كم يدفع شباب المحافظات بدل التنقل من وإلى عمان ؟
تشكل تكلفة المواصلات من المحافظات إلى العاصمة عمان تحديًا كبيرًا للمواطنين الأردنيين، حيث تعتمد شريحة كبيرة منهم على وسائل النقل العامة كالحافلات نظرًا لانخفاض تكلفتها، ولكنهم في ذات الوقت يواجهون العديد من المشاكل مثل التأخير المتكرر وطول مدة الرحلات، مما يدفع بعضهم إلى التفكير في خيارات أخرى مثل النقل الخاص" سيارات الخصوصي" بالأجرة، التي على سرعتها تحمل في طياتها تحديات عدة على مستقلّيها.
محافظات الجنوب
يقول مهند الهلاوي، 22 عامًا من محافظة العقبة، "إن التنقل بين العقبة والعاصمة عمان، التي تبعد حوالي 360 كيلومترًا، يمثل تحديًا للشباب العاملين في العاصمة أو المرتادين لها بشكل متكرر"، ويشير لـ "صوت شبابي": أن "المواصلات في العقبة تعتمد على شركات النقل التي تكلف حوالي 20 دينارًا ذهابًا وإيابًا، بالإضافة إلى تكاليف إضافية للتنقل داخل عمان تصل لـ 3 دنانير، مما يجعل الرحلة تستغرق أكثر من 4 ساعات ونصف". ويعتبر هذا الأمر مرهقًا بسبب المسافة الطويلة والتوقفات المتكررة. ويضيف مهند: "وسائل النقل الخاصة تمثل خيارًا أسرع، لكنها تأتي بتكلفة أعلى تصل إلى 30 دينارًا للرحلة الواحدة إذا اكتمل عدد الركاب، ويعاني الركاب من تكلفة إضافية في حال نقص العدد. وعلى الرغم من أن هذا الخيار يختصر الوقت، فإنه ليس دائمًا متاحًا."
أما آمنة علي، 33 عامًا من محافظة معان، فتعمل كمنسقة مشاريع في المنظمات، وتتنقل بين معان وعمان من 5 إلى 7 مرات شهريًا. فتصف آمنة لـ"صوت شبابي" رحلتها بالحافلات العامة بأنها "معاناة كبيرة، حيث تبلغ تكلفة الرحلة حوالي 10 دنانير ذهابًا وإيابًا، بالإضافة إلى تكلفة التنقل إلى مجمعات النقل في معان وعمان". وتؤكد أن الرحلة تستغرق حوالي ثلاث ساعات بسبب التوقفات المتكررة، ما يجعل التجربة مرهقة للغاية، لذلك فإن العديد من الركاب يستقلون السيارات الخصوصي العاملة بالأجرة كبديل أسرع وأكثر راحة، حيث يتم الاتفاق مسبقًا مع السائقين عبر الهاتف أو وسائل التواصل الاجتماعي لتوصيلهم مباشرة إلى وجهاتهم في عمان، بتكلفة تصل إلى 20 دينارًا ذهابًا وإيابًا". وتعتبر هذه الخدمة مفضلة لدى الكثيرين، خاصة الطلاب الذين يبحثون عن الراحة وسرعة الوصول.
ثامر ثنيان الليمون، 27 عامًا، من محافظة الكرك ويعمل معلمًا في وزارة التربية والتعليم بمديرية تربية لواء ماركا في عمّان، يواجه تحديات كبيرة بسبب التنقل اليومي بين الكرك والعاصمة حيث تبعد الكرك عن عمان حوالي 120 كم، ويقول "إن استخدام سيارتي الشخصية يكلفني ما بين 20 إلى 25 دينارًا يوميًا، في حين تكلفة استخدام تطبيقات النقل حوالي 14 دينارًا، عدا عن التنقلات الداخلية بالكرك أو عمان"، واستخدام الحافلات العامة خيارًا اقتصاديًا بتكلفة 6 دنانير ذهابًا وإيابًا، لكنه يضطرنا لتحمل تكاليف إضافية للتنقل داخل الكرك ومن مجمع الجنوب في عمان إلى وجهتنا، مما يرفع التكلفة للرحلة إلى حوالي 14 دينارًا" .
محافظات الشمال
من جانبها، تقول إيمان محمد، 29 عامًا من محافظة جرش، وتعمل في مجال العلاج الطبيعي في عمان، إن "استخدام وسائل النقل العام يأتي على حساب وقتها، وهو ما يمثل عائقًا كبيرًا لأصحاب المسؤوليات الأسرية". وتشير إلى الحاجة الملحة لتطوير النقل العام بين محافظة جرش والعاصمة عمان لتصبح أكثر كفاءة وملاءمة للمواطنين. مبيّنة أن "تكلفة الخصوصي ومخاطره أعلى، حيث إن الرحلة من جرش إلى مكان عملها تستغرق حوالي 4 ساعات بتكلفة 6 دنانير، بينما بالسيارات الخصوصية تستغرق حوالي ساعتين وتكلّف حوالي 10 دنانير".
كما يبيّن عاصم ربابعة، 31 عامًا من عجلون ويعمل مدرسًا في عمان، أن "تكلفة النقل العام من عجلون إلى عمان تبلغ حوالي 2.20 دينار ذهابًا وإيابًا، بينما تصل تكلفة النقل الخصوصي إلى 6 دنانير". مشيرًا إلى أن "العديد من المواطنين يستخدمون النقل الخصوصي لسرعته وراحته، رغم المخاطر المرتبطة به مثل السرعة العالية والتعامل مع سائقين غير موثوقين."
الممرض أحمد سلامة، 32 عامًا من المفرق ويعمل في أحدى مستشفيات عمان، فيشير إلى أن "أغلب الحافلات التي تربط المفرق بعمان كبيرة وتستغرق وقتًا طويلًا للتحميل والسير، وتبلغ تكلفة الرحلة 3 دنانير من المجمع الشرقي في المفرق إلى مجمع رغدان في عمان" ورغم أن الحافلات مريحة وغير مكلفة، إلا أن تكلفة التنقل بعد مجمع رغدان تزيد من العبء المالي على الركاب.
ويتابع أحمد: "تتوفر سيارات النقل الخصوصي، التي تعمل بالأجرة خارج المجمعات، بتكلفة 6 دنانير ذهابًا وإيابًا، وأستخدم هذه الوسيلة عند الحاجة الضرورية". ويشير إلى التحديات التي تواجه النقل العام مثل عمل الحافلات بنظام الحمولة وليس الوقت، وأحيانًا غياب الحافلات من المجمعات في بعض الأوقات مثلًا بعد الخامسة عصرًا.
وتفضل إسراء خالد، 26 عامًا من إربد، تعمل بدوام جزئي في عمان، "استخدام شركة نقليات معروفة، للسفر إلى عمان بسبب التزامها بالمواعيد وأمان الحافلات، بتكلفة 4.40 دينار ذهابًا وإيابًا، مما يجعل إجمالي الرحلة حوالي 10 دنانير مع تكاليف التنقل الداخلية في المحافظتين، بينما تكلفة النقل العام باستخدام باصات الكوستر من إربد إلى عمان تبلغ 3 دنانير، إلا أن عدم الالتزام بالمواعيد يشكل عائقًا، بالإضافة إلى الحاجة لوسيلة نقل أخرى بتكلفة إضافية تقدر بحوالي 4 دنانير". .
مضيفةً "أن السيارات الخصوصية، فتبلغ أجرتها 6 دنانير ذهابًا وإيابًا، لكنها ترفض استخدامها بسبب المخاطر المتعلقة بالسرعات العالية وعدم معرفة السائقين، حيث إن هذا النوع من النقل مخالف للقانون". تواجه إسراء أيضًا تحديًا عند وصولها إلى عمان، حيث تفتقر العديد من المناطق لخدمات النقل العام، مما يجبرها على استخدام تطبيقات النقل أو سيارات الأجرة، مما يزيد من الأعباء المالية على رحلاتها.
محافظات الوسط
يرى إسلام الحمايدة، 34 عامًا من محافظة مأدبا ويعمل في عمان، أن وسائل النقل العام بين مأدبا وعمان تعتبر جيدة وتعمل بنظام الوقت، حيث تبلغ تكلفة الرحلة ذهابًا وإيابًا حوالي 2.20 دينار. ولكنه يضيف: "التحدي الرئيسي يظهر عند الوصول إلى مجمعات عمان، حيث يحتاج الركاب إلى استخدام وسائل نقل أخرى للوصول إلى وجهاتهم النهائية، مما يضيف تكلفة إضافية". وأشار الحمايدة إلى أن "البعض يفضل استخدام سيارات الخصوصي العاملة بالأجرة، لأنها توفر رحلات مباشرة إلى مناطق محددة مثل صويلح أو دوار الداخلية، وتبلغ تكلفتها حوالي 6 دنانير ذهابًا وإيابًا، اعتمادًا على عدد الركاب ومحطة النزول، إلا أن هذه الوسيلة مخالفة قانونيًا".
كما تؤكد صفاء أبو عيد، 26 عامًا من الزرقاء وتعمل سكرتيرة في مكتب محاماة، أن "تكلفة المواصلات العامة من المجمع الجديد في الزرقاء إلى مجمع رغدان في عمان تبلغ حوالي دينار ونصف ذهابًا وإيابًا، بالإضافة إلى تكلفة أخرى للوصول إلى مكان عملها". وتضيف: "وسائل النقل متوفرة بشكل عام، والسرفيس العمومي يكلف حوالي 3 دنانير للرحلة ذهابًا وإيابًا، فيما تصل تكلفة السيارات الخصوصية بالأجرة إلى حوالي 4 دنانير حسب المسافة وعدد الركاب." وتؤكد أنها بعد إدخال الباص السريع أصبحت تفضل استخدام وسائل النقل العامة، لأنها أكثر راحة وأمانًا وتطورًا.
بيانات صحفية
كشف تقرير صادر عن البنك الدولي في منتصف عام 2022 بعنوان "الدراسة التشخيصية والتوصيات الخاصة بالنقل العام في الأردن" أن تعزيز النمو الاقتصادي الشامل وزيادة تشغيل الأردنيين، بما في ذلك النساء والشباب، يتطلب وجود نظام نقل عام فعّال، آمن، وبتكلفة معقولة. وأوضح التقرير أن الأردن يخسر ما يقارب 3 مليارات دولار سنويًا بسبب أوجه القصور في قطاع النقل العام، ما يعادل 6% من الناتج المحلي الإجمالي، دون احتساب تأثير ذلك على مشاركة المرأة في سوق العمل.
وأكد التقرير أن الاستثمار في النقل العام ضروري لدفع عجلة التنمية الاقتصادية، لكنه يجب أن يترافق مع إصلاحات هيكلية لضمان النجاح وتحقيق منافع شاملة. كما سلط الضوء على العقبات التي تعيق تحقيق نظام نقل مستدام وفعّال، خاصة فيما يتعلق بتمكين المرأة الأردنية من الوصول إليه، مما ينعكس سلبًا على مشاركتها في سوق العمل.
وأشار التقرير إلى أن النساء يشكلن ثلث مستخدمي وسائل النقل العام في الأردن، بينما يعتمد أقل من 50% من الأردنيين على هذه الوسائل. ونتيجة لذلك، يعاني العديد من النساء والشباب الذين لا يملكون سيارات خاصة من صعوبة في الوصول إلى فرص العمل. هذا الوضع قد يكلف الاقتصاد الأردني حوالي 65 مليون دولار سنويًا بحلول عام 2030 بسبب انخفاض إنتاجية المرأة.
بدورها أكدت الناطق الإعلامي باسم هيئة تنظيم النقل البري، د. عبلة وشاح، "أن جميع خطوط النقل العام بين المحافظات، بما في ذلك الخطوط العاملة من وإلى العاصمة عمّان، مغطاة بالكامل بالحافلات والمركبات المتوسطة والسرفيس وأن أي نقص أو ضغط على أي خط يتم معالجته فورًا من خلال تعزيز الخدمة من الخطوط الأخرى. وأشارت إلى أن الهيئة تتلقى شكاوى المواطنين عبر مختلف الوسائل المتاحة، وتتعامل معها على الفور بعد التحقق منها".
وأضافت د.وشاح "أن الهيئة تقوم حاليًا بدراسة لتحديد احتياجات المملكة من أربعة أنماط نقل: التكسي، الليموزين، تطبيقات النقل الذكية، والمركبات السياحية والدراسة تأخذ بعين الاعتبار التخطيط الحضري وتقييم الطلب على أنماط المركبات العمومية في جميع أنحاء المملكة، ومن المتوقع الإعلان عن نتائج هذه الدراسة في شهر شباط من العام المقبل، حيث سيتم العمل على سد النقص في الخطوط والمحافظات بناءً على النتائج".
وبحسب تقرير مؤشرات الأداء الربعي للهيئة الصادر في حزيران الماضي، بلغ عدد أسطول وسائل النقل العام في المملكة 41,656 مركبة، تشمل الحافلات والسيارات المتوسطة والصغيرة والتاكسي.