جهل الشباب بالقوانين في الأردن: تحديات الوعي القانوني وأثره على المشاركة المدنية

الرابط المختصر

تروي سارة، البالغة من العمر 24 عامًا، قصتها وتقول: "كنت أعمل في وظيفة بدوام كامل لمدة سنتين، بعد فترة من العمل، بدأت ألاحظ أنني لا أتلقى جميع حقوقي العمالية، مثل الإجازات المرضية المدفوعة، وساعات العمل الإضافية التي لم يتم تعويضي عنها أو دفع مبلغ مالي مقابل العمل الإضافي، لم أكن أدرك أن لديّ حقوقًا يضمنها القانون لحمايتي كموظفة، ولم أفكر في اللجوء إلى مستشار قانوني لأنني لم أكن أعرف من أين أبدأ أو كيف يمكنني التعامل مع الوضع في النهاية، أصبحت الأمور أكثر تعقيدًا وبدأت أشعر بالإرهاق النفسي، وكنت أعتقد أن الشكوى لن تجدي نفعًا لأنني لم أكن متأكدة من حقوقي.

بعد مرور أشهر، تحدثت مع زميلة لي لها تجربة شبيهة بحالتي، وأخبرتني أن ما يحدث معي هو انتهاك واضح لحقوقي، ساعدتني في التواصل مع محامٍ، حيث اكتشفت أنني كنت أتعرض للاستغلال بسبب عدم معرفتي بحقوقي القانونية، بعد استشارة المحامي، تمكنت من تقديم شكوى والحصول على التعويض الذي أستحقه. 

اليوم، أدركت كم هو مهم أن يكون لدينا وعي قانوني بحقوقنا وواجباتنا، سواء في العمل أو في حياتنا اليومية. لو كنت أعرف ذلك منذ البداية، لكنت تجنبت الكثير من المشكلات."

 

 

أهمية الوعي القانوني للشباب 

أوضح المستشار القانوني الأستاذ عمر عشا لـصوت شبابي أن الوعي القانوني يعني فهم الأفراد للقوانين والأنظمة التي تحكم حياتهم اليومية، ومعرفة حقوقهم وواجباتهم في إطار هذه القوانين، وأضاف أن هذا الوعي يشمل القدرة على معرفة أبسط الحقوق وطلب المساعدة من الأشخاص ذوي الاختصاص، مثل المحامين، هذا يساعد الأفراد على التصرف بما يتوافق مع القانون وتجنب الوقوع في المشاكل القانونية الناتجة عن عدم المعرفة بحقوقهم وواجباتهم.

 

وأكد أن الوعي القانوني يعزز من قدرة الأفراد على حماية حقوقهم الشخصية والاجتماعية، سواء في مكان العمل أو التعاملات المالية أو الحياة العامة فهم القوانين يمكّن الفرد من الدفاع عن نفسه بشكل صحيح عند اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

 

دور الوعي القانوني في تعزيز المشاركة المدنية

شدد عشا على أن الوعي القانوني يعزز من المشاركة المدنية الفعّالة، فالشباب يصبحون أكثر استعدادًا للمشاركة في الانتخابات، المساهمة في صنع القرار، والمطالبة بتطبيق حقوقهم في إطار العمل والمجتمع، وأوضح أن الإلمام بالقوانين الأساسية، مثل قانون العمل وحقوق الإنسان، يسهم في خلق مجتمع متماسك قادر على مواجهة التحديات بطرق قانونية وسليمة.

 

هذا الوعي لا يحمي الأفراد فقط، بل يعزز من الاستقرار الاجتماعي، ويؤدي إلى بناء ثقافة قانونية تحترم سيادة القانون وتحافظ على حقوق جميع المواطنين.

 

تحديات جهل الشباب بالقوانين

أوضح الأستاذ الدكتور مصلح الصرايرة، أستاذ القانون في جامعة مؤتة، لـصوت شبابي أن جهل الشباب بالقوانين يمثل تحديًا كبيرًا يؤثر على المجتمع، فعندما يفتقر الشباب إلى المعرفة الكافية بالقوانين التي تحكم حياتهم اليومية، مثل قوانين العمل وحقوق الإنسان والجرائم الإلكترونية، يصبحون عرضة للاستغلال والانتهاكات، هذا الجهل يؤدي إلى وقوعهم في أخطاء قانونية قد تؤثر على مستقبلهم المهني والشخصي، سواء من خلال عدم معرفة حقوقهم في العمل أو الوقوع ضحية للجريمة الإلكترونية.

 

وأشار الدكتور مصلح إلى أن جهل الشباب بالقوانين يقلل من قدرتهم على المشاركة في الحياة المدنية، حيث يكون الشباب الذين لا يعرفون حقوقهم أو واجباتهم أقل قدرة على التأثير في القرارات أو المطالبة بحقوقهم، مما يؤدي إلى تراجع في مستويات المشاركة السياسية والمجتمعية.

 

التحديات الاجتماعية والثقافية أمام الوعي القانوني

أوضحت المدربة والناشطة الاجتماعية ديما عضايلة لـصوت شبابي أن تعزيز الوعي القانوني والاجتماعي بين الشباب يواجه مجموعة من التحديات المعقدة، من أبرز هذه التحديات هو ان المناهج لا تتناول بشكل كافٍ المواد القانونية المتعلقة بالحياة اليومية للأفراد بشكل عام أولا تعطيها الاهتمام المطلوب، وأشارت عضايلة إلى أن الشباب غالبًا ما يتخرجون دون أن يكون لديهم معرفة أساسية بالقوانين التي تؤثر على حياتهم اليومية، مثل قوانين العمل، حقوق الإنسان، أو حتى قوانين الجرائم الإلكترونية او أي فعل قد يترتب عليه عقوبة بموجب القانون، مما يؤدي إلى فجوة في فهمهم لكيفية حماية حقوقهم والتزاماتهم القانونية.

 

وأضافت أن هناك ضعف للبرامج التوعوية المستدامة والمبادرات المجتمعية التي تهدف إلى تعزيز الوعي القانوني، ورغم وجود بعض الجهود من قبل منظمات المجتمع المدني أو الجهات الحكومية، إلا أن هذه المبادرات غالبًا ما تكون غير مستمرة أو لا تصل إلى جميع فئات الشباب. وتؤكد عضايلة أن الوعي القانوني يحتاج إلى استراتيجيات طويلة المدى، تتضمن برامج تعليمية متكاملة وورش عمل تفاعلية مستمرة لضمان فهم الشباب للقوانين التي تحكم حياتهم.

 

وأشارت عضايلة لصوت شبابي إن ضعف الوصول إلى المعلومات القانونية يمثل تحديًا كبيرا، حيث يواجه الكثير من الشباب صعوبة في الحصول على استشارات قانونية مجانية أو حتى بتكلفة معقولة. وتوضح عضايلة أن هذه المشكلة تتفاقم في المجتمعات الريفية والمناطق النائية، حيث تكون فرص الحصول على التوعية القانونية محدودة للغاية، مما يزيد من عزلة الشباب عن فهم حقوقهم القانونية.

 

وأكدت أيضًا إلى وجود عوائق اجتماعية وثقافية تجعل بعض الشباب يترددون في السعي للتعرف على حقوقهم القانونية. فهناك اعتقاد شائع بأن القوانين والتشريعات هي مجال يقتصر على المحامين والمختصين، وأن الفرد العادي ليس بحاجة إلى معرفة هذه التفاصيل. هذا التصور الخاطئ يجعل الشباب يشعرون بأنهم بعيدون عن فهم القوانين التي تؤثر على حياتهم اليومية، مما يحد من مشاركتهم في الحياة المدنية.

 

جهود تعزيز الوعي القانوني

وفقًا لما أوضحه المستشار القانوني عمر عشا لـصوت شبابي، فإن تعزيز الوعي القانوني بين الشباب هو أمر بالغ الأهمية لذلك نعمل على تنفيذ ورش العمل والدورات التدريبية التي تركز على حقوق الشباب والقوانين الأساسية تسهم بشكل كبير في تعزيز هذا الوعي، كما أشار إلى استخدام وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لنشر المعلومات القانونية، وتنظيم أنشطة مجتمعية تهدف إلى خلق جيل واعٍ بالقوانين وحقوقه.