انطلقت اليوم السبت، في العاصمة الأردنية عمّان، أعمال المؤتمر الإقليمي "الإعلام المجتمعي في العصر الرقمي"، الذي تنظمه شبكة الإعلام المجتمعي (CMN) احتفاءً بمرور خمسة وعشرين عاماً على تأسيس إذاعة "عمان نت"، أول إذاعة إلكترونية ومجتمعية في العالم العربي. ويستقطب المؤتمر، الذي يُعقد يومي 15 و16 نوفمبر، نحو 300 مشارك، بينهم أكثر من 50 ضيفاً دولياً لمناقشة مستقبل هذا النوع من الإعلام في ظل التحولات الرقمية المتسارعة.
المومني: حق النقد البنّاء "سمة أردنية" وحماية للمعلومة
أكد وزير الاتصال الحكومي الناطق الرسمي، الدكتور محمد المومني، في كلمته الافتتاحية، اعتزاز الأردن بـ "خطابه السياسي العاقل والوازن" الذي يحترمه المجتمع الدولي. وشدد على أن المملكة الأردنية الهاشمية تؤمن إيماناً عميقاً بحق النقد البنّاء، معتبراً هذا الحق "سمة من سمات الدولة الأردنية والمجتمع الأردني منذ تأسيس الدولة، بفضل القيادة السياسية المتنورة".
وأوضح المومني أن الدولة "تريد إعلاماً ناقداً يبحث عن الحقيقة"، مع التحفظ على النقد الذي لا يستند إلى معلومة ويهدف "لبث السواد". وفي سياق حماية العمل الإعلامي، أشار إلى أن القوانين الموجودة هي لحماية المعلومات التي تستند إلى حقائق ومصادر، مؤكداً أن "حق النقد مشروع ولا يضيق صدر الجهات الرسمية بذلك".
كما أكد الوزير على تعامل الحكومة مع الإعلام المجتمعي بمنظور تمكيني، ليكون "أداة تمكن الشباب من طرح قضاياهم بمساحة". وكشف عن قرب إقرار الاستراتيجية الوطنية الجديدة للدراية الإعلامية في اجتماع مجلس الوزراء القادم، بهدف تقدم الأردن في التربية الإعلامية والمعلوماتية إلى المرحلة الرابعة.
الروضان: الذكاء الاصطناعي غيّر "قواعد اللعبة" وتحدي الثقة يلوح في الأفق
من جانبها، أكدت المدير العام لراديو البلد وشبكة الإعلام المجتمعي، عطاف الروضان، أن المؤتمر يركز على جوهر الإعلام المجتمعي المتمثل في "العمل مع الجميع ومن أجل الجميع لإيصال الأصوات كافة التي تعكس تنوّع المجتمعات وتماسكها". وأشارت إلى أن الشبكة، منذ تأسيس "عمان نت" عام 2000، اختارت العمل بمهنية وحياد وحضور دائم في الميدان.
وتناولت الروضان التغيّر الجذري في مشهد الإعلام، حيث فقدت الصحافة التقليدية بريقها أمام مواقع التواصل الاجتماعي التي "شتّتت انتباه الجمهور"، قبل أن يدخل الذكاء الاصطناعي ليغيّر "ليس شكل الصحافة فقط، بل قواعد اللعبة بأكملها".
واعتبرت أن التحدي الأكبر اليوم لا يكمن في الاستخدام المفرط للمنصات الرقمية، بل في الثقة بالمعلومات المتداولة: "هل هي صحيحة أم لا؟ إشاعة أم حقيقة؟ أم خيال خلقته أدوات رقمية وذكاء اصطناعي؟" ودعت إلى مواجهة هذه التحديات عبر نقاشات شفافة، في ظل فجوة متسارعة في المنطقة العربية بين من يمتلك أدوات التكنولوجيا ومن لا يزال في طور اكتسابها.
كُتّاب: مطالب بإنهاء تجريم الإعلاميين والتركيز على "خبراء ذواتهم"
قدم المدير العام المؤسس لشبكة الإعلام المجتمعي، داوود كُتّاب، عرضاً لتاريخ الشبكة وبداياتها في عام 2000، مشيراً إلى مبادئ "راديو البلد" المستقلة، التي تركز على أنها "مؤسسة محلية، وإذاعة أردنية بأخبار أردنية، وجمهورها في عمّان". وأكد كُتّاب أن الشبكة تركز على مبدأ أن يكون الناس "خبراء ذواتهم"، مشيراً إلى تدريب سائقي سيارات أجرة و45 امرأة في الزرقاء لتقديم برامج محلية ضمن مشروع "هنا الزرقاء".
كما أشار كُتّاب إلى أبرز مطالب الشبكة، ومنها: إعفاء مؤسسات الإعلام المجتمعي من الرسوم، وتسهيل عملها، وتمكينها من تحقيق التمويل الذاتي، بالإضافة إلى ضرورة إخراج الإعلاميين من دائرة التجريم، مؤكداً أن القانون الحالي "لا يحمي الصحفيين الإلكترونيين". وفي ختام كلمته، أعلن كُتّاب عن تقاعده من الشبكة ابتداءً من 1/1/2026.
تأكيد دولي على دعم الصحافة عالية الجودة في العصر الرقمي
وشهد المؤتمر مشاركات دولية داعمة، حيث أكد يسبرغ هولبرغ، رئيس مؤسسة الدعم الإعلامي (IMS) الدنمارك، دعم مؤسسته "للصحافة عالية الجودة، لمستقبل واعد في عصر رقمي"، مهنئاً ومؤكداً الدعم الكامل لمساهمات شبكة الإعلام المجتمعي.
كما تحدث الدكتور رامناث بهات، رئيس منظمة امارك للإذاعات المجتمعية – آسيا، عن أهمية الإعلام المجتمعي في تذكيرنا بـ "المشهد الشعائري للاتصالات... الذي يسهم في خلق المعنى". وأشار إلى أن التحدي الذي يواجه الإعلام المجتمعي اليوم يكمن في تأمين الموارد اللازمة كإعلام رقمي، وهو ما سيحدد مستقبله في العصر الرقمي.
يستقطب المؤتمر نحو 300 مشارك لمناقشة مستقبل الإعلام المجتمعي في ظل التحولات الرقمية المتسارعة، بهدف إبراز دوره الحيوي في تعزيز الشفافية وتمكين الفئات المهمشة ودعم التغيير الاجتماعي، إضافة إلى مناقشة التحديات القانونية والمالية التي تواجهه.