النهضة العربية (أرض) تبحث دعم التطور الاستراتيجي لأجندة الأعمال التجارية وحقوق الإنسان في الأردن

 

ي

يعد إنشاء إطار عمل لحقوق الإنسان في مجال الأعمال أحد العوامل الأساسية لحماية أكثر فعالية وكفاءة للأفراد والمجتمعات من الضرر الذي تُلحقه الشركات بحقوق الإنسان، وبينما يعتبر الأردن من أوائل الدول العربية التي اتخذت خطوات جادة للتوقيع على اتفاقيات منظمة العمل الدولية فيما يتعلق بالعمل اللائق، ما يزال الإطار التشريعي الأردني المنظم لحق العمل وغيره من حقوق الإنسان يفتقر إلى التفعيل الحقيقي. علاوة على ذلك، هناك نقص في مشاركة منظمات المجتمع المدني والمجتمعات المحلية في تشكيل إطار تشاركي للمساءلة ومشاريع التنمية المستدامة في الأردن. 

انطلاقاً من ذلك، عقدت منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) يوم الثلاثاء 26 تشرين الأول /أكتوبر 2022، لقاء طاولة مستديرة بعنوان "دعم التطور الاستراتيجي لأجندة الأعمال التجارية وحقوق الإنسان في الأردن" والذي استضافته جمعية رجال الأعمال الأردنيين. وشارك في اللقاء كل من : أ.د فيليب دازا سييرا، أستاذ في حقوق الإنسان في ساينس بو باريس، ومدير الأبحاث في مرصد حقوق الإنسان والأعمال- البحر الأبيض المتوسط، وميشيل نزال، عضو مجلس جمعية رجال الأعمال الأردنيين وعضو سابق في مجلس الأعيان الأردني، و د. جوردي بالو-لوفيردوس، محامي في المحكمة الجنائية الدولية وخبير وسيط دولي في القانون الجنائي، وعبد الرحيم البقاعي، عضو مجلس الأعيان الأردني وأمين سر جمعية رجال الأعمال الأردنيين.

وعن أهمية اللقاء، أكد مدير اللقاء الخبير الاقتصادي الدكتور رعد التل، على أن خطوة في سبيل التأسيس لخط استراتيجي في مجال الأعمال التجارية وحقوق الإنسان ومأسسته لتحقيق النمو الاقتصادي المنشود عبر التكاتف بين كافة أطراف المعادلة التنموية. وفي ذات الصدد أوضحت المديرة التنفيذية لمنظمة النهضة، سمر محارب، بأن عقد هذا اللقاء في جمعية رجال الأعمال الأردنيين يدل على انفتاح ومرونة القطاع الخاص، فالجميع يتفق على أهمية أجندة حقوق الإنسان والأعمال التجارية في حماية القطاع الخاص والمجتمعات التي يخدمها. هذه الأجندة أصيلة دولياً وعلينا التعرف على أطرها والعمل ضمنها لرفعة نمو مؤسساتنا في القطاع الخاص. ويسعى المجتمع المدني ليكون حلقة وصل بين دور القطاع الخاص والمسؤولية المجتمعية المتوقعة منه دعماً للنهج الحكومي في التكاملية بين جميع القطاعات.

وبين دكتور فيليب سازا سييرا أن جائحة كورونا تسببت بانقطاع مهم على المستوى السياسي والاقتصادي، فالأسر خسرت وظائفها كما عانت بعض القطاعات التجارية في العالم، ثم جاءت حرب أوكرانية زادت من حدة الأزمات وعلى رأسها التضخم، وهذه الأزمات الملحة هي سبب تواجدنا اليوم للنظر بالتحديات التي نواجهها معاً دون إغفال جهود المجتمع المدني ودوره المهم في هذا الصدد. وقال إن أحد أهم واجبات الدولة هي حماية حقوق الإنسان وعلى المؤسسات والشركات وقطاع الأعمال أن تضمن احترام هذه الحقوق التي ازداد التعدي عليها لا سيما من الشركات متعددة الجنسيات، مؤكداً على ضرورة الالتزام بمبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، مؤكداً أن الأردن لديها فرصة مهمة لأن تتبنى وتعتمد الحجج السياسية والقانونية والأدوات للتقدم في التنمية الاقتصادية والسياسية المستدامة.

بدوره، أكد ميشيل نزال أن الأردن من أوائل الدول العربية التي طبقت القوانين المتعلقة بالعمال وحقوق الإنسان في المنطقة، وأشار إلى توافر محاكم مختصة وقوانين صارمة في هذا المجال. لافتاً النظر لاستمرار نفاذ قانون الدفاع الذي يلزم أصحاب العمل بعدم التخلي عن العمال في وقت تقوم فيه كبرى الدول العالمية بتسريح العمال. وأضاف "نحترم حقوق الإنسان منذ الآف السنين ونرفض استعباد العمال، لكننا نريد أن نبني أوطاناً تستطيع التنافس كالدول الغربية وأن يحظى فيها شبابنا وعمالنا بحياة كريمة وليس بالحد الأدنى للأجور".

وفيما يخص الإطار العالمي لحقوق الإنسان، اعتبر د. جوردي بالو-لوفيردوس، أن هناك مسؤولية على جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة باحترام حقوق الإنسان، لكن هذا تغير وأصبحت الدولة تتحمل مسؤولية حماية المجتمعات والشركات التي يطور بها الناس خدماتهم، وباتت الدول تطور أدوات مختلفة في الحماية، مؤكداً أن أهداف التنمية تأخذ بالاعتبار تطور الشركات وخلق الاتساق الدولي والوطني مع المؤسسات العامة والإقليمية وحتى المحلية منها.

في حين أكد عبد الرحيم البقاعي أن حقوق العمال مصانة أردنياً وخصوصا في القطاع العام، وأن النقابات المهنية تحافظ على حقوق العمال الأردنيين، لافتاً إلى أن تطبيق المعايير الدولية يتناقض مع القانون المحلي أحيانا، كما أن الضغط بقوانين عمل صارمة على رجال الأعمال سيكون له الأثر السلبي على سوق العمل وسيزيد من نسب البطالة، فالحل في إيجاد بيئة عمل آمنة ومناسبة لجميع مدخلات الإنتاج، مؤكداً أن القطاع الخاص ليس ضد التحديث والحفاظ على حقوق العمال لكنه يبحث عن التوازنات التي تبتعد عن التفكير بطرف دون الآخر.

وأوصى المشاركون، بالتكامل والتكاتف بين القطاعين الرسمي والخاص والمجتمع المدني للعمل عل متابعة تطوير أجندة الأعمال التجارية وحقوق الإنسان ومراقبة الامتثال والعناية الواجبة من قبل الشركات، واتباع مبادئ الشفافية مع المجتمع المدني ليتعرف أكثر على الصعوبات التي يواجهها قطاع الأعمال، بما يحقق الفهم المشترك، كما شددوا على ضرورة إجراء الأبحاث التي تدل على واقع الحقوق العمالية القانونية والاجتماعية للنهوض بها بما يحقق المصلحة الفضلى للعامل وصاحب العمل ورأس المال ويسهم في خلق بيئة جاذبة للاستثمار في الأردن. 

تأتي سلسلة الحوارات هذه ضمن مشروع "صمم" والذي تنفذه المنظمة بدعم مادي من البرنامج الأوروبي الإقليمي للتنمية والحماية لدعم لبنان، الأردن والعراق (RDPP II)، وهو مبادرة أوروبية مشتركة بدعم من جمهورية التشيك، الدنمارك، الاتحاد الأوروبي، إيرلندا وسويسرا.