طالب المرصد العمالي الأردني بضرورة الاستثمار في الحمايات الاجتماعية بشكل يضمن تعزيز مسارات العدالة الاجتماعية التي تراجعت بشكل ملموس خلال العقود الماضية.
وأكد المركز أن العدالة الاجتماعية هي المدخل الأساس لتمكين الناس من التمتع بحقوقهم الإنسانية الأساسية التي كفلتها مختلف الشرائع الإنسانية والمنظومة العالمية لحقوق الانسان، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتشكل أداة أساسية لتعزيز مختلف القطاعات الاقتصادية وتحقيق النمو الاقتصادي الشمولي الملموس.
جاء ذلك في بيان أصدره المرصد العمالي الأردني، أحد برامج مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية، الأحد، بمناسبة اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية الذي يصادف في العشرين من شهر شباط من كل عام، ويأتي هذا العام تحت عنوان "إزالة العوائق وإطلاق العنان لفرص العدالة الاجتماعية" حسب الأمم المتحدة.
وأشار البيان إلى أن مظاهر ضعف العدالة الاجتماعية في الأردن عديدة، وفرص الوصول إلى الموارد التي تمكن أفراد المجتمع كافة من العيش بكرامة تتراجع سنة بعد سنة. إذ لاحظ الارتفاع الكبير في معدلات البطالة وبخاصة بين الشباب والنساء، وانخفاض مستويات الأجور وعدم فاعلية سياسات العمل بعامة والتشغيل بخاصة، إلى جانب ارتفاع مستويات الأسعار وضعف جودة التعليم والرعاية الصحية، وهشاشة منظومة الحماية الاجتماعية وعدم شموليتها.
ونبه البيان إلى أن مظاهر ضعف مؤشرات العدالة الاجتماعية وتفاقم مظاهر التفاوت الاجتماعي واللامساواة الاقتصادية الواضحة للعيان، نجمت عن جملة من السياسات الاقتصادية والاجتماعية، تمثلت في فرض منظومة ضريبية غير عادلة، باعتراف الحكومة نفسها، حيث تشكل الإيرادات الضريبية غير المباشرة (الضريبة العامة على المبيعات والضرائب المقطوعة والرسوم الجمركية) ما يقارب ثلاثة أرباع مجمل الإيرادات الضريبية، وهي لا تميز بين فقير وغني، ما ساهم بشكل كبير ولافت في رفع مستويات الأسعار وتكاليف المعيشة وبالمقارنة مع الدول الأخرى التي تزيد فيها مستويات الدخول أضعاف مستوياتها في الأردن. ونبه البيان إلى أن ضريبة الدخل المعمول بها في الأردن هي غير تصاعدية بشكل كامل؛ فهي تصاعدية على الطبقة الوسطى فقط، وثابتة على أصحاب الدخول العالية أكانوا أفرادا أو شركات.
من جانب آخر، أوضح البيان أن السياسات الحكومية الناظمة للحماية الاجتماعية تقوم على توفير دخول منخفضة جدا للفقراء، ولا تعمل على الحؤول دون وقوع المزيد من المواطنين في دائرة الفقر، لذلك نشهد بشكل مستمر ارتفاعا في معدلات الفقر التي وصلت، حسب الحكومة، إلى ما يقارب 24 بالمئة، وإلى 35 بالمئة حسب البنك الدولي.
وأكد البيان أن القرارات الحكومية الأخيرة بعدم رفع الحد الأدنى للأجور ولسنوات قادمة، والتعديلات التي اقترحتها على قانون الضمان الاجتماعي التي ستحرم الشباب من بعض التأمينات التي يوفرها قانون الضمان الاجتماعي، وعدم تطوير أدوات تأمينية جديدة تضمن شمول جميع العاملين في الأردن بمنظومة الضمان الاجتماعي، ستُضعف أكثر فأكثر العدالة الاجتماعية في الأردن.
وحذر البيان من أن استمرار العمل بهذه السياسات سيضعف تمتع المواطنين بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، وسيهدد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وسيضعف كذلك فرص تحقيق معدلات نمو اقتصادي مستدام قادر على توليد فرص عمل لائقة، التي تعد الهدف الأساس لرؤية التحديث الاقتصادي التي أقرت أخيرا، وسيضرب عرض الحائط المرتكزات والأهداف الأساسية للاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية التي أقرتها الحكومة في عام 2019.
وطالب البيان الحكومة بضرورة إعادة النظر بمجمل سياساتها الاقتصادية والاجتماعية والتوجه نحو الاستثمار بالحمايات الاجتماعية بمختلف أبعادها، وزيادة فاعلية الإنفاق على التعليم والرعاية الصحية والتشغيل، ومراجعة السياسات الضريبية لتكون أكثر عدلا بتخفيض الضريبة العامة على المبيعات وفرض مبدأ التصاعدية على ضريبة الدخل على الأفراد والشركات، إلى جانب زيادة مستويات الأجور لتعزيز الطلب المحلي، الذي هو أحد المحركات الرئيسية للنمو الاقتصادي.