تحولت أقنعة الوجه، التي استخدمها مليارات البشر حول العالم لحماية أنفسهم من كوفيد-19، إلى "قنابل بيئية موقوتة"، وفق تحذيرات علمية حديثة. فقد أظهرت دراسة جديدة من جامعة كوفنتري البريطانية أن الأقنعة، حتى غير المستخدمة منها، يمكن أن تُطلق جزيئات بلاستيكية دقيقة ومواد كيميائية سامة في الماء، مما يفاقم أزمة التلوث ويهدد صحة الكائنات البحرية والبشر على حد سواء.
جسيمات بلاستيكية دقيقة تتسرب بدون استخدام
استخدم الباحثون أقنعة غير مستخدمة ووضعوها في ماء نقي لمدة 24 ساعة، ثم حلّلوا المياه باستخدام تقنيات مختبرية متقدمة. وكانت النتائج صادمة.
أطلقت الأقنعة كميات قياسية من الجزيئات البلاستيكية الدقيقة والمواد الكيميائية، حتى بدون أي تآكل أو إجهاد ميكانيكي.
وأظهرت الدراسة أن الأقنعة المفلترة أكثر ضرراً من الأقنعة الجراحية التقليدية، إذ أطلقت ثلاثة إلى أربعة أضعاف الجزيئات البلاستيكية الدقيقة، معظمها أصغر من 100 ميكرومتر، أي أصغر من عرض شعرة الإنسان.
المادة الأساسية المكتشفة كانت البولي بروبيلين، إضافة إلى آثار من البولي إيثيلين والبوليستر والنايلون والـPVC، وهي مواد مقاومة للتحلل ويمكن أن تبقى في البيئة لعقود، لتتراكم في السلسلة الغذائية عند ابتلاعها من قبل الكائنات البحرية.
خطر المواد الكيميائية يضاف إلى الجسيمات البلاستيكية
لم تقتصر المخاطر على الجسيمات البلاستيكية، فقد كشف البحث عن وجود مواد كيميائية ضارة، أبرزها مركب "بيسفينول ب" المعروف بتأثيره على الهرمونات، والذي يمكن أن يلوث المياه ويشكل خطراً على الإنسان والحياة البحرية عند تراكمه بكميات كبيرة.
ضرورة التحول نحو بدائل مستدامة
خلال جائحة كوفيد-19، استُخدم نحو 129 مليار كمامة شهرياً حول العالم، وكثير منها انتهى في النفايات العشوائية أو المجاري المائية. ويحذر الخبراء من أن استمرار هذا النمط سيضاعف أزمة البلاستيك العالمية.
ويؤكد الباحثون على أهمية تطوير كمامات قابلة لإعادة الاستخدام ومصنوعة من مواد قابلة للتحلل الحيوي، ورفع مستوى الوعي العام بكيفية التخلص من معدات الوقاية أحادية الاستخدام لتقليل الأضرار طويلة المدى.
يختتم البحث بالقول: "على الرغم من أن الكمامات أنقذت حياتنا خلال الجائحة، لا يمكن تجاهل إرثها البيئي. يجب التفكير في تصميمات أكثر أماناً وأنظمة إدارة نفايات فعّالة لمنع أضرارها على المدى الطويل".











































