حادث يلهم أحد شباب الزرقاء لإغلاق الحفر وترميم الأرصفة
بينما كان حسام عباس يسير في أحد أحياء مدينة الزرقاء برفقة أخيه، تعرضت سيارتهم لعطل بسبب تعثرها داخل حفرة قديمة في الشارع عام 2021، بدلاً من انتظار الجهات المسؤولة لإصلاحها، قرر حسام وأخوه أن يأخذا الأمور على عاتقهما ويقوما بإغلاق الحفرة بنفسيهما، وهنا بدأت قصة مبادرة شبابية غير متوقعة في الزرقاء، غيرت وجه أحد أحيائها وحفزت شباب المنطقة على الانخراط في العمل التطوعي.
يقول حسام "لم يكن الأمر يتطلب الكثير من الجهد، أحضرنا بعض المواد البسيطة مثل الأسمنت والرمل، وعملنا معًا لإصلاح الحفرة، كانت الفكرة مجرد عمل بسيط يهدف إلى حل مشكلة في الحي، ولم نتوقع أن يلقى هذا العمل ردود فعل إيجابية بهذا الشكل على مواقع التواصل الاجتماعي."
سرعان ما انتشر فيديو يوثق هذا العمل التطوعي على منصات التواصل الاجتماعي، مما أثار موجة من التفاعل الإيجابي، تفاجأ حسام عندما بدأت رسائل الدعم والتشجيع تتوالى عليه من سكان المدينة وحتى من خارجها، بدأ الناس في الزرقاء يتشجعون لأخذ المبادرة والإسهام في تحسين بيئتهم المحلية، وأصبحت فكرة إصلاح الحفر والمشاكل الأخرى في الأحياء أكثر شيوعًا بين الشباب.
من عمل فردي إلى مبادرة شبابية
تحولت الفكرة البسيطة إلى مبادرة شبابية أوسع من خلال دعم المتطوعين والمجتمع المحلي. ما كان في البداية مجرد إصلاح لحفرة واحدة، أصبح حملة لإصلاح الأرصفة المتهالكة وإغلاق الحفر في مختلف أحياء الزرقاء، ومع مرور الوقت، أصبحت المبادرة نموذجًا يُحتذى به في العمل الجماعي التطوعي، حيث ينظم الشباب في المدينة جهودهم لإصلاح البنية التحتية وتحسين بيئتهم المحلية.
يعمل حسام في المقاولات في مجال التشطيبات الداخلية ، ويمارس الرسم وتحديدا صناعة محتوى من الرسم على الرمال وبذات الوقت يدرس التصميم داخلي في جامعة الزرقاء، يقول ل "صوت شبابي" : "لم أكن أنوي في البداية أن أقود مبادرة بهذا الحجم ،أردت فقط أن أُظهر للناس أن بإمكاننا القيام بأشياء صغيرة تحدث فرقًا كبيرًا في حياتنا اليومية، ولكنني فوجئت بحجم التفاعل والتأثير الذي أحدثته هذه الفكرة."
كانت ولاتزال الآية الكريمة شعاره ومنطلق يعمل به ومن أجله { إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}
ويعتبر حسام أن التغيير الحقيقي يبدأ عندما تلمس الأثر على الناس " لما إحنا نغير عقلية الناس نفسها ، لما نوعي الناس كيف يتعاملوا مع البلد ومع البيئة و يحافظوا على النظافة وقتها نحن رح نلمس التغيير الحقيقي ، أما السب والشتم والملامة على مواقع التواصل الإجتماعي بحياتها مارح تقدمنا خطوة لقدام ابدا، يلي ألهمني أنا بالأساس هو السوداوية المتواجدة بكمية كبيرة في أذهان الناس باتجاه مشاكل البلد ومافي خطوات عملية حقيقية لإصلاح هاد الحكي غير الشكوى والملامة والمسبة فهاي كانت الدافع الأساسي بالنسبة الي".
تعاون الجهات الرسمية :
حسام عباس، يعتمد بشكل كبير على التعاون مع الجهات الرسمية والحكومية لضمان تنفيذ أعماله بشكل قانوني ومنظم، قبل الشروع في أي عمل، يقوم بإرسال كتب رسمية إلى الجهات المعنية، موضحًا تفاصيل العمل والمنطقة التي سيتم تنفيذ المشروع فيها، وذلك حسب اختصاص كل جهة. فعلى سبيل المثال، عند العمل في الشوارع، يتواصل مع البلدية، أما في حال ترميم المساجد، يتم التنسيق مع وزارة الأوقاف، وللمنازل يتواصل مباشرة مع الحاكم الإداري أو المحافظ.
ويشير إلى أن جميع الجهات الرسمية كانت متعاونة إلى حد كبير، حيث توفر له التصاريح اللازمة دون التدخل في تفاصيل العمل. إلا إن أمانة عمان الكبرى تبدي تحفظات على آلية وطريقة العمل، مما أدى إلى تقليل نشاط المبادرة في العاصمة.
أما مصادر الدعم للمبادرة فتأتي من شركات خاصة، التي توفر لحسام مواد مثل الإسفلت (الزفتة) التي يحتاجها لإتمام عمله في ترميم الحفر والأرصفة، كما أن المبادرة تلقى تفاعلًا إيجابيًا من المجتمع المحلي، حيث ينضم العديد من المتطوعين، بما في ذلك المارة في الشوارع، لمساعدته في تنفيذ أعمال الصيانة والإصلاح. هذا الدعم المتعدد الأوجه يسهم في استمرارية وتوسيع نطاق المبادرة.
التحديات والآمال :
على الرغم من التسهيلات التي تقدمها الجهات الرسمية، يأمل حسام في الحصول على دعم إضافي يتمثل في توفير المواد الأساسية مثل الإسفلت والزفتة، و يواجه حسام تحديات لوجستية تتعلق بنقل هذه المواد، حيث أن سيارته لا تتمكن من حمل جميع الأدوات والمواد اللازمة في رحلة واحدة، مما يضطره في بعض الأحيان إلى القيام برحلتين لنقل كل ما يحتاجه لإتمام العمل.
وعن التحدي الأكبر يقول حسام :" أنا بطمح إنو نعمل فريق في المحافظات يشتغلوا هذا الشغل ويرمموا الشوارع لكن هذا الهدف بعيد لأنو مافي دعم حقيقي عم بصير، أنا اليوم لو عندي دعم حقيقي بيوصلني حرفيا بعمل نقلة نوعية بالشوارع بس مافي دعم بالكاد الدعم العندي يكفيني لحفرة حفرتين بالأسبوع بس"
على الرغم من النجاح الذي حققته المبادرة، إلا أن حسام والشباب المشاركون يواصلون العمل بتفانٍ ، مدفوعين بحبهم لمدينتهم ورغبتهم في تحسينها.
ومع توسع المبادرة، يأمل حسان أن يتمكن من جذب انتباه الجهات الرسمية لدعمهم بمواد أفضل وموارد تساعدهم في الاستمرار في عملهم، كما يسعى إلى توسيع نطاق المبادرة لتشمل مناطق أخرى من المدينة، بل وحتى مدن أخرى في الأردن.