"مدربات السياقة" : حقوق عمالية ضائعة وتحديات عديدة

الرابط المختصر

في ظل التحديات الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة بين الإناث في الأردن، يبرز قطاع تدريب السواقة نافذة أمل جديدة للنساء الطموحات. على الرغم من الصعوبات الاجتماعية والمهنية، أثبتت مدربات السياقة قدرتهن على تحقيق نجاحات لافتة، متجاوزات القيود التقليدية نحو الاستقلالية المالية والتمكين الذاتي.
نجاحات تتفوق على التحديات
تسرد مرام ملحم، 32 عامًا من محافظة جرش، لـ "صوت شبابي" تجربتها كمدربة لقيادة السيارات : "لم يكن في بالي أبدًا أن أصبح مدربة قيادة سيارات." ورغم أنها أكملت دراستها الثانوية في عام 2023، إلا أن القدر ساقها إلى هذا المجال بعد تجربة متعددة الوظائف، كان آخرها العمل كسكرتيرة لمدة ثلاث سنوات في مركز تدريب السواقة، متابعة  "كان مدير المركز هو من اقترح عليّ أن أقدم لرخصة القيادة الخصوصي، ثم العمومي، وأشارك في دورة تدريب المدربين". وتؤكد مرام أن التحديات التي واجهتها عديدة أهمها  التعامل مع طالبات بمستويات ثقافية واجتماعية ونفسية متنوعة، مما تطلب منّي أن أكون معلمة وطبيبة نفسية في الوقت ذاته. إضافة إلى "نظرة المجتمع للمدربات الإناث كانت متعبة، لكن مع الوقت، تعلمت كيف أتعامل مع الناس وأثبت نفسي"
وتتابع مرام لـ صوت شبابي حول التحديات بقولها : "واحدة من المشاكل الكبيرة اللي بنعاني منها في قطاع التدريب هي أن مهنتنا غير مصنفة كمهنة خطيرة، على الرغم من المخاطر اليومية اللي بنواجهها. الأجور قليلة ولا تتناسب مع الجهد والمسؤولية اللي بنتحملها. بالإضافة إلى ذلك، سيارة التدريب مسجلة باسم صاحب المركز وليس باسم المدرب، وهذا بيحد من حقوقنا. حتى بعض قوانين السير قاسية على المدربين؛ التي تمنع من تجديد تصريح عملنا كمدربين لمدة سنة، في حال وجود مخالفة وهذا بيضر بمستقبلنا المهني بشكل كبير".

وتختتم مرام برسالة للسائقين و للجميع: "حابة أوجه كلمة بسيطة للناس: لما تشوفوا سيارة تدريب، رجاءً لا تزمّروا. يمكن لتلك الثانية اللي تنتظرونها بصوت الزمور أن تخلق كارثة. الطالب بيكون متوتر، وردة فعله قد تكون غير متوقعة. احترموا سيارة التدريب والمدرب، وتذكروا أن السائق اللي بتواجهونه قد يكون في يوم من الأيام أنت، أو أخوك، أو بنتك، أو زوجتك. دعونا نحظى بثقتكم لنتمكن من تخريج سائقين محترفين وآمنين ". 
وتحدثت المدربة وفاء علي، 40 عامًا، من عمان، لـ "صوت شبابي" عن شغفها بتعليم القيادة وتحدياتها كأم وزوجة وربة بيت.: "الدافع الذي خلاني أشتغل هو حبي للمهنة، مع صعوبتها وشغفي بها، وأخيرًا لزيادة الدخل." وتؤكد أنها تغلبت على صعوبات تنظيم الوقت بين العمل والأسرة، بالإضافة إلى النظرة الذكورية التي واجهتها في المجتمع .
وأعربت وفاء عن أسفها لعدم تقدير المجتمع لمهنة تدريب السواقة، ودعت إلى تحسين الأجور وتوفير ضمانات للعاملين في هذا المجال. قالت: "كأجور، المفروض تكون أعلى بالنسبة للمجهود والتعب، والعقود والضمان للأسف لا يوجد إثباتات بحقنا أو تأمين لنا من كل النواحي. ."


من جانبه أشار أحمد زطيمة صاحب مكتب لتدريب السواقة لـ "صوت شبابي"، إلى أن توظيف المدربات يأتي تلبية لرغبات الأهالي الذين يفضلون أن تكون المدربة هي من تشرف على تدريب بناتهم. بقوله "العديد من الطالبات يشعرن براحة أكبر عند التدريب مع مدربة، حيث يتاح لهن حرية أكبر في التعلم دون قلق." وأكد أن المركز يوفر بيئة آمنة واحتراماً للمدربات ولديهن حرية كبيرة في تحديد أوقات عملهن.
وأوضح زطيمة أن المراكز لا يجبر المدربين أو المدربات على الانتساب للضمان الاجتماعي، كون غالبية المدربين هم من المتقاعدين، من جهات أخرى ولديهم ضمان وتأمين صحي من هذه الجهات، مشيرا إلى أن الأجور مناسبة وتعكس الجهد المبذول.
العبداللات: قضايا القطاع وتوصيات
بدوره قال رئيس الجمعية الأردنية لمراكز تدريب السواقة والعاملين فيها، إبراهيم العبداللات، إن عدد المدربين والمدربات في المملكة يبلغ حوالي 3300 شخص. مشيرًا إلى إلى تحديات مثل المضايقات من بعض السائقين في الشوارع، وعدم احترام سيارات التدريب. و لفت إلى أن معظم المدربين لا يتم تسجيلهم في الضمان الاجتماعي، وأوصى بضرورة تحسين الأجور وتوفير ميادين تدريب خاصة.
وطالب العبداللات بتعديل قوانين ترخيص سيارات التدريب، وإعفائها من بعض الرسوم الجمركية، أسوة بمركبات الصفة العمومية كون سيارات التدريب تحمل نفس الصفة بدون حقوق، بالإضافة إلى تحديد سقف أعلى لعدد سيارات التدريب في المراكز. ودعا إلى إلزام جميع المراكز بالاشتراك في الجمعية وتوفير ميادين خاصة للتدريب.
إحصائيات ملفتة                                                                                     
بلغ معدل البطالة في الأردن 21.4% خلال الربع الأول من عام 2024، وارتفعت معدلات البطالة بين الإناث إلى 34.7%. وأظهرت الإحصائيات أن البطالة بين حملة الشهادات الجامعية بلغت 25.8%. وتتركز نسبة المشتغلين في الفئة العمرية 20-39 سنة بنسبة 59.4% بين الذكور و59.8% بين الإناث،
وفي سياق متصل، أقر مجلس الوزراء نظاما معدلا لنظام ترخيص مراكز تدريب السواقة لسنة 2024؛ انسجاما مع أحكام القانون المعدل لقانون السير رقم (18) لسنة 2023، ولاشتراط عدم ارتكاب مدربي السواقة أيا من مخالفات السير الخطيرة لغايات منحهم تصاريح التدريب، ولإعادة تنظيم الشروط الواجب توافرها في مبنى مركز تدريب السواقة.