحامي أنطون سلمان، وحشد من المحامين المزاولين والجدد في المحاكم الكنسية الكاثوليكية من الأردن وفلسطين والجليل ومصر وسوريا ولبنان والعراق، إضافة إلى مختصيّن قانونيين من الفاتيكان وإيطاليا.

 

وبعد رفع صلاة المحامين المستوحاة من صلاة القديس توماس مور، شفيع المحامين في الكنيسة، رحّب الأب د. أكثم حجازين، باسم اللجنة التنظيمية للمؤتمر، بجميع الحضور والوفود المشاركة، مشيرًا بمرور ثمان سنوات على هذه المبادرة التي ولدت بشكل محليّ عام 2012، وأصبحت الآن مشروع كنسي شرق أوسطيّ يشمل جميع الكنائس الكاثوليكية في الشرق الأوسط، داعيًا أن يكون المؤتمر فرصة لفهم أفضل للإنسان، وخدمة للعائلة في السراء والضراء، في مختلف المستويات الإنسانية والروحية والاجتماعية والقانونية.

 

من جهته، بيّن النائب القضائيّ ورئيس المؤتمر الأب د. جهاد شويحات أهداف المؤتمر في الإطلاع على كلّ ما هو جديد في القانون الكنسيّ، بمتابعة حثيثة ممن هم مستشارون قانونيون لقداسة الحبر الأعظم في كافة المسائل المتعلقة بسرّ الزاوج وارتقاء الأسرة المسيحية، ولكي يكون العاملون في الحقل القانونيّ على مستوى حفظ الأمانة في معالجة كلّ ما يمسّ الحياة المسيحية في زمن ينادي بالعلمانية ويتخبّط في عالم موتور ومتأزم في العقل والوجدان.

 

واستشهد بالخطاب الذي ألقاه قداسة البابا فرنسيس في لقائه مع قضاة المحاكم الرومانية، حيث قال: "أنتم ضمير الكنيسة الذي يختلز مهابةً، ويتنفّس حقًا، وينطق عدلاً، بحثًا عن الحقيقة التي تعيد للقلوب المتألمّة تعزية، وللعائلات الممزقّة روحها، وللأسر الشابة سعادتها وصلحها وسلامها"، موضحًا أن المحاميين هم جزءًا لا يتجزأ عن جسم المحاكم الكنسية في البحث عن الحقّ، وتحديد الهمّ، وفكّ الطلاسم بمنظار العلم والفهم والتحليل العلمي والفضيلة، والتمحيص العقلاني المتّزن، لاستكشاف الحقيقة التي لا يعلو عليها أي غلوّ أو مكابرة أو معرفة حسيّة أو سطحيّة".

 

وألقى المونسنيور حنا كلداني كلمة راعي المؤتمر، المدبر الرسولي للبطريركية اللاتينية رئيس الأساقفة بييرباتيستا بيتسابالا، لافتًا إلى أن المؤتمر يعقد للمرة الخامسة في الأردن، وقد أصبح يشكّل لوحة فسيفسائية جذابة تمثّل الكنائس الكاثوليكية في الشرق الأوسط، وكأنه عبارة عن سينودس عام للمحاكم الكنسيّة في هذه المنطقة، في خدمة الأهداف الراعوية والقانونية، وفي خدمة العدالة، من خلال تعامله ومناقشته كلّ أنماط التحديات والمشاكل الزوجية، وداعيًا إلى المصالحة، لا سيما مع زيادة عدد القضايا الزوجية المعروضة على المحاكم الكنسية، خاصة قضايا بطلان الزواج.

 

وقال: "إن عملكم كقضاة ومحامين وموظفين في المحاكم الكنسية هو جزء من رسالة الكنيسة الراعوية. أما غايتكم وهدف عملكم القانوني في كل الحالات المعروضة على محاكمكم هو خلاص النفوس. فقداسة البابا فرنسيس يسميكم ويصفكم ’بخدام سلام الضمير‘، أي أن يكون القاضي والمحامي الكنسيين على مستوى ضميرهما الذاتي في حالة انسجامٍ ووفاق مع الحق والعدالة أثناء التعامل مع القضية الزوجية، وكذلك يُساق الأمر عينه على أطراف القضية، أي الزوج والزوجة".

 

ولفت المدبر الرسولي إلى بعض النقاط الرئيسة في مهام القضاة والمحامين العاملين في الحقل القانوني الكنسي، أولها الضمير؛ فالعدالة والانصاف يسيران جنبًا إلى جنب، وبدون ضمير حيّ قد يتعرّض كل شخص إلى غواية وإغراء في أي لحظة. وثانيًا البحث دومًا عن الحق قولاً وفعلاً. وثالثًا المعرفة؛ فالتعلّم الدائم والإطلاع على كل جديد في الثقافة القانونية يشكّل سلاحًا فاعلاً ووسائل ناجعة في معالجة القضايا. ورابعًا الرحمة في التعامل مع العائلات التي تعاني أزمات في علائقها الزوجية، والتي تسعى على الدعم القانوني، "فرافعوا مجانًا في قضايا من يأتي إليكم ولديه عسر مالي. ولا تتركوا الناس المعسرين المحتاجين دون عون قانوني. وافرضوا رسومًا وأتعابًا معقولة وعادلة على من يستطيع ذلك".

 

من جهته، أعرب السفير الفاتيكاني المطران ألبيرتو أورتيغا مارتين عن سعادته للمشاركة في افتتاح مؤتمر القانون الكنسية الثامن، المنظم على مدار السنوات الأخيرة من قبل المحكمة الكنسية التابعة للبطريركية اللاتينية بالتعاون مع جامعة اللاتران الحبرية، مشددًا على أهمية استمرار التنشئة في هذا الميدان الهام كونه يتعامل مع حياة العديد من الأشخاص.

 

وأشار إلى الخطاب الذي ألقاه البابا فرنسيس خلال لقائه بسفراء الكرسي الرسولي حول العالم في حزيران الماضي، حيث لفت إلى أن السفير هو رجل الله، ما يعني أن عليه أن يعيش بفرح وأمور الله لا أمور الدنيا. كما ذكّر بأن رجل الله يعني أنه إنسان يمارس العدالة والصلاة والمحبّة والرحمة والمصالحة، مبينًا على أهمية أن تكون المحاماة ليست مهنة فحسب إنما دعوة استجابة لله تعالى.

 

وألقى المشرف العام للمحاكم الكنسيّة المارونية في بيروت المطران حنا علوان، مبيّنًا الأمور المشتركة بين المحاكم الكاثوليكية في مختلف البلدان العربية، مشيرًا بأنهم قدموا عطلة هذا العام في المحاكم المارونية لكي يتسنى لحضور عددًا أكبر في هذا المؤتمر. وشدد على أهمية ما يقوم به المحامي المزاول في المحاكم الروحية، فعمله يتجاوز المهنة إلى الدعوة والرسالة، كونه يتعامل مع الزواج الذي رفعته الكنيسة الكاثوليكية كسرٍ مقدّس.