شباب يحيون البيوت التراثية في الكرك هربا من البطالة
"مشروعنا ببساطة يتلخص بأن الجميع كان يعرف أنه في عدد كبير من البيوت التراثية المتهالكة في البلدة القديمة بالكرك، و خطرت ببالنا فكرة منتشرة عالميا و بأماكن ثانية بالمملكة لكن ما في منها بالكرك وهي ترميم البيوت التراثية القديمة في محافظة الكرك إلى أماكن سياحية تراثية"
هكذا بدأ الشاب محمد المعايطه حديثه عن مشروعه "البيوت التراثية" في مدينة الكرك الذي بدأت قصته عندما واجه صعوبة في الحصول على وظيفة بعد تخرجه من الجامعة وفي ظل التحديات الاقتصادية الصعبة وبدلاً من الاستسلام للظروف ، قرر محمد استغلال مهاراته وحبه للتراث الأردني في إنشاء مشروع يخدم مجتمعه ويساهم في الحفاظ على التراث المحلي ، ويوفر لزوار الكرك والسياح من العرب والأجانب تجربة فريدة تعكس تاريخ وثقافة المنطقة.
يعمل محمد على إعادة تأهيل البيوت التراثية والتي يتمحور عمرها بين (١١٢_٢١٤ عام ) كما أشار والتي تُحددُ تِبعاً لعُمر الحجارة المستخدمة في البناء، باستخدام مواد تقليدية وأساليب بناء قديمة بالتعاون مع جمعية قدرات الشبابية التي تدار هي ايضا بسواعد شبابية من داخل المحافظة ، مما يؤكد أهمية دور مؤسسات المجتمع المدني المحلية للمساهمة بالحفاظ على الهوية الثقافية المحلية للمنطقة، ودعم جهود التنمية الشبابية في المجتمعات المحلية،وأكد محمد أن هذه البيوت هي متوارثة للعائلة من جده السابع وجاءت فكرته احياءً للتراث المحلي في المحافظة .
سارة المجالي التي انضمت لجمعية قدرات شبابية كمتدربة في جلسات حوارية لتنتقل بعدها لملء شاغر مترجم للسياح الذين يقومون بزيارة المدن الأثرية في محافظة الكرك من خلال الجمعية ،والتي عملت أيضا في الترجمة عبر مشروع البيوت التراثية الذي اتاح لها الفرصة استمرارية عملها في الترجمة عن تاريخ المحافظة وتاريخ البيوت التراثية فيها
وأشار الدكتور عبد الحي الحباشنه وهو مواطن من محافظة الكرك إلى أن فكرة إحياء التراث جزء أساسي في بناء الهوية الثقافية للمجتمعات المحلية التي تشكل بمجموعها صورة المدينة والوطن.ولعل أبرز معالم التعبير عن التراث هي البيوت التراثية التي تشكل مكانيا عنوانا تاريخياً مهما وتعبر عن منظومة من الحكايا والأحداث والشخوص الذين مروا بهذه البيوت موقفاً وحياة وسلوكاً واسلوبا للعيش.
"إحياء البيوت التراثية جزء مهم من منظومة أحياء المدن بأبعادها المختلفة وهي كأنما تحاكي الماضي بصورة مستدامة ناظرة إلى رؤى المستقبل بفهم الصيرورة التاريخية للإنسان والمكان".
واجه محمد كغيره من الشباب العاملين في قطاع التنمية والخدمة المجتمعية وخاصة الذين يملكون فكرة ريادية في مجتمعات اعتادت أفكارا تقليدية لتشغيل الشباب وإدماجهم العديد من التحديات بل و المعوقات في كثير من الأحيان كما قال " الصعوبات بدأت بالتمويل وصولاً لصعوبة إيجاد مؤسسات رافدةٍ داعمة لفكرة المشروع، رغم نجاحه في جذب العديد من الزوار من داخل وخارج الأردن كما أشار، مما ساهم في تعزيز السياحة المحلية وخلق فرص عمل جديدة لأبناء المنطقة".
نال المشروع إعجاب العديد من الجهات الرسمية وغير الرسمية في الكرك ، و يعتبر اليوم مشروع "بيوت تراثية" مثالًا ملهمًا للشباب الأردني، حيث يثبت أن الإبداع والاجتهاد يمكن أن يكونا مفتاح النجاح والتغلب على البطالة.
مدير سياحة الكرك السيد ساطع المساعده يقول " نشجع الشباب على إقامة مشاهد سياحية في البيوت التراثيه او استخدامها كمقاهي او نزل لعدة اسباب ابرزها انهم يحافظون بهذه الطريقة على البيوت من الاندثار والزوال ، وثانيا تقدم خدمة للسائح لأن هناك شريحة من السياح تهتم بهذا الجانب والإقامة في البيوت التراثية، إضافة لدورها في توفير فرص عمل وتشجيع السياحة في محافظة الكرك"
يقول رئيس غرفة التجارة والصناعة في الكرك السيد رامي الطراونة أن الجهة المعنية لدعم هذه المشاريع هي وزارة السياحة اولا وغرفة التجارة لإعطاء النصح من خلال جعل هذه البيوت كنزل او مطاعم او غيره، وهم بدورهم يعملو على تشجيع أي نشاط يهدف إلى تشجيع النشاط الاقتصادي والذي يجلب فرص عمل متعددة في محافظة الكرك والأردن بشكل عام".
بدوره يأمل محمد أن يكون مشروعه بداية لسلسلة من المبادرات التي تسهم في تطوير المجتمع المحلي التي تعكس قدرة الشباب الأردني على الابتكار والتحدي، ويعد دليلاً على أهمية دعم المشروعات الريادية التي تساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة.