في عام 1926 وخلال مقابلة مع مجلة Collier الأمريكية “تأسست عام 1888” وصف العالم الأسطوري “نيكولا تيسلا” قطعة تكنولوجية بأنها ستحدث ثورة في يوم من الأيام، ومما قاله في هذه المقابلة:
“عندما يتم تطوير تكنولوجيا الاتصال اللاسلكي بصورة كاملة، سوف نكون قادرين على أن نتواصل مع بعضنا البعض مباشرة بغض النظر عن بعد المسافات، ليس هذا فقط، بل ومن خلال التلفاز والهاتف سوف نكون قادرين على رؤية وسماع بعضنا البعض كما لو أننا نتحدث معاً وجهاً لوجه، حتى لو كانت المسافة الفاصلة بيننا آلاف الأميال، والجهاز الذي سنستخدمه للقيام بهذه الاشياء سيكون مثيرا للدهشة بالمقارنة مع هواتفنا اليوم، وسيأتي يوم ويستطيع أي انسان أن يحمل الهاتف في جيبه”
وبما أن تيسلا لم يطلق اسم الهاتف الذكي على هذا الجهاز إلا أن توقعاته نافذه!! حيث مرت صناعة الهواتف بمراحل، و تطورت شيئا فشيئا، وحدث تنافس بين الشركات على مر السنين حتى وصلت الهواتف إلى شكلها الحالي وأصبحت جزءا من حياتنا نعتمد عليها في كل شيء.
إذاً من اخترع الهاتف الذكي؟
لا ننكر فضل شركة أبل و مؤسسها ستيف جوبز في إتقان النموذج الذكي للهواتف والذي ساعد على انتشار الهواتف الذكية بين الناس، لكن كان هناك هواتف قبل ذلك بكثير قادرة على نقل البيانات، وتحتوي أيضا على تطبيقات مميزة مثل البريد الإلكتروني، واستخدمت هذه الهواتف على نطاق واسع في وقت مبكر، حتى قبل انتشار الأجهزة الشعبية مثل البلاك بيري.
ولكي نجيب على سؤالنا السابق، علينا أن نطرح سؤالا آخر:
هل يعتبر الهاتف ذكيا اذا لم يعمل باللمس مهما كان متطورا؟
خذ مثالا على ذلك، هاتف Sidekick الذي أنتجته شركة T-Mobile “شركة خدمات الاتصال والإنترنت المتنقلة على مستوى العالم ومكتبها الرئيسي في ألمانيا، تأسست عام 1990”
كان يعتبر هذا الهاتف متطورا في وقته، واستخدم على نطاق واسع، وكان من مميزاته: لوحة مفاتيح كاملة تستطيع ان ترسل من خلالها رسائل نصية سريعة، وشاشة LCD، وسماعات ستيريو. وفي عصرنا هذا كثير من الناس يحملون هواتف عادية ربما تكون أكثر تطورا من هاتف Sidekick. فهل يعد هذا هاتفا ذكيا؟
في الحقيقة اختلفت الآراء حول تحديد مفهوم للهاتف الذكي، ومن تلك الآراء التي لاقت اقبالا تعريف قاموس اكسفورد للهاتف الذكي “بأنه الهاتف الذي يؤدي العديد من وظائف الكمبيوتر، وعادة ما يكون له واجهة تعمل باللمس، ويحتوي على خدمة الإنترنت، وله نظام قادر على تشغيل التطبيقات التي تم تحميلها” بمعنى أن يكون هاتف شاملا قدر الإمكان.
هاتف IBM Simon
والذي قالت عنه شركة IBM بأنه أول جهاز يمكن تصنيفه كهاتف ذكي حيث كان وقتها هاتفا متطورا جدا. ومن الجدير بالذكر أن شركة IBM” شركة عالمية متعددة الجنسيات تعمل في مجال تصنيع وتطوير الحواسيب والبرمجيات نشأت عام 1911 م ومقرها مدينة ارمونك في نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية”.
ويعتبر هذا الجهاز هو من مهد الطريق لثورة الهواتف الذكية في جميع أنحاء العالم، وتم وضع نسخة من هذا الهاتف في متحف العلوم في لندن وسيظل هذا الهاتف من المعالم السياحية المميزة في تاريخ المعلومات والاتصالات.
وتصورت شركة IBM فكرة هاتف على طراز الكمبيوتر في وقت مبكر في السبعينيات من القرن الماضي ولكن الشركة لم تكشف النقاب عنه حتى عام 1992.
وتم إطلاق هاتف IBM Simon في أغسطس عام 1994، حيث مكّن المستخدمين من تدوين الملاحظات، والرسم، وتعديل وتحديث التقويم، وقائمة الأسماء، واستقبال وإجراء المكالمات، واستخدام دفتر العناوين، وارسال البريد الالكتروني، وتصفح الإنترنت، بالإضافة إلى إرسال الفاكسات واستقبالها أيضا.
ويتكون الهاتف من شاشة LCD تعمل باللمس ومزودة بقلم لاستخدامه في تصفح الهاتف، وبلغ قياس الهاتف 9 بوصة ووزنه حوالي نصف كيلو!! وكان يمتلك هوائيا وبطارية تدوم لمدة لساعة واحدة في حالة إجراء مكالمة هاتفية، وذاكرة عشوائية RAM واحد ميجا، وبلغ ثمنه 899 دولارا “يوازي حاليا 1400 دولار” وتم بيع حوالي 50 ألف نسخة منه، وتم تخفيض سعره إلى 599 دولارا بعد 6 أشهر من طرحه في الأسواق بسبب عدم نجاحه تجاريا.
وللأسف لم تطور شركة IBM هذا الهاتف وتم إيقافه في عام 1995، ولكنها بذلك وضعت أساس للهواتف التي تجمع بين وظائف الهاتف المحمول والكمبيوتر الشخصي، ولم تصاغ كلمة الهاتف الذكي مرة أخرى حتى عام 2000 عندما أطلقت شركة أريكسون هاتف R380 كأول جهاز بنظام تشغيل سيمبيان الجديد.
ظهور المساعد الرقمي الشخصي ودمجه مع الهواتف المحمولة
ومع صعوبة تحديد مفهوم محدد للهواتف ذات المميزات المتعددة وحرص المستهلكين على دمج الاجهزة الذكية في حياتهم والبحث عن جهاز واحد يجمع مميزات متعددة.
ظهرت أجهزة قائمة بذاتها عرفت باسم المساعد الشخصي الرقمي وانتشرت هذه الاجهزة انتشارا كبيرا بين اوساط المستخدمين في فترة التسعينات، ثم عمل التقنيين جاهدين على دمج مميزات المساعد الشخصي مع الهاتف الخلوي حتى لا يحمل معظم الناس جهازين معا.
وأول شركة تخصصت في انتاج المساعد الشخصي وانتشاره في العالم في ذلك الوقت هي شركة Palm “شركة أمريكية متخصصة في تصنيع المساعد الرقمي الشخصي(PDA) وغيرها من الإلكترونيات أسست عام 1992”.
وقدمت الشركة جهاز PalmPilot كأول مساعد شخصي في العالم في عام 1996، وكان يمكنك وضعه في جيبك. وكان يحتوي على شاشة من الزجاج تعمل باللمس أحادية اللون، وذاكرة داخلية بحجم 128 كيلوبايت. واشتمل الجهاز على تطبيقات مثل دفتر العناوين، قائمة المهام، مذكرة، وآلة حاسبة، وأداة أمان لإخفاء السجلات المخصصة للاستخدام الخاص. وكان يمكن مزامنة الجهاز مع الويندوز أو ماكنتوش. وكان يعتبر نموذجا لحواسيب شخصية، ومهدت هذه الأجهزة الطريق للهاتف الذكي.
وتم بيع أكثر من 30 مليون جهاز في العقد الاول للشركة، وخلال خط الانتاج قدمت الشركة نماذج مختلفة ومتطورة من التطبيقات التي يمكن تثبيتها على المساعد الشخصي عن طريق الكمبيوتر، هذا غير تطبيق البريد، والرسائل، وقلم اللمس.
وكان هذا الجهاز عبارة عن منظم محمول لرجال الأعمال وتتوافر به بعض التطبيقات الخاصة بالهواتف التي تساعد رجل الأعمال على تنظيم وقته.
ولكن لم تستمر الشركة في الصدارة، حيث تنافست معها شركات أخرى وقدمت أجهزة أخرى أكثر تطورا. وكان من المنافسين في ذلك الوقت شركة Handspring بأجهزتها المختلفة، وشركة أبل كذلك بجهازها Apple Newton.
وقدم جهاز PalmPilot عام 1996 وتوقف إنتاجه عام 2010، وقد وقف انتاج هذا الجهاز بعد أن استحوذت شركة HP على الشركة المالكة له.
هاتف نوكيا 9000
ومع بداية الألفية الجديدة بدأ صناع الأجهزة يدمجون مميزات المساعد الشخصي شيئا فشيئا في الهواتف الخلوية، وكان أول جهد ملحوظ في هذا المجال نوكيا 9000 والذي قدم للعالم في عام 1996 حيث أطلقت نوكيا مجموعة من الهواتف الموجهة لرجال الأعمال، وبدأت هذه المجموعة بجهاز نوكيا9000، والذي كان خليط بين الهاتف والمساعد الشخصي الرقمي.
وكانت مواصفات هذا الجهاز عبارة عن: شاشة LCD احادية اللون بحجم 640 × 200 بكسل تعمل باللمس الى جانب الأزرار بالإضافة الى شاشة خارجيه. ويدعم شبكة الجيل الثاني GSM 900، ووزنه 397 جرام، مع لوحة مفاتيح كاملة الحروف. ودليل الهاتف يقوم بالتخزين حتى 200 اسم، وتستطيع ارسال رسائل فاكس، بريد اليكتروني، ورسائل SMS – متصفح نت HTML – ساعة – منبه – وتدوين ملاحظات – منظم مواعيد – قائمة مهام – نتيجة – قاموس T9 وآلة حاسبة، خاصية تقسيم الاسماء الى مجموعات محددة- ذاكره داخليه 8 ميجا بايت والبطارية تدوم حتى 35 ساعة في وضع الانتظار – وحتى 3 ساعات بالنسبة للمكالمات.
هاتف إريكسون R380
تم تصنيعه من قبل شركة إريكسون “وهي شركة ذات أصل سويدي وأحد الشركات الرائدة في مجال توفير أنظمة توصيل البيانات والاتصال عن بعد” صدر هذا الهاتف في عام 2000 وكان يجمع بين وظائف الهاتف المحمول ومساعد رقمي شخصي، ويعتبر أول هاتف رسمي بيع على أنه هاتف ذكي، وتم تسويقه كأول هاتف ذكي يجمع بين الاتصال الصوتي ووظائف المساعد الرقمي واستخدام شاشة اللمس، وكان يعمل بنظام التشغيل سيمبيان Symbian OS.
وعلى العكس من هاتف نوكيا 9000، كان حجمه صغيرا وخفيف الوزن، والهاتف مزود بلوحة مفاتيح على هيئة غطاء، ومزود بشاشة تعمل باللمس أحادية اللون بحجم 3.5 بوصة ومزود بمجموعة من التطبيقات ويمكن استخدام الانترنت عليه ولذلك لم يحتاج الى تثبيت تطبيقات خارجية.
ثم بدأت المنافسات بين الشركات تشتد الى أن ظهرت أجهزة متقدمة أخرى مثل جهاز Kyocera 6035 وهو واحدة من أول الهواتف الذكية التي ظهرت في السوق الأمريكية، والذي صدر في فبراير 2001 وكان الهاتف مزود بمودم اتصال لاسلكي مقدم من شركة Verizon أكبر شبكة اتصالات متنقلة في الولايات المتحدة.
وكذلك قدمت شركة Handspring في العام التالي منتجاتها الخاصة في هذا المجال من خلال هاتفها Treo 180 المميز.
ومنذ ذلك الحين إلى يومنا هذا تتسابق الشركات مع الزمن وتتزايد الابتكارات يوما بعد يوم حيث قدمت في الهواتف المساعد الشخصي الصوتي مثل سيري و كورتانا وغيرهما بحيث تستطيع ان تتكلم مع هذه القطعة التكنولوجية وتتفاعل معها وتطلب منها القيام بوظائف ومهام متعددة.
ثم بدأت الهواتف الذكية تنتشر انتشارا واسعا من الشرق الى الغرب ففي عام 2002 ظهرت أجهزة ذكية أخرى، حيث ظهر جهاز P800 من شركة سوني إريكسون والذي اشتمل على العديد من المميزات الجديدة والتي من أهمها مشغل MP3 وشاشة لمس ملونة.
وفي عام 2005 ظهرت أجهزة الهواتف الذكية متعدد الوسائط وظهرت سلسلة متطورة من الهواتف الذكية استمرت في التحسن والابتكار عاما بعد عام.
ظهور الآي-فون “الهاتف الثورة”
ثم جاء عام 2007 وكشفت أبل عن جهاز الآي-فون هذا الجهاز الثوري والذي أحدث ضجة في العالم وقتها، والذي أعطته أبل شعار “إنه فقط البداية This is only the beginning”، حيث وضع نموذجا جديدا للهواتف الذكية سواء من خلال الواجهة الجديدة والتصميم الجديد بالكامل والشاشة التي تغطي معظم الهاتف، ثم أنشأت الشركة متجر لتطبيقاته المتنوعة واللامحدودة سواء التجارية أو المجانية، وأصبح مستخدمي الاي-فون يتزايدون يوما بعد يوم ويقدرون بالملايين.
ومن بين بعض الميزات الرائدة لهاتف الاي-فون في ذلك الوقت نظام التشغيل iOS الفريد. وجاءت مميزات هاتف ايفون الاول كالتالي:
سعة التخزين: 4 جيجا و8 جيجا و16 جيجا
الشاشة: تعمل باللمس المتعدد Multi-Touch وقياسها 3.5 انش ودقتها 16 مليون لون بحجم 480×320 بكسل.
الكاميرا: واحدة خلفية و دقتها 2 ميجا.
وفي الآي-فون ثلاثة حساسات مثل حساس اطفاء الشاشة تلقائياُ عند الاتصال إذا كان الآي-فون على الإذن أو حساس تدوير الشاشة، وكذلك حساس الإضاءة التلقائية.
ثم جاء عام 2008، ووصلت هواتف الأندرويد، والتي انتشرت انتشار كبير، وكان أول هاتف استخدم هذا النظام هو HTC DREAM.
ومنذ ذلك الحين إلى يومنا هذا تتسابق الشركات مع الزمن وتتزايد الابتكارات يوما بعد يوم حيث قدمت في الهواتف المساعد الشخصي الصوتي مثل سيري و كورتانا وغيرهما بحيث تستطيع ان تتكلم مع هذه القطعة التكنولوجية وتتفاعل معها وتطلب منها القيام بوظائف ومهام متعددة.