كيف يؤثر ضعف الرواتب وارتفاع تكاليف المعيشة على قدرة الشباب الأردني على الادخار؟

صرف رواتب
الرابط المختصر

تعتبر ثقافة الادخار لدى الشباب الأردني قضية ذات أهمية كبيرة، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجه المجتمع الأردني يُظهر العديد من الشباب وعياً متزايداً بأهمية الادخار كوسيلة لتحقيق الاستقرار المالي والتخطيط للمستقبل، سواء لتحقيق أهداف شخصية، مثل التعليم وشراء منزل، أو لمواجهة الظروف الطارئة.

وفي ظل الظروف الاقتصادية المتغيرة، يجد الشباب الأردني أنفسهم أمام تحديات مالية تعيق قدرتهم على الادخار وتحقيق الاستقرار المالي حيث يقول الشاب قدر الرواشدة، في رده على استفسار حول إمكانية الادخار من راتبه، إنه يواجه “صعوبة كبيرة في الادخار بسبب الأعباء المالية الشهرية المتزايدة”.
 ويضيف: “ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل مستمر يجعل من الصعب تخصيص مبلغ للادخار، كما أن ضعف الدخل مقارنة بالنفقات يزيد من صعوبة تحقيق التوازن المالي، خاصةً في ظل قلة فرص العمل وزيادة المصاريف”.

ويشير الرواشدة إلى أن “الالتزامات الاجتماعية، مثل المناسبات والأعياد، تأخذ جزءاً كبيراً من الميزانية الشهرية، إضافة إلى عبء القروض والديون الشهرية التي تقلل من فرص التوفير”. كما يرى أن “افتقار الشباب إلى التوعية المالية المبكرة وعدم التخطيط المالي الواضح يجعلهم عرضة للاستهلاك العشوائي بدل الادخار”.

وفيما يتعلق بثقافة الادخار، يؤكد الرواشدة على أهميتها قائلاً: “ثقافة الادخار ضرورية لتحقيق الاستقرار المالي على المدى الطويل، حيث تساعد على مواجهة الظروف الطارئة وتخطيط المستقبل بثقة وأمان”، ومع ذلك، يعترف الرواشدة بضعف هذه الثقافة لدى العديد من الشباب، مشيراً إلى الحاجة إلى “تعزيزها من خلال التعليم وبرامج التوعية المالية التي تُعرّف الشباب بأهمية الادخار وكيفية إدارة الأموال بشكل أفضل”.


الشابة الثلاثينية شيماء عواقلة:معظم المدخرات تذهب لتعزيز الرفاه النفسي والترفيه

تحدثت الشابة شيماء عواقلة لعمان نت عن رأيها في الادخار، مؤكدة أنها تسعى للادخار ولكن لفترات قصيرة فقط، موضحة أن “التحديات الاقتصادية تجعل من الصعب الالتزام بخطط ادخار طويلة الأمد”.

 وتقول عواقلة إلى أن غلاء المعيشة ومحدودية الدخل من أبرز المعوقات، قائلةً: “معظم المدخرات تذهب لتعزيز الرفاه النفسي والترفيه، في ظل ارتفاع أسعار الأماكن الترفيهية وغياب المتنفسات ذات الأسعار الرمزية”.

وحول رأيها في ثقافة الادخار، قالت شيماء: “الادخار ضرورة ملحة لتحقيق الاستقرار المالي، لكن صعوبة التطبيق تكمن في غلاء المعيشة وقلة الموارد المالية، مما يجعل الالتزام بخطة ادخار طويلة تحدياً يفوق إمكانيات الكثيرين”.

وأكد الشاب مهند الزواهرة، وهو أحد الموظفين الذين يشتركون في نظام الادخار عبر صندوق الادخار الوزاري، على أهمية الخطوات التي اتخذتها الحكومة لتمكين الموظفين من الادخار.
 وقال مهند: “أقوم بادخار 24 ديناراً شهرياً يتم اقتطاعها من خلال صندوق الادخار في الوزارة، وهذه خطوة عملية فعالة أطلقتها الحكومة منذ حوالي عام لمساعدة الموظفين في تأمين مبلغ نهاية الخدمة.”

واضاف الزواهرة إلى أن هذا النظام كان له دور كبير في تنظيم الادخار، قائلاً: “لولا هذه الخطوة، لكان من الصعب جداً ادخار مبلغ شهري بشكل منتظم بسبب غلاء الأسعار وكثرة متطلبات الحياة، التي تتجاوز غالباً الراتب الشهري.” وأكد على أن ثقافة الادخار مهمة جداً، خاصة إذا كانت مدعومة بتخطيط مستمر وتنظيم، ما يسمح بتحقيق أهداف مالية طويلة الأمد تكون بمثابة شبكة أمان تساعد الأفراد في مواجهة تحديات الحياة.

“الشباب الأردني بين تحديات المعيشة وضغوط الادخار: خيارات صعبة وحلول مقترحة”


ويواجه الشباب الأردني تحديات معقدة في تحقيق الادخار طويل الأمد، وذلك نتيجة ضعف الرواتب وارتفاع تكاليف المعيشة، بحسب ما أفاد به الخبير الاقتصادي مازن إرشيد.
ويشير إرشيد إلى أن الحد الأدنى للأجور، الذي يبلغ نحو 260 ديناراً شهرياً، بالكاد يكفي لتغطية الاحتياجات الأساسية فعلى سبيل المثال، يستنزف إيجار السكن ما بين 30% إلى 50% من الدخل الشهري، فضلاً عن تكاليف أخرى مثل النقل والطعام والكهرباء، مما يجعل الادخار مسألة صعبة للغاية.

ويرى إرشيد أن التغلب على هذه التحديات يتطلب التخطيط المالي الدقيق وإرادة قويةو ينصح الشباب ببدء الادخار حتى بمبالغ بسيطة، مثل تخصيص 10% من الدخل شهرياً. فعلى سبيل المثال، يمكن لادخار 20 ديناراً شهرياً أن يتراكم ليصبح مبلغاً جيداً بعد خمس سنوات، يمكن أن يسهم في دعم طارئ أو استثمار صغير.
ويبين إرشيد إلى أن الاستفادة من التكنولوجيا، مثل تطبيقات الادخار والموازنات المالية، يمكن أن تساعد الشباب على تتبع نفقاتهم وتحقيق أولوياتهم المالية.

من ناحية أخرى، تواجه الشباب معوقات إضافية، منها ضعف التوعية المالية وقلة فرص الاستثمار التي يمكن أن تساهم في تنمية مدخراتهم. إلى جانب ذلك، يؤدي الضغط المجتمعي والرغبة في الاستهلاك الفوري إلى صعوبة الادخار، ويقترح إرشيد حلولاً لهذه العقبات، مثل نماذج الادخار الجماعي أو برامج حكومية تدعم المدخرين، كبرامج التوفير الإجباري أو تحفيز الادخار عبر إعفاءات ضريبية.

ويختتم الخبير الاقتصادي حديثه بأن أهمية الادخار تظهر بوضوح في أوقات الطوارئ، مثل فقدان الوظيفة أو الحاجة إلى تكاليف صحية مفاجئة. ففي ظل غياب شبكة أمان مالية، يصبح الادخار ضرورة لضمان الاستقرار المالي وتجنب الأزمات المفاجئة.

ويعزو أخصائيون في علم الاجتماع ميل الشباب إلى الإسراف في الإنفاق إلى الانتشار العالمي للنزعة الاستهلاكية، التي حولت مختلف السلع الاستهلاكية إلى ضروريات.
ويرى الأخصائيون أن عدم توفير مجتمعاتنا فرصاً حقيقية للشباب للاهتمام بأشياء ذات قيمة معنوية ونفسية يسهم في تعزيز هذا التوجه نحو الاستهلاك، كما يشيرون إلى وجود “تعارض واضح بين القدرة الشرائية المحدودة والرغبة المتزايدة في الشراء لدى البعض.”

وفي ختام التقرير، يبقى الادخار أمراً حيوياً لتحقيق الاستقرار المالي وتجنب الأزمات المفاجئة. ورغم التحديات الكبيرة، يبقى الأمل في تعزيز ثقافة الادخار بين الشباب الأردني من خلال الوعي المالي والبرامج الحكومية التي تساهم في تمكينهم من بناء مستقبل مالي أكثر استقراراً.