نجاحات شبابية في المشاريع البيئية: تجارب ملهمة للوعي البيئي
"تعتبر صناعة الملابس ثاني أكبر مستهلك لموارد المياه في العالم ومسؤولة عن قطع ما يزيد عن 70 مليار طن من الأشجار سنويًا. هذا بالإضافة إلى تأثيرها على الأمن الغذائي بسبب استخدام المبيدات الحشرية في زراعة القطن" هذا ما قالته شيما وصفي، في معرض حديثها عن مشروع ملفت سمته "جينز اخضر"، وهو مشروع بيئي يهدف إلى دعم فرص عمل النساء في مجال الخياطة وإعادة تدوير الملابس المستدامة.
يدعم مشروع "جينز اخضر" العديد من أهداف التنمية المستدامة إذ يساهم في القضاء على الفقر، من خلال توفير فرص عمل للنساء وتوفير منتجات ملابس بأسعار معقولة تناسب الأشخاص ذوي الدخل المنخفض. بالإضافة إلى تعزيز العمل اللائق ونمو الاقتصاد المحلي والحد من كمية النفايات الناتجة عن التخلص من الملابس بدون إعادة تدويرها، كما تقول شيماء وتضيف" نحن نعتمد على فكرة إعادة التدوير وتشجيع النساء على استخدام الملابس التي تقلل استنزاف موارد البيئة، بهدف تقليل الطلب، وتوعية المجتمع بأهمية تقليل شراء الملابس الجديدة واستخدام الملابس المستدامة، بالإضافة إلى تعليم كيفية فرز النفايات من المصدر وإعادة تدويرها بشكل صحيح".
تسعى شيما إلى نشر الوعي بين المواطنين حول التعامل المستدام مع التغيرات البيئية، بهدف تأسيس جيل جديد يدافع عن حقوقهم البيئية، عبر تنظيم جلسات توعوية للشباب حول القضايا المحلية التي تؤثر على مناطقهم مؤكدة " أنها استفادت كثيرًا من وسائل الإعلام والتكنولوجيا في توسيع نطاق المشروع، لكنها لم تستطع تطويره كما كانت ترغب بسبب ضعف التمويل، مع ذلك تنصح الشباب والشابات "عدم اليأس وضرورة ابتكار مشاريع بيئية مستدامة تخدم مجتمعاتهم".
رغم التحديات المالية التي واجهتها، استطاعت شيما تحقيق أهداف مشروعها من خلال تشجيع المجتمع على تقليل استهلاك الملابس الجديدة وتعزيز ثقافة إعادة التدوير. يُظهر "جينز أخضر" أن المشاريع الصغيرة وخاصة التي يبادر بها الشباب والشابات يمكن أن تُحدث فرقًا كبيرًا، لأنها مختلفة وريادية وتعكس التزام المجتمع نحو تحقيق مستقبل مستدام.على حد تعبير شيماء.
تشير الإحصائيات إلى أن الشباب يشكلون حوالي 60% من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي حول العالم، مما يمنحهم تأثيراً كبيراً في نشر الوعي البيئي. دراسة أجرتها منظمة السلام الأخضر (Greenpeace) عام 2023 أظهرت أن 75% من حملات التوعية البيئية الناجحة على الإنترنت كانت بقيادة شباب تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاماً. كما أظهرت الأبحاث أن 80% من الشباب يعتبرون التغير المناخي والتدهور البيئي قضايا ملحة يجب معالجتها، ويشاركون بفاعلية في الأنشطة البيئية عبر منصات التواصل الاجتماعي، مما يعزز دورهم كقادة في الإعلام البيئي ودفع التغيير الإيجابي.
ويبدو أن الشباب لديهم تأثير متزايد في مجال الإعلام البيئي، وفقاً لتقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للبيئة عام 2022، فإن 65% من المبادرات البيئية الناجحة في المدارس والجامعات قادها شباب تتراوح أعمارهم بين 15 و25 عاماً. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت إحصاءات من منصة التواصل الاجتماعي "إنستغرام" أن المحتوى البيئي الذي ينشئه الشباب يحصل على معدلات تفاعل أعلى بنسبة 40% مقارنة بالمحتوى الذي ينشئه الفئات العمرية الأخرى. هذه الأرقام تؤكد أن الشباب يلعبون دوراً حاسماً في توجيه الحوار البيئي على مستوى العالم، مما يعزز جهود الحفاظ على البيئة والاستدامة.
فيما وأظهرت دراسة أعدها مركز الأبحاث البيئية لعام 2023 أن 75% من المشاركين في المشاريع الشبابية يشعرون بزيادة الوعي البيئي في مجتمعاتهم. كما حققت هذه المشاريع تفاعلًا أكبر بنسبة 60% مقارنة بالمبادرات التي يقودها البالغون.
على المستوى المحلي تقوم منظمة أوراق في دعم الإعلام البيئي، حيث برزت كرائدة في مجال دعم الإعلام البيئي في الأردن، حيث تلعب دوراً حيوياً في تعزيز الوعي البيئي وتشجيع المشاركة الفعالة في حماية البيئة، حيث تقوم بإنتاج محتوى تثقيفي وتوعوي متنوع، يستهدف مختلف شرائح المجتمع، بهدف تعزيز المعرفة والفهم العميق للتحديات البيئية المحلية والعالمية، كما قالت زينه حمدان، مدير منظمة أوراق، التي تشدد على "أن الشباب هم في طليعة قيادة التغيير في وسائل الإعلام البيئية، وخاصة من خلال المنصات الحديثة والرقمية. وإن كفاءتهم في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والأدوات الرقمية تمكنهم من رفع مستوى الوعي ومشاركة المعلومات وحشد العمل بشأن القضايا البيئية والمناخية لتشجيع الشباب على الانخراط في الصحافة البيئية يمكنهم ذلك من أن يزيد تأثيرهم، ومن خلال الاستفادة من الوسائط وإنشاء محتوى مقنع يثقف ويلهم أقرانهم والمجتمع الأوسع لاتخاذ إجراءات من أجل البيئة".
بدورها تلعب وزارة البيئة الأردنية دورًا حيويًا في تعزيز التنمية المستدامة من خلال دعم المشاريع البيئية الناجحة التي تُحدث تأثيرًا إيجابيًا على المجتمع والبيئة، ويؤكد الناطق الإعلامي باسم وزارة البيئة، أحمد عبيدات، على أهمية دور الشباب في تعزيز الوعي البيئي بالمجتمع الأردني. الوزارة تسعى لإشراك الشباب في المشاريع التوعوية، مما يساهم في نشر الرسائل البيئية عبر منصات التواصل الاجتماعي. وتعتبر المبادرات الشبابية ضرورية لتحقيق أهداف التوعية البيئية، حيث تم دمجهم مع الجهات المعنية لصياغة وتنفيذ السياسات.
وشدد على أهمية دور مؤسسات المجتمع المدني والمبادرات الفردية والشركات الحكومية والمجتمعية أيضا على دعم الوعي والممارسات البيئية المجتمعية الفضلى كما حصل على سبيل المثال في التعاون بين وزارة البيئة ومؤسسات مجتمع مدني متعددة منها مؤسسة أوراق في عدة مبادرات، محققة نجاحًا كبيرًا على مستوى المملكة، من خلال توزيع ما بين 30 إلى 40 ألف حقيبة قماشية متعددة الاستخدام في السوبر ماركت وأماكن أخرى، مما ساهم في تغيير سلوك المجتمع نحو ممارسات بيئية أكثر استدامة. إذ تعكس هذه المبادرات الفكر البيئي الذي تسعى وزارة البيئة إلى تحقيقه. وتأمل الوزارة في دعم المزيد من هذه المبادرات الشبابية، مؤمنة بأن المستقبل يحمل مزيدًا من النجاحات لتحقيق الطموحات المرجوة.
في ظل التحديات البيئية المتزايدة، تظل المشاريع المستدامة أملًا حقيقيًا للمستقبل لدى الكثير من الشباب، الذين يمثلون الشريحة الأوسع ويعتبرون قوة محورية في تعزيز الاستدامة البيئية. يلعب هؤلاء الشباب دورًا حيويًا عبر منصات التواصل الاجتماعي في نشر الوعي وتحفيز التغيير نحو الاستدامة، بفضل استخدامهم الابتكاري للتكنولوجيا والمحتوى الإعلامي الجذاب. من خلال مشاريعهم، يساهمون في تعزيز الحوار البيئي ودفع السياسات نحو حماية البيئة، مما يعكس إرادة الشباب في تحقيق تغيير إيجابي ومستدام.