"الفهم المشترك بين ضفتي المتوسط": إشكاليات التثاقف والنقد المتبادل

عمّان- العربي الجديد

في اليوم من أعمال مؤتمر "الفهم المشترك بين ضفتي المتوسط: مفاهيم، أفكار، ومدركات" الذي افتتح في كلية الآداب بالجامعة الأردنية"، قدّم عدد من الباحثين أوراقاً تناولت قضايا ثقافية وجمالية ونقد الاستشراق ودراسات الاستغراب وغيرها

وتحدّث خلال حفل الافتتاح الذي أداره أ. د. توفيق شومر، رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر، كلّ من رئيسة قسم الفلسفة د. دعاء علي، والمدير الأقليمي للمعهد الفرنسي للشرق الأدنى (  (Ifpo أ. د. إياس حسن، والمدير الإقليمي للمعهد العالمي للفكر الإسلامي أ. د. فتحي ملكاوي، ومديرة المعهد الملكي للدراسات الدينية د. رينيه حتر، وعميد كلية الآداب أ. د. محمد القضاة، وقد ألقى كلمة راعي الحفل الأستاذ الدكتور أشرف أبو كركي رئيس الجامعة بالوكالة.

واستهلت الجلسات بمحاضرة رئيسية تحت عنوان "شذرات فكرية وصراحة مسؤولة" لأستاذ الفيزياء النظرية والباحث الأردني همام غصيب، قدّمها الأكاديمي والباحث صالح أبو إصبع.

في الجلسة الأولى التي ترأسها د. رائد عكاشة، أشار د. مازن عصفور في ورقته التثاقف الفني والجمالي بين ضفتي المتوسط" إلى الإسهامات والتأثرات المتبادلة لفلسفات الجمال المتنوعة التي حفلت بها منطقة المتوسط، وبشكل خاص احتكاكات الفلسفة اليونانية والرومانية على الفلسفة الجمالية في منطقة المتوسط، وكذلك تأثيرات الفكر الجمالي لأرسطو  أافلاطون وفيتاغورس، على سبيل المثال، حيث يضاف إليهم ما لحقهم من طروحات وأفكار جمالية تبناها الفكر الجمالي العربي الإسلامي ( كأفكار ابن رشد وغيره)، وكذلك الفكر الجمالي المسيحي البيزنطي  والعصور الوسطى  والنهضة (حيث ركزت  جميعها على الجمال كوسيلة للتعبير عن الإيمان الديني والتقرب إلى الله)، وتشاركت جمعها في توليد رؤية فكرية جمالية لحوض المتوسط لها خصوصيته ونكهتها رغم  بعض التفاوتات ذات الجدلية الخصبة.

أما د. تيسير أبو عودة، فأوضح في ورقته "قلق الحضارة والثقافة في نقد الاستشراق ودراسات ما بعد الاستعمار والتابع"، أن مصطلح الحضارة والثقافة شكّل منهجاً استعماريا وأيدولوجيا في متون الاستشراق ودراسات ما بعد الاستعمار، وفي الوقت الذي يتبرأ فيه إدوارد سعيد من اختزاله في إطار دراسات ما بعد الاستعمار؛ وقع كثير من كتاب النهضة أمثال طه حسين وشكيب أرسلان والأفغاني وغيرهم من المفكرين العرب في أغلوطة يوتوبيا الحضارة والثقافة دون الالتفات لتفكيك المنهج الحضاري تجاه الذات العربية وتشكلات الوعي تجاه مفهوم التقدم والتأخر والتخلف والاستبداد والتحرر. 

ونبّه إلى أن ثمة لحظة مفارقة ما بعد كانط جعلت من هيجل وماركس فيلسوفان مركزيان لكنهما قاما بتبرير العنف والقوة الاستعمارية وهذا جزء أصيل من مكونات الحضارة الغربية سياسياً ومعرفياً، وثمة أمثلة كثيرة يمكن التوسل بها لاستبصار الواقع العربي في الوعي الصهيوني والاستعماري الغربي؛ ومآلات غزة وتفسير الإبادة والصمت العالمي تجاه التطهير العرقي، ليخلص إلى القوله بأنه يبدو أن غياب نقد مفهوم الحضارة والثقافة في السياق السياسي والاجتماعي والأنثروبولوجي يشكل ملمحاً أساسياً لإنتاج المعرفة في السياق العربي والغربي.

من جهته، لفت د. حامد الدبابسة في ورقته "فلسفة النهضة العربية الحديثة بين الإصلاح والتحديث: قراءة نقدية في المنهجيات والرؤى" إلى الاتجاهات الفكرية التي ظهرت بعد الغزو الأوروبي وخاصة مع الحملة الفرنسية بقيادة نابليون إلى المنطقة العربية نهاية القرن الثامن عشر، التي أبانت واقعنا العربي بكل تناقضاته وسلبياته بالقياس إلى نموذج آخر، والتيارات التي نشأت لقراءة الواقع، وما الآليات التي اقترحوها للنهضة.

وتحدث أيضاً حول الأسباب التي حالت دون قيام نهضة عربية مأمولة، رغم السعي لها منذ ما يزيد عن قرنين، ولماذا لم يتقدم العرب خلال هذه المدة، إذا ما قيست مع النهضة العربية الأولى خلال القرنين الثاني والثالث الهجريين، أو إذا قيست بالدول التي تحررت من الاستعمار بعد الحرب العالمية الثانية والتي قطعت مرحلة راسخة في مضمار الحضارة والمدنية والتقدم، بل وحتى النهج الحضاري الفكري كما فعلت الصين وتتبعها الهند بقوة.

ثم عقدت جلسة حوارية بعنوان "التواصل والحوار بين ضفتي المتوسط، ترأسها أ. د. إياس حسن، وشارك فيها أ. د. توفيق شومر،و أ. د. فتحي ملكاوي، وأ. د. عز الدين معميش، ورينيه حتر، وأ. د. ريم الأطرش.