عمال الزراعة بين قبضة "الحكومة" وضياع الحق في التنظيم النقابي (شاهد)

بعد انتظار دام لأكثر من 13 عاما اقرت الحكومة نظام عمال الزراعة ونشرته في الجريدة الرسمية ليتم مباشرة العمل به، إلا أن وزارة العمل علقت شمول عمال الزراعة بتأمينات الضمان الاجتماعي حتى عام 2024 بعدما كان مقررا العمل به عام 2023".

وضم النظام 17 مادة تنص المادة (أ) فيه على أن "يلتزم صاحب العمل الزراعي بإشراك العمال لديه بالتأمينات المشمولة بأحكام قانون الضمان الاجتماعي في حال انطبقت عليهم الأحكام الخاصة بالشمول الإلزامي الواردة في قانون الضمان الاجتماعي وتعديلاته، ونظام الشمول بتأمينات المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي وتعديلاته".

وبعد شهرين من صدور النظام، أصدرت الحكومة البلاغ رقم 41 من أوامر الدفاع وتنص المادة الثالثة منه  على” للحيازة الزراعية تعليق تطبيق تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة وتأمين الأمومة وتأمين التعطّل عن العمل على جميع أو بعض عمال الزراعة الواجب إشراكهم بأحكام قانون الضمان الاجتماعي وفقاً لنظام عمال الزراعة رقم (19) لسنة 2021، على أن يتم إشراكهم بتلك التأمينات اعتباراً من 1/1/ 2023″

وسمح البلاغ رقم (41) لأصحاب الحيازات الزراعية بتعليق تطبيق المادة وحصرها فقط بإشراك العمال بتأمين إصابات العمل وذلك حتى نهاية عام 2022، وأعلنت مؤسسة الضمان الاجتماعي في بيان صدر عنها مؤخرا نيتها التأجيل مرة أخرى حتى نهاية عام 2023 والذي يتعارض مع بيان آخر صدر عن وزارة العمل في نفس اليوم ويؤكد فيه وزير العمل نايف استيتية، بصفته وزيرا للعمل ورئيس مجلس ادارة مؤسسة الضمان الاجتماعي، ان فترة سريان بلاغ 41 فيما يخص شمول المزارعين بالضمان الاجتماعي بشكل كامل وبكافة التأمينات، ستنتهي مع نهاية هذا العام ، ما يعني انهم سيكونون مشمولين بشكل كامل مع بداية العام المقبل.

رئيس بيت العمال للدراسات حمادة أبو نجمة يعلق على أهم البنود الواردة في النظام والتي يراها ثغرة سلبية تضعف قوى المزارعين من العمال وهي "أنه استثنى العاملين في الحيازات الزراعية التي تُشغّل ثلاث عمال فأقل من الشمول في الضمان الاجتماعي وأيضاً من ساعات العمل والإجازات والعطل".

وبما يخص قرار تأجيل شمول عمال الزراعة في تأمين الضمان الاجتماعي لعام 2024 يقول "الحكومة تؤيد هذا القرار وتراه مُنصفاً بحق المزارعين، رغم عدم وجود مبرر له".

"قرار لا يسنده أي مصوغ قانوني" بهذا يصف أبو نجمة قرار تأجيل تطبيق الضمان الاجتماعي للقطاع الزراعي لعام 2024، وأن أوامر الدفاع كانت سبباً بتأجيل التطبيق من قبل، وأنه حتى الآن لم يصدر أمر دفاع جديد يمدد التأجيل للعام الجديد، موضحاً أن  تأجيل تطبيق التأمينات لا يشمل تأجيل إصابات العمل، ويبقى مستمر وملزم لجميع أصحاب العمل.

الضمان الاجتماعي..تأمين إلزامي

لم تكن جائحة كورونا سبباً في مطالبات القطاع الزراعي بإلغاء الضمان الاجتماعي عن العمالة الوافدة بشكل كامل، ويؤكد أبو نجمة "لا يجوز لأي قطاع أن يلغي الضمان الاجتماعي لأنه تأمين وطني إلزامي".

رئيس نقابة عمال الزراعة مثقال الزيناتي يصف أهمية الضمان الاجتماعي للعمال الوافدين "حق مشروع للعمال يجب الحصول عليه، ولا يجوز لأي جهة انتقاص هذا الحق، معتبره تقليل من جهد العملية الإنتاجية"، وأن مشكلة المزارعين برأيه ترتبط بشكل مباشر بالسياسات الرسمية.

"بدائية التنظيم" يقول الزيناتي إن "مستوى التنظيم مازال بدائي بما يخص طبيعة عمل المزارعين مما ينقص حقهم"، وأن أحد مشكلات هذ القطاع تكمن في ضغوط رأس المال  لدى المزارع الكبيرة.

"الدولة إذا أرادت ألا تكون بوجهين عليها بترخيص نقابة لعمال الزراعة حتى تضم هذه النقابة عشرات الألوف وتساعد بحل مشكلات الزراعة التي تواجه الجميع".

 

 يشدد الزيناتي على أهمية إيجاد "تجمع نقابي" يمثل طيف واحد يطالب بالتمكين النسبي والشامل  للمزارعين، وأنهم قدموا جميع الشروط القانونية لترخيص النقابات مما اضطروا للجوء للقضاء الذي برأيه "غير منصف لأسباب سياسية"، وبتوجيه باسم نقابة عمال الزراعة "يحذر الزيناتي اتحاد النقابات أن تطبخ فكرة ضم عمال الزراعة لنقابة المواد الغذائية"، لأنهم عمال زراعة وليسوا عمال مواد غذائية. 

 

يعلق أبو نجمة على رفض نقابات لعمال الزراعة، "لا يوجد مبرراً لذلك" وأن أثر غياب التنظيم النقابي يشتت العاملين في هذا القطاع ويضعف حقهم.

حسين الحراسيس رئيس لجنة العمل والتنمية في مجلس النواب، يقول إن المشروع المعدل لقانون العمل الموجود في المجلس، يطرح مواد بعيدة عن عمال الزراعة، وأن النظام الداخلي لمجلس النواب لا يفتح مواد غير مطروحة من قبل الحكومة.

وبما يخص تأجيل تفعيل قانون الضمان الاجتماعي للعمل في القطاع الزراعي "توقيته غير مناسب"، وبرأيه الضمان سيشكل عبء إضافي على المزارع. 

ويذكر أبو نجمة الحملة التي توجهت لمؤسسات المجتمع المدني في إقناع الحكومة لإرسال قانون معدل مختلف لقانون العمل، وأنهم يركزون حالياً بشكل مكثف على حملة للتنظيم النقابي وحرية في المفاوضة الجماعية وفق معايير العمل الدولية التي التزمت فيها الأردن.

مصادقة العهود وغياب التطبيق 

"الأردن صادق على العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وملتزم بتطبيق اتفاقية التنظيم النقابي التي تلزم جميع الدول أن تضع في تشريعاتها وإجراءاتها قواعد واضحة دون أي قيود في حرية التفاوض"، يوضح أبو نجمة دور الأردن كجزء من المعاهدات الدولية.

في بيان صحفي صادر عن مؤسسة الضمان الاجتماعي مطلع الشهر الحالي، تظهر فيه أعداد "الحيازات المشمولة بالضمان عددها 1135 ويعمل بها 8691 عاملاً"، مؤكدة على مراعاة الظروف للقطاع الزراعي.

هناك مطالبات من قبل منظمات المجتمع المدني ونشطاء حقوقيون ونقابيون بإعادة النظر بأحكام قانون العمل المتعلقة بالتنظيم النقابي، في ضوء ذلك يضيف أبو نجمة أهمية الوصول إلى الحلول الموضوعة في التوصيات المرفوعة للحكومة، التي تضمن حرية التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية للحفاظ على حقوق الإنسان.

هناك الكثير من القضايا في قانون العمل يجب أن تتم معالجتها، والجائحة فرضت قضايا تحتاج إلى تنظيم في سوق العمل، وأن سبب هضم كثيراً من الحقوق يرجع إلى غموض القضايا العمالية وتنظيم العلاقات وصياغة العقود، يوضح أبو نجمة حال قانون العمل والغموض حوله، ويضيف أن أصحاب العمل يعتبر صوتهم مسموع ولهم أشكال متعددة من التنظيمات ولهم نقابات وغرف تجارة خاصة، بينما صوت العمال يعتبر مهمشاً.

 

 

أضف تعليقك