في ظل الظروف الإقتصادية : حفلات التخرج ضرورة أم ترف وتقليد

الرابط المختصر

تشهد حفلات التخرج ارتفاعا ملحوظا في تكاليف تنظيمها في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد.

تشمل تكاليف حفلات التخرج العديد من العناصر مثل إيجار القاعات، خدمات التصوير الفوتوغرافي و الفيديو و الديكورات، بالإضافة إلى تكاليف الطعام والشراب.

و في حديثنا لبعض الطلاب و أولياء الأمور، أكدوا ل "صوت شبابي" أن هذه الزيادات غير مبررة، مشيرين إلى أن التخرج هو لحظة خاصة في حياة الطالب و عائلته، و أن هذه الأسعار قد تحول دون تمكن العديد من العائلات من الإحتفال بهذه المناسبة، إذا هل حفلات التخرج ضرورة أم ترف؟ أولياء الأمور ستجيب.

 

آراء العائلات: بين الفرحة في التخرج و أعباء الظروف الإقتصادية

اجتمعت جميع العائلات التي تمت مقابلتهم على رأي واحد ألا و هو أن حفلات التخرج "ترف" و ليست ضرورة، حيث تقول والدة حمزة "أنه في الأيام الحالية تعتبر حفلات التخرج "ترف"، لأنه حتى الذي لا يملك المال الكافي يلجئ إلى أخذ الدين من الآخرين لإقامة حفل تخرج، و هذا يؤثر سلبيا على الأسرة و ليس إيجابيا، كما أن هناك ضغط كبير من الأبناء على الأهالي لإقامة حفلات فاخرة بسبب "التريند" يعني "بدي حفلة زي صاحبي أو صاحبتي" دون مراعاة الوضع النفسي و المعنوي و المادي للأهل، و للأسف أنا أتعامل مع هذا الموضوع بغير عقلانية لأرضي رغبات أبنائي بالضغط على نفسي لإسعادهم".

كما يرى أيضا والد حمزة أن فرحة التخرج ستتم سواء كانت باهظة أم بسيطة التكلفة، لذا لا داعي للإسراف الغير المبرر على حفلات التخرج لأنه يمكن إقامتها بسعر بسيط و تعم السعادة.

و من جانبه تضيف عائلة جمانة صوتها لعائلة حمزة و تؤكد على ارتفاع أسعار تنظيم حفلات التخرج و أن ليس لها مبرر في الوقت الحالي بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، وكونها تعبر عن فخر و اعتزاز لتخرج الطالب إلا أنها تعتبر "ترف" و ليست ضرورة، و أضافت "لصوت شبابي" أن المجتمع يمارس ضغط اجتماعي على الأسر لتنظيم حفلات التخرج و لكن ليس بالضرورة أن تكون مبهرة، ممكن أن تكون بسيطة غير مكلفة ضمن ميزانية الأسرة و يمكن التعامل مع هذا الضغظ بتفهم الخريج و الأقارب و الأصدقاء بأنه لا داعي للحفلات التي يكثر فيها البذخ و الإسراف.

تجارب الطلاب و آرائهم و التكلفة المادية لحفلاتهم

تقول شيرين الصابر "عملت حفلتي بفندق لأنه أهلي حابين خصوصا اني بنتهم البكر و فرحتهم الأولى، و عشان أقدر أعزم معارفي و أهلي و صحباتي عددهم كبير ما بكفي تنعمل بالبيت فكان لازم أعملها بمكان كبير، مش عشان "التريند" أبدا.

و أشارت شيرين إلى التكلفة المادية لإقامة حفلتها، "كلفتني الحفلة 1000 دينار فقط حجز الفندق مع الدي جي و المصور و الخدمة، أما بالنسبة للأكل و المشاريب كلفتني 75 دينار، و بلالين كلفتني 60 دينار، هاد غير أجار فستاني أنا و أمي و أختي كلفونا ما يقارب ال 150 دينار، و طبعا التوزيعات شموع و مباخر كلفتني 200 دينار، فالمجموع بطلع تقريبا 1500، بس بالمقابل اجاني نقوط 1100 دينار، عوضت أكتر من نص الحفلة".

و أضافت أيضا ميس "عملت حفلتي بصالة أفراح لأنه أمي بدها تفرح فيني و عشان تختصر موضوع المباركة في البيت لأنه بيتنا ما بوسع كمية الأقارب و الأصدقاء، للأمانة كانت فرحتي ناقصة و ما كنت حابة أعمل حفلة بدون وجود والدي لأنه مغترب و هو بالنسبة الي أهم الناس بس ما بقدر أكسر فرحة أمي بنجاحي، و بالنهاية كلفتني الحفلة 495 دينار شامل دي جي و ضيافة و خدمة و زينة، و اجاني نقوط 1600 دينار طلعت حق الحفلة و زيادة".

و بين أحمد أنه لم يقيم حفل كبير لعدة أسباب، حيث قال:"ما عملت حفلة لأنه عندي أخت بتدرس بالجامعة و أخ فايت على توجيهي، بالإضافة لإيجار البيت، متخيلين كمية المصاريف الموجودة بالبيت؟! ثاني سبب عدد معارفنا و قرايبنا كثار و ما بزبط تعزم ناس و ناس لا فالتكلفة رح تكون جدا عالية يعني بالراحة 5000 دينار و صراحة بلا منها الحفلة طالما رح تحملني أنا و أهلي فوق طاقتي".

و أضاف أحمد أنه وجد بديل أفضل و أقل تكلفة من الحفلات حيث قال: "عملنا عشاء مناسف بإستراحة اسمها "تلال البلوط" في منطقة (الكاشف) للعيلتين، عمامي و عماتي و أحفادهم و خوالي و خالاتي و الأصدقاء المقربين جدا جدا مني، و بعد العشاء جبنا حلو فالتكلفة التقريبية كانت بين ال 1300 و 1500 دينار.

ويقول عمر حسن: "على الرغم من اني ضد الحفلات في الوقت الحالي بسبب الظرف الراهن في غزة، إلا اني عملت حفلة عشان أفرح أهلي كوني الشب الوحيد عندهم و فرحتهم الكبيرة، و أنا ما عملت الحفلة عشان "التريند" أو عشان في ضغط اجتماعي علي لأنه كلام الناس آخر همي، بهمني فرحة أهلي فقط لا أكثر.

و يضيف عمر : "كلفتني الحفلة 400 دينار، شامل الصيوان و "الدي جي" و الكنافة و المشاريب، طبعا عشان أوصل لهاد السعر اقتصدت قد ما بقدر اني أدور على أرخص الخدمات منظمي الحفلات، يعني الصيوان كلفني بس 150 دينار مع انه في صيوان بكلف 3000 أو 10,000 دينار بصفي حسب حجمه، و تختلف التكلفة حسب الصيوان اذا فيو إنارة أو صيوان عادي، أسعار الإنارة برضو في حبل ب 30 دينار و 50 دينار، و بتختلف كمان نوعية كراسي الضيوف حسب جودتها و قماشتها في منها بتكلف 40 قرش للكرسي الواحد و منها بتكلف دينارين، غير اذا في مطرب أو مافي يعني تتراوح أسعار المطربين بين ال 200 و ال 4000 دينار".

و تبين أنه يوجد حالات عديدة لم تقيم حفلات ولا بدائل عنها، مثل معتز الذي قال: "كان في أكثر من عامل اني ما عملت حفلة، بالدرجة الأولى أغلب صحابي كانو في (الضفة) و النص الثاني في (إربد) و ما رح يكون عندي عدد حضور عشان أعمل حفلة، خصوصا أنه في حفلات الشباب بالذات تعتمد على كثرة المعارف و الأصدقاء، أما بالنسبة للعامل الثاني أنه كان في حالة وفاة عند  جارنا وكان لازم نراعي هاد الظرف لأنه الجار للجار، و العامل الثالث انه تكلفة الحفلات المادية كبيرة جدا".

كيف يرى منظمو الحفلات المشهد؟

من خلال المقابلات التي أجريت مع منظمي الحفلات، والذين فضلوا عدم ذكر أسمائهم و أسماء شركاتهم للحفاظ على السمعة و الإلتزامات التعاقدية، فقد صرحوا ل "صوت شبابي" أنه مع تطوّر الحياة، لم يعد الناس يعجبهم الأشياء البسيطة، وأصبحوا يفضلون الأشياء الأكثر تميزًا، فبدلاً من شراء البالونات والكيك فقط، أصبحوا الآن يبحثون عن إضافات مثل الصوت والإضاءة، في السنوات الماضية كانوا يكتفون بسماعة موصولة بفلاشة، أما الآن فهم يطلبون وجود "دي جي"، و كل هذا سيزيد من تكلفة الحفلة، و كانوا يضعون عددًا قليلًا من البالونات، أما الآن فهم يطلبون زهورًا وخلفيات مزينة (باك دروب) بالإضافة إلى بوفيه متكامل بدلاً من الاكتفاء بالكيك كما أصبحت هناك منتجات جديدة تدخل السوق، والناس أصبحوا أكثر وعيًا ويرغبون في مواكبة التوجهات الحديثة "التريندات".

و نظرًا لتكرر شكوى العائلات من أسعار الحفلات آخر سنتين فهذا أمر طبيعي مقارنة بالسنوات الماضية، حيث كانت حفلات التخرج في السابق بسيطة جدًا وبالتالي لم تكن تكلفتها كبيرة كما هي اليوم؛ لأن حفلات التخرج التي كانت تُقام في البيت أصبحت تُقام في قاعة أفراح، ومن ثم انتقلت إلى الفنادق، والآن تُقام في المزارع. لذلك، من الطبيعي أن تزداد التكلفة.

مضيفين  أنه يوجد تأثير كبير في جودة المواد الخام والمعدات على التكلفة، كلما كانت المواد ذات جودة عالية، زادت التكلفة، وإذا كانت المعدات ذات جودة منخفضة، ستكون تكلفة الحفلة أقل.

و صرح بعض منظمو حفلات الفنادق و المزارع ل "صوت شبابي" أنه الفرق في الأسعار بين الفنادق لا يقاس حسب موقع الفندق بل حسب تقييم الفندق، سواء كان ثلاث نجوم أو خمس نجوم، أما بالنسبة للمزارع فتختلف الأسعار حسب الموقع؛ فالأسعار تختلف بين السلط، عمان، وطريق المطار.

وفيما يتعلق بالثقافات، هناك تفاوت كبير فمثلاً الناس من الطبقات الراقية لا يمانعون دفع مبالغ عالية لضمان أن تكون الحفلة مثالية وذات جودة عالية، بينما هناك من يكون ميزانيتهم محدودة فيكون الاختلاف في الجودة والديكور حسب المبلغ المتاح، لذا فإن الاختلاف الثقافي يؤثر على المتطلبات والتكلفة.

أما بالنسبة لموضوع المواسم أكد المنظمون أن تكلفة حفلات التخريج لا تتأثر في الوقت الحالي بالمواسم، مبينين أن حفلات التوجيهي تُجرى في الصيف، والجامعات أصبحت تجمع تخرجات الفصول الثلاثة في حفلة واحدة تُقام أيضًا في الصيف، لذا لا يوجد فرق في الأسعار لأنها جميعها في نفس الموسم، أما الأعراس فقد تختلف تكلفتها بين الشتاء والصيف.

نصائح و حلول من أخصائية نفسية

أوضحت الاخصائية النفسية أسيل زريقات أنه يجب على العائلات تحقيق التوازن بين رغبتهم في الاحتفال و تقديم الدعم النفسي للخريجين و بين الواقع المالي الصعب، كيف ذلك؟ أسيل تجيب: "يمكن للعائلات التركيز على الأساليب البديلة التي تعبر عن الاحتفال والدعم دون تحميل الأسرة أعباء مالية كبيرة. يمكنهم تنظيم احتفال بسيط في المنزل مع الأصدقاء المقربين والعائلة، واستخدام الإبداع في تزيين المكان وتجهيز الأطعمة. يمكن أيضًا التفكير في الهدايا الرمزية أو تقديم رسالة مكتوبة تحمل تقديرًا وجهودًا للشخص الخريج. الأهم هو التركيز على الجو العاطفي الإيجابي والتشجيع المعنوي، وليس فقط على حجم الإنفاق".

و أضافت أسيل زريقات ل "صوت شبابي": " أنه من المهم للخريجين أن يدركوا أن الاحتفال بالتخرج ليس معيارًا لقيمة إنجازهم. يجب التركيز على الإنجاز نفسه والفخر بما حققوه من نجاحات أكاديمية وشخصية. يمكنهم البحث عن طرق بديلة للاحتفال مثل المشاركة في أنشطة تعزز من مهاراتهم المهنية أو التفاعل مع أصدقائهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي. الحديث مع الأهل أو الأصدقاء المقربين حول مشاعرهم يمكن أن يخفف من الضغوط ويقدم لهم الدعم اللازم".

و بينت أسيل زريقات عدة بدائل عن إقامة حفل تخرج، قائلة: "البدائل يمكن أن تتضمن تنظيم لقاءات عائلية بسيطة، أو الخروج إلى الطبيعة للاحتفال بطريقة غير تقليدية. يمكن أيضًا تصميم ألبوم صور تذكاري أو فيديو يتضمن ذكريات الدراسة ومشاركة الخريج به. التحضير لاحتفال مستقبلي أو التركيز على تجهيز الشخص للخطوات التالية في حياته مثل العمل أو الدراسة العليا يمكن أن يكون بديلًا قويًا أيضًا. الأهم هو تعزيز الروابط الأسرية والاجتماعية والاحتفال بالإنجاز من خلال التشجيع والتقدير العاطفي".

 حفلات التخرج تمثل محطة هامة في حياة الطلاب، إذ تجسد نهاية مرحلة وبداية أخرى جديدة، ومع التحديات الاقتصادية التي تواجه الكثير من الأسر يصبح من الضروري التفكير في بدائل تحقق نفس الأثر الاحتفالي دون الوقوع في عبء مالي كبير يُظهر استكشاف الخيارات البديلة التي وضحتها الاخصائية النفسية أسيل زريقات.