الوطني لحقوق الإنسان يعقد مائدة مستديرة حول القانون الدولي الإنساني
عقد المركز الوطني لحقوق الإنسان بالتعاون مع اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني في مقره اليوم مائدة مستديرة حول القانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، بمشاركة عدد من القانونيين والخبراء.
وقالت مديرة جلسات الحوار، مفوض التعزيز في المركز نسرين زريقات، إن اللقاء يهدف إلى بحث موضوع التكاملية بين القانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، بحيث يكمل بعضهما بعضها عند وجود أي نقص أو ثغرة في أحدهما.
وأضافت زريقات إنه جرى بحث الإشكاليات في تطبيق القانونين المذكورين على المستوى المحلي والدولي لاسيما في قضايا النزاعات المسلحة وقوانين الحرب وغيرها.
وألقى رئيس مجلس أمناء المركز الدكتور رحيل الغرايبة كلمة افتتاحية للجلسات رحب خلالها بالحضور، معربا عن أهمية انعقاد الحوار في الشأن المذكور، بهدف تعزيز الجهود الوطنية ضمن القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وبحث التحديات على صعيد السياسات والتشريعات أو على صعيد الممارسات، حيث تقدم العالم في مجال حقوق الإنسان ضمن مجتمع السلم، بينما ظلت الحروب خارج قواعد القانون، وبقيت الشعوب هي التي تدفع الثمن الباهظ من أمنها وكرامتها.
وأكد غرايبة أن الهدف المرجو هو أنسنة الحروب والتقليل من بشاعتها، وذلك يعد جزءا أصيلا من تراثنا العربي والإسلامي، حيث كانت الشعوب تُستباح في الحروب، وكان الأسر يقود إما إلى الموت أو إلى الاستعباد، حتى جاء الإسلام بضوابط إنسانية حميدة لهذه المسألة، وقد أخذت الاتفاقيات الدولية بأدبيات الأسر في الإسلام.
واقتبس غرايبة قول الله تعالى (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)، مؤكدا أن هذا النص القرآني الكريم يشكل قاعدة محكمة، باعتبار القتال استثناء والأصل هو السلم في العلاقات البشرية، وهذا الاستثناء يجب أن لا يكون إلا في حالة الاعتداء.
كما استذكر غرايبة وصية الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه للجنود المسلمين قبل فتح بلاد الشام حين قال "ولا تقتلوا طفلاً صغيراً، ولا شيخاً كبيراً ولا امرأة، ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاةً ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكلة، وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع؛ فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له".
وقال المفوض العام لحقوق الإنسان علاء الدين العرموطي في كلمته إن هذه الجلسات ستكون أكثر فائدة وجدوى فيما لو قدر لها أن تطرح على قاعدة ممارسات حاصلة على الأرض، بحيث نستطيع دراسة الأزمة في سياقها المحلي أو الإقليمي ومدى خضوعها للقانون الدولي لحقوق الإنسان أو القانون الدولي الإنساني، بحيث نخلص إلى نتائج وتوصيات تربط النص بالممارسة.
وأضاف العرموطي إن القانون الدولي الإنساني على مستوى الإلزامية أقل تطبيقا وتفعيلا من قانون حقوق الإنسان، حيث يتيح الأخير لدى بعض القوى العالمية فرض المبادئ التي تخدم مصالحها، ذلك أن القانون الإنساني قد يقلص انفلات هذه القوى العالمية ويحد من سعيها نحو الهيمنة.
مشيرا إلى أن السلطة في جميع الدول تقريبا هي الفاعل الأساسي والوحيد ضمن قضايا القانون الدولي، والأصل أن يكون للمجتمع المدني أيضا الحق في ملء مساحة واسعة في هذا الإطار بحيث لا تكون الدولة بمفهومها السياسي هي الخصم والحكم.
من ناحيته أعرب رئيس اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني الفريق المتقاعد مأمون الخصاونة في كلمته الافتتاحية عن شكره للمركز على تعاونه مع اللجنة في عقد مثل هذه اللقاءات، معربا عن أمله في المزيد من التعاون المشترك. وقدم الخصاونة ورقة أكد خلالها أن الأردن صادق على معظم المعاهدات الدولية في القانون الدولي الإنساني، حيث يكمن اهتمام المملكة بهذه المعاهدات، بحكم موقعها الجغرافي المحاط بمناطق نزاع، فضلا عن موجات اللجوء المتتالية إلى البلاد منذ العام 1948 وحتى يومنا هذا الذي بلغ عدد سكان الأردن فيه نحو عشرة ملايين نسمة، كل ذلك دفع الأردن للوفاء بهذه الالتزامات الدولية وعلى رأسها البروتوكول الأول والثاني من اتفاقية جنيف.
وأضاف الخصاونة ان اتفاقيات جنيف وهي صلب موضوع القانون الدولي الإنساني شهدت انضماما واسعا اليها حيث صادقت كافة الدول عليها نحو تحقيق التوازن بين الضرورة العسكرية والمبادئ الإنسانية.
وأشاد الخصاونة بآلية تنفيذ الأردن لالتزاماته الدولية سواء من خلال المواءمات التشريعية مع المعاهدات الدولية التي صادق عليها، أو من خلال العمل على ترسيخ القانون الدولي الإنساني، واحترام حقوق الإنسان على النحو الوارد في الدستور الأردني والتشريعات الوطنية والدولية.
بدوره قال عضو مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان، عضو اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني، الدكتور محمـد الطراونة إن معيار التقدم لدى الدول اليوم ليس الثروة النفطية، أو الكتلة الديمغرافية وغيرها، بل يقاس بمدى احترامها لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
وأضاف الطراونة إن الشريعة الإسلامية هي أول من كرس مفاهيم القانون الدولي الإنساني نصا وتطبيقا، حيث يوصف الفاتح الإسلامي في سجلات المستشرقين بالـ"رحيم"، ويعود الفضل إلى الشريعة الإسلامية في أنسنة الحروب والتخفيف من بشاعتها على الشعوب.
ويعاني القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان وفق الطروانة من هيمنة القوى العظمى، ومن إشكالية قوة القانون أو قانون القوة، ورغم ذلك فإن دعم الدول النامية اليوم أصبح مرتبطا بمدى تقدم هذه الدول بمعايير حقوق الإنسان، ومدى التزامها بالقانون الدولي لا سيما خلال الأزمات والحروب.
من ناحيته قال مدير إدارة التوعية والتدريب في المركز عيسى المرازيق، إن بعض الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان مازالت حبرا على ورق، فبعضها غير ملزم وبعضها الآخر ملزم نظريا لكنه من الناحية العملية غير محكوم بإرادة دولية أو أدوات تنفيذية.
وزاد المرازيق إن تطبيق المعايير الدولية لحقوق الإنسان على المستوى الوطني ومواءمتها ضمن القوانين المحلية مر بعدد من التحديات منها: إن الأردن كان يوقع على بعض الاتفاقيات الدولية ولا يصادق إلا بعد مرور سنوات، علما أن مجرد التوقيع لا يلزم الدولة بتنفيذ الاتفاقية.
وأضاف "حتى في حالات المصادقة قد لا تكون هذه الاتفاقية ملزمة على المستوى الوطني إذ لابد من عرضها على السلطة التشريعية، قبل نشرها بالجريدة الرسمية وهو ما لا يحدث أحيانا".
وعلى المستوى الدولي يرى المرازيق أن حق النقض (الفيتو) يعد مساسا مباشرا بالقانون الدولي، فضلا عن آليات التملص من القرارات الدولية التي تنتهجها بعض قوى الهيمنة حول العالم، بما ينعكس بشكل مباشر على القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان".