الفن في غزة... صدمات الحرب وما بعدها

الرابط المختصر

يسعى عدد من المتطوعين الفلسطينيين إلى التغلب على الآثار النفسية التي يتسبب فيها العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، عبر سلسلة من الأنشطة التي ترتكز على العلاج عبر الفن بأشكاله المختلفة. يستهدف المُتطوعون مُختلف فئات الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وفي مقدمتهم فئتا الأطفال والنساء، اللتان تُشكِلان نسبة 73% من ضحايا العدوان.
تهدف مبادرة العلاج من خلال الفن التطوعية إلى مُعالجة التأثيرات الصعبة لعدوان الاحتلال الإسرائيلي الذي استهدف بالدرجة الأولى البيوت، والمُنشآت والأبراج المدنية، إلى جانب استهداف المتنزهات العامة، والمرافق الترفيهية، وقصف المؤسسات التي كانت تُعنى بالأطفال.
في هذا السياق، يقول القائم على "العلاج بالفن"، عز الدين شلح، إن المُبادرة التطوعية تأتي خلال الإبادة الجماعية التي تستهدف كافة ملامح الحياة في قطاع غزة، وتعتمد فكرتها على العلاج بالفن (Art therapy) لكل ما خلفته الحرب من صدمات.
ويوضح شلح لـ "العربي الجديد" أن أنشطة وفعاليات المُبادرة بدأت في الخيام ومدارس ومراكز النزوح في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، بمساعدة مجموعة من المتطوعين، في مُحاولة لتجاوز حالات الصدمة، خاصة بين صفوف الأطفال والنساء، كما ستواصل عملها حتى تغطية كافة مناطق قطاع غزة.
ويلفت شلح إلى أن العمل في مراكز النزوح يستند إلى أُسس ومناهج علمية، إذ يستخدام جملة من طُرق التفريغ النفسي ضمن آلية العلاج من خلال الفن كالكتابة، وسرد الحكايات، والرسم، والمسرح، وأنشطة الطين والصلصال، والسينما.
ويُبين أن الأنشطة المُقدمة للأطفال والنساء، في ظل الظروف الصعبة والمأساوية التي يمرون فيها جراء تواصل العدوان الإسرائيلي، وتفاقم الأوضاع الميدانية سوءا، تتم عبر استشارة ومتابعة استشاريين وأطباء دوليين في العلاج بالفن.
من ناحيتها، توضح عضو الفريق أسيل النجار أن مُجربات العدوان الإسرائيلي المُتواصل على قطاع غزة مُنذ 177 يوما طاولت مُعظم الأُسر الفلسطينية، بمن فيها من نساء وأطفال، سواء بفُقدان أحد أفراد الأسرة، أو عدد منهم، ما تسبب بخلق صدمات، وحالة من عدم الاستقرار.
وتُشير النجار لـ"العربي الجديد" إلى أن تنفيذ فعاليات مُبادرة العلاج بالفن يتم في ظل فُقدان آلاف المواطنين تحت أنقاض بيوتهم المُدمرة، (70% منهم من النساء والأطفال)، ومع حالة التهجير القسري لمئات آلاف الفلسطينيين، الذين تركوا بيوتهم تحت التهديد والقصف، أو فقدوا بيوتهم ونزحوا إلى خيام تفتقد لأدنى مقومات الحياة.

أوقفوا الصمت... "صرخة جماعية" في وجه العالم

وتلفت إلى أن المُبادرة بأنشطتها المُتنوعة، تأتي كذلك مع استمرار المجاعة في المناطق الشمالية، جراء منع الاحتلال الإسرائيلي دخول المواد الغذائية والمُساعدات الإنسانية، ما تسبب باستشهاد 28 طفلاً بسبب المجاعة وسوء التغذية، علاوة على توقف النظام الصحي.
بدورها، توضّح عضو الفريق سماء شلح أن مُبادرة العلاج بالفن تستهدف المرأة والطفل، على اعتبار أن هذه الفئات هي الاكثر تأثرا بالصدمات الناتجة عن الأحداث الصعبة التي يمُر فيها قطاع غزة، لافتة إلى أن الأنشطة بدأت في مدينة رفح التي تضم نحو مليون ونصف المليون فلسطيني، من بينهم مليون و200 ألف يعيشون داخل خيام ومراكز النزوح، وسط أوضاع إنسانية صعبة ومُتفاقمة.

أما عن أهداف المبادرة صاحبة التمويل الفردي، التي تسعى إلى توفير دعم المؤسسات المعنية لتوسعة إطار أنشطتها، فتوضح شلح أنها تتمثل في الحفاظ على البناء الأُسري من خلال إعادة التوازن النفسي للمرأة والطفل، عبر سلسلة من اللقاءات الفنية والترفيهية داخل مراكز النزوح.