انتقل إبراهيم الأحلس شاب في بداية الثلاثينيات من من وراء مكتب مغلق إلى فسحة مفتوحة على مطل في منطقة جبل اللويبدة في العاصمة عمان بعد أن قرر ترك العمل في المحاسبة و فتح مشروع "شاي رهف"، واصفا رحلته بأنها "حافلة بالمصاعب" وبدأت من لحظة اختياره لتخصص المحاسبة بسبب ضغوط العائلة للبحث عن التخصص المطلوب في السوق، الى أن تخرج، وصدمته بعدم توفر وظيفه في مجال تخصصه بسبب الإشباع.
يقول الأحلس لـ "صوت شبابي": بدأت بالعمل لدى إحدى الشركات في مجال خدمة العملاء لمدة ثلاثة سنوات و من ثم عملت في المحاسبة لمدة سنتين، لم أجد نفسي في هذا التخصص ، كان اختيار خاطئ من البداية ".
دون أن يعرف على وجه اليقين فيما إذا كان المشروع سوف ينجح أم لا " قررت أن أترك المحاسبة وابدأ وواجهت العديد من الانتقادات طبعا ،فمن غير المنطقي ترك العمل و الذهاب الى المجهول، لكنني صممت على إيجاد مكان تلتقي فيه ثقافة الشاي و تبادل القصص بين الناس"، يروي إبراهيم كيف وجد نفسه في قطعة أرض وبدأ في رحلة البحث على صاحب الأرض و قرر طلب الإذن منه بوضع قطعة من الخشب المشتعل مع إبريق من الشاي و رحب صاحب الأرض بالفكرة ولم يقبل أن يأخذ منه مقابل مادي و من هنا بدأ مشروع "شاي رهف" .
في البداية اعتبر إبراهيم هذا المشروع عبارة مكان لتبادل الأحاديث مع الغرباء في الهواء الطلق و جعله مساحة آمنة تتقبل الجميع من الجنسيات المختلفة، وصفت رهف الدعجة أحد مرتادي المكان "إنه مليء بالحب و الراحة و وسط الشارع العام حيث يلتقي أشخاص مجهولين يتبادلون كأس الشاي الذي تم إعداده على الحطب" .
تحولت فكرة "شاي رهف" إلى مشروع قائم على أوقات محددة بشكل يومي على اطلالة الغروب بالرغم من وجود تحديات كثيرة منها التصاريح الأمنية و اختلاف الجو وانتقادات الآخرين لكنه ما زال قائما رغم مرور سنتين حتى الآن على بدء الفكرة.
يقول إبراهيم "رأيت العديد من الشباب و الشابات العاطلين عن العمل والسبب الاختيار الخاطئ للتخصص لكن هذا لا يعني التوقف وعدم الذهاب إلى أبعد نقطة وراء الحلم"، تحولنا إلى ما يريده المجتمع و أهل الطلاب وليس الى ميول الطلبة مما يحد من إبراز طاقاتهم الإبداعية و تضعف من عملية اختيارهم لقرارات مهمة في حياتهم بسبب تقرير مصيرهم الدراسي والعملي من قبل أشخاص آخرين وأصبحوا يتجهون الى سؤال أنفسهم هل استطيع العمل في هذا التخصص بعد التخرج؟ أو هل هذا ما أرغب بالعمل فيه بعد التخرج ؟ .
تبين دراسة أطلقها ديوان الخدمة المدنية تحت عنوان "واقع العرض والطلب على التخصصات العلمية لحملة المؤهل الجامعي والدبلوم الشامل لكليات المجتمع في الخدمة المدنية للعام 2022-2023 "أنه بلغ عدد طلبات التوظيف التراكمي 406118 ألف طلبا من حملة المؤهل الجامعي و دبلوم كلية المجتمع الشامل وأن نسبة التعيينات السنوية في المتوسط و الجهاز الحكومي تبلغ 12% من إجمالي عدد الخريجين السنوي والبالغ حوالي 70 ألف ما بين حامل دبلوم كلية مجتمع و جامعيين .
وان هنالك ارتباط وثيق بين البطالة و الاختيار الخاطئ للتخصص حيث أثبتت الاحصائيات أن بطالة الإناث بلغت 75% من العاطلات عن العمل كانوا في تخصصات غير مطلوبة نظرا لنظرية النمطية لعمل النساء و التخصصات المتاحة لهن للعمل حيث فقط تستطيع العمل في مجال التعليم او الأعمال الإدارية و الصحة و كذلك الأمر بالنسبة للذكور.
يقول إبراهيم نخصص في مساحة "شاي رهف" حيزا نقاشيا لأصحاب المبادرات الطلابية التي توعي الطلبة بآلية اختيار التخصصات عبر استضافة طلبة وخريجين خاضوا تجارب واقعية لاختيارات تخصصات مختلفة ، يقدمون نصائح عن تجارب خاضوها فعلا ويقدمون نصائح للطلبة الجدد إذ أنه حان الوقت لبدء مرحلة جديدة للشباب لخوض الحياة العملية نخوض فيها تجارب محركها الشغف والإبداع لتحقيق حلم والخروج من الصورة النمطية للعمل لدى الشباب".