كيف يساهم التثقيف في حماية الشباب من المخدرات؟
في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه المجتمعات الحديثة، يبرز خطر المخدرات كأحد التهديدات الرئيسية التي تواجه الشباب وللتغلب على هذه المشكلة المتزايدة، يعد التثقيف حول مخاطر المخدرات وآثارها السلبية على الأفراد والمجتمع أمرًا بالغ الأهمية.
إذ يعتبر التثقيف حول المخدرات أداة أساسية لرفع مستوى الوعي بين الشباب والمراهقين بشأن المخاطر التي تنطوي عليها، يساهم التثقيف في تزويد الشباب بالمعلومات الصحيحة حول الآثار الصحية والنفسية للمخدرات، بما في ذلك الإدمان، وتدمير العلاقات الاجتماعية، والآثار القانونية التي قد تؤدي إلى فقدان الحريات.
وهذا ما أجمع عليه غالبية من تحدثنا معهم من الشباب في "صوت شبابي" إذ يرون أن التثقيف حول المخدرات أمر ضروري وأساسي لحمايتهم من الوقوع في فخ الإدمان.
محمد، طالب جامعي يبلغ من العمر 22 عامًا "العديد من أصدقائي لم يكونوا على دراية كافية بالآثار المدمرة للمخدرات الوعي ضروري لنبني مستقبلًا آمنًا".
وتوافقه نورة، 19 عامًا، التي ترى أن التثقيف المبكر يمكن أن يقي الشباب من اتخاذ قرارات خاطئة، مضيفة "تعلمنا في المدرسة أن المخدرات ليست فقط مضرة بالصحة، لكنها تؤدي إلى مشاكل قانونية وعائلية، وهذه المعلومات ساعدتني في اتخاذ قرارات واعية".
ويرى بعض من تحدثنا معهم من الشباب أن المدارس لا تزال بحاجة إلى تطوير برامج توعوية أكثر تأثيرًا، كما قالت ليلى، 18 عامًا، "نحتاج إلى مناهج تُدرس بشكل مستمر وتفاعلي، ليس فقط محاضرات سريعة، بل نريد مشاركة حقيقية الحالات الواقعية والقصص التي تعكس ما يواجهه الشباب في حياتهم اليومية".
التحديات التي تواجه الشباب:
مع ذلك، أشار بعض الشباب إلى أن التثقيف وحده قد لا يكون كافيًا ما لم يتم معالجة الأسباب الاجتماعية والنفسية التي تدفع الشباب نحو المخدرات، كما قال أحمد، لـ"صوت شبابي": "أحيانًا الضغط النفسي والاجتماعي الذي نعيشه أكبر من مجرد محاضرة عن المخدرات نحتاج إلى دعم نفسي وتوفير بدائل صحية للتعبير عن أنفسنا".
ويرى رئيس الجمعية العربية للتوعية من المخدرات والعقاقير الخطرة الدكتور عبد الله عويدات، أن اجتثاث هذه الآفة يحتاج إلى التركيز على التوعية باعتبارها تمثل الوقاية الاستباقية قبل الوقوع في دوامة التعاطي والإدمان خاصة للفئات العمرية الشابة والمراهقة التي تعد أكثر عرضة لاستهلاك المخدرات بجميع أنواعها، مؤكدا على أهمية دور الشباب في ذلك"
جاء هذا في حديثه لاحتفالية اختتام فعاليات المرحلة الأولى من مشروع "تثقيف الأقران وتوعية المجتمعات من آفة المخدرات والسلوكيات الخطرة وأنماط الحياة الصحية"، الذي نفذته هيئة شباب كلنا الأردن؛ الذراع الشبابية لصندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية، بالشراكة مع الجمعية العربية للتوعية من المخدرات والعقاقير الخطرة.
واستهدف المشروع في المرحلة الأولى نحو 400 شاب وشابة من الفئة العمرية 20 - 30 عاما، من مختلف المحافظات، تم تدريبهم على مهارات متعددة حول كيفية استخدام وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي في التوعية، ومهارات كسب التأييد والدعم وإعداد المبادرات الشبابية وكيفية توظيف مهارات القيادة في الإقناع والتأثير على الأقران ومواجهة الضغوطات والتوترات والسلوك الخطر، ومخاطر المخدرات.
وبحسب التقرير الإحصائي الجنائي لعام 2023 الصادر عن مديرية الأمن العام ، ارتفعت معدلات ضبط المخدرات بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، في عام 2023، سجلت السلطات زيادة بنسبة 25% في عدد القضايا المتعلقة بالمخدرات مقارنة بالعام السابق، كما تشير الإحصائيات إلى أن تم تسجيل 22956 قضية مخدرات في عام 2023، مقارنة بـ 18334 قضية في عام 2022،وفقا لتقرير.
ويرى الخبير في علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي، إنَّ من أهم الاسباب التي تدعوا الشباب إلى تعاطي المخدرات هم رفقاء السوء، بالأضافة إلى عدم المتابعة والمراقبة والتوجيه من قبل الأهل.
وأضاف الخزاعي لـ"صوت شبابي"، أن الشباب هم الأكثر عرضة لتأثيرات المخدرات نتيجة لعدة عوامل، منها التحديات النفسية والاجتماعية، البطالة، والضغوط المعيشية ومع ذلك، فإنهم يشكلون في الوقت ذاته الأمل الرئيسي في كبح جماح انتشار هذه الآفة، إذا ما تم تزويدهم بالوعي والمعرفة.
وأشار إلى أن الافراط في الحرية لشباب من قبل الأهل من العناصر الأساسية التي قد تؤدي إلى توجه الشباب إلى طرق غير صحيحة وغير سليمة منها تعاطي المخدرات والتجارة فيها، بالإضافة إلى سوء التربية وعدم متابعة.
وأكد الخزاعي أن التثقيف يلعب دوراً حاسماً في حماية الشباب من المخدرات،مشيرًا إلى أن التوعية بمخاطر المخدرات وتأثيراتها السلبية على الصحة الجسدية والنفسية، وكذلك على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، تعتبر خطوة أساسية للحد من تعاطي المخدرات،لافتًا إلى أن الشباب بحاجة إلى برامج توعوية متكاملة تُدرَّس في المدارس والجامعات.
واختتم الدكتور حديثه قائلًا: "أن مواجهة المخدرات ليست مسؤولية الشباب فقط، بل تتطلب تضافر الجهود بين الأسرة، المؤسسات التعليمية، والهيئات الحكومية والمجتمعية،مبينًا أنه من الضروري تعزيز دور الإعلام في نقل الرسائل التوعوية بطرق مبتكرة وجذابة للشباب، وتوفير بدائل إيجابية تساعدهم على تطوير مهاراتهم، واكتساب الشعور بالانتماء والهوية".