النجاح بلمسة خضراء: قصة إبداع  شابة في عالم النباتات

الرابط المختصر

تعاني العديد من المهندسات من تحديات كبيرة في سوق العمل بعد ركود تخصصات الهندسات بفروعها، بحسب تقرير لنقابة المهندسين الأردنيين  لعام 2024 حيث تبلغ نسبة البطالة بينهن 36% من أصل 52,837 مهندسة، من هنا قررت نبال البطوش، المهندسة المدنية التي اختارت مساراً غير تقليدي لتحقق نجاحاً استثنائياً من خلال مشروعها "نيباليفا للمنتجات الطبيعية"، مما يجعلها نموذجًا ملهمًا للمهندسات الأخريات منذ تأسيسه العام 2021.

لم يكن هذا المشروع حلا لنبال وحدها وساهم بإنهاء رحلة البحث الشاقة عن العمل لمهندسة يعاني قطاعها أصلا من ركود كبير خاصة بين السيدات وعلى الأخص خارج العاصمة، بتوفير فرص عمل ل  60 سيدة  من سيدات الأغوار المنطقة التي تعد من جيوب الفقر في الأردن.

 

بداية القصة

بدأت نبال البطوش، مشوارها المهني كمهندسة مدنية لمدة أربعة سنوات، كواحدة من بين 1,797 مهندسة مسجلة في الكرك حتى الآن، إلا أن شغفها الحقيقي كان في استكشاف الطبيعة واستخدام مواردها بطرق مبتكرة، وقررت بعد فقدانها لعملها بسبب جائحة كورونا، تحويل حلمها إلى واقع، تقول نبال: "خلال فترة كورونا، وجدت في الوقت المتاح فرصة لتعلم أشياء جديدة، كنت شغوفة بالطبيعة والصيدلة، لذا قررت الالتحاق بدورات تدريبية في اللغة العربية والأجنبية لتعلم التركيبات العلمية الصيدلانية الخاصة بصناعة الكريمات وتصنيع المستحضرات التجميلية بشكل علمي وآمن، مما أتاح لي تقديم منتجات مبتكرة ومتميزة من مواد طبيعية، ومن هنا كانت الإنطلاقة لتأسيس فكرة مشروعي الخاص."

 

تضيف نبال "حيث كانت أهم التدريبات التي حصلت عليها في عام 2023 مع مشروع ابتكار المنفذ من قبل شركة درة المنال للتنمية والتدريب والممول من منظمة بلان إنترناشونال الأردن ، أثناء تدريباتها مع المشروع اكتشفت نبال نبتة المورينجا المزروعة في الأغوار الجنوبية و بعد معرفتها بما يميزها من خصائص مذهلة مهمة للبشرة، قررت استثمار هذه النبتة وتقول  ل "صوت شبابي"  " لم أكن على دراية بها من قبل في جميع منتجاتي  لأنني أرغب في تقديم شيء فريد ومميز، ومشروع ابتكار ساهم في تطوير مشروعي وحصولي بعدها على منحة مالية وتدريبات تقنية فنية التي أدت الى ترخيص منتجاتنا من مؤسسة الغذاء والدواء سيروم الهيالورنيك بالنياسيناميد وغسول البشرة بالمورينجا وزيت شجرة الشاي وتسجيل العلامة التجارية  الخاصة بي وأنا مؤمنة بأن تقديم منتجات طبيعية سيساهم في تعزيز الثقة في المنتجات الوطنية ".

اليوم ساهم المشروع بزراعة 10 آلاف شجرة مورينجا التي بالإضافة إلى فوائدها الغذائية والتجميلية الكبيرة فإنها تزيد من الاستدامة البيئية، ويسهم في ترشيد استهلاك المياه وفي مكافحة قطع أشجار الغابات في جميع أنحاء العالم، ويحد من عملية تعرية التربة

 

تعزيز الاقتصاد المحلي ودعم المجتمع

نجاح مشروع "نيباليفا" لم يقتصر فقط على إنتاج منتجات طبيعية،  امتد ليشمل دعم الاقتصاد المحلي، في إطار التعاون مع مشروع اليسر في توفير فرص عمل جزئية لعدد من  المزارعات في منطقة الأغوار الجنوبية ، و يساعدهن على تحسين ظروفهن المعيشية وتعزيز مساهمتهن في المجتمع، تقول  مي جهاد، منسقة المشروع" يسعدنا أن نرى تأثير مشروعنا على المجتمع المحلي فهو  كاستجابة للفقر وتشغيل سيدات في منطقة غور الحديثة، حيث عملنا على تشغيل سيدات من الأغوار في عمليات الحصاد والتجهيز منتجات المورينجا كمنتج خام ، وهذا مثال رائع على كيفية استفادة الأفراد من المشاريع التنموية التي نقوم بتنفيذها."

وقالت السيدة عواطف علي الخنازرة إحدى المزارعات في المشروع: " أنا من غور المزرعة وكنت أسأل عن عمل ووجدت هذا المشروع،  تحسنت الأوضاع المادية وقمت بمساعدة عيلتي وساعدت بناتي على إكمال دراستهن الجامعية، العمل مريح وسلس يختلف عن باقي المزارع وساعد  في زيادة دخل بعض الأسر وتحسينها في المنطقة، عشان هيك عيلاتنا  اعطونا كامل الحرية ودعمونا  للعمل في المشروع ".

 

كفا الدغيمات ، إحدى المزارعات العاملات في المشروع، تقول: "انضممت الى المشروع عن طريق جمعية سيدات غور الحديثه،  من هالشغل عملت على توفير دخل لأسرتي، وبشعر إنه بساهم في اشي مهم و رسالتي لسيدات انه يشاركن في المشاريع الزراعية لانه في اعتماد على أنفسهم وتوفير مصدر دخل لهم". 

تختم نبال حديثها، "إن رسالة نيباليفا تتمثل في تعزيز ثقة المواطن الاردني في المنتجات الوطنية، من خلال تطوير منتجات طبيعية مبتكرة وعالية الجودة، تعتمد على خصائص نبات المورينجا الأردنية، بالاضافة إلى تعزيز التنمية المستدامة والمسؤولية المجتمعية من خلال زراعة واستخدام نبات المورينجا الوطني، نؤمن بأن الاستثمار في مجتمعاتنا وحماية بيئتنا ودعم المنتجات الوطنية لا يعود بالنفع فقط على الحاضر، بل  يضمن مستقبلاً أفضل للأجيال القادمة. "

 وتبين  الدكتورة ليديا الهلسة المختصة في علم التجميل أهمية مادة المورينجا: " تعتبر من النباتات التي تحتوي على مجموعة واسعة من العناصر الغذائية والمواد الفعالة التي يمكن أن تساهم في تحسين الصحة والعناية بالبشرة، أن استخدام المستخلصات النباتية، التي تحتوي على مكونات فينولية ومواد فعالة، تُستخدم في المستحضرات التجميلية لما تتمتع به من خصائص مضادة للأكسدة، وأضافت ل "صوت شبابي"  أن هذه المستخلصات تساهم في تأخير ظهور علامات التقدم بالعمر وتخفيف الالتهابات المرتبطة بحب الشباب وبعض الأمراض الجلدية غير المناعية".وهي فرصة للشباب الأردني الاستفادة من الأعشاب والنباتات المتوفرة في الأردن بكثرة للاستثمار في هذا المجال"

وهو ما توافقها عليه المهندسة نبال "كان حلمي دائمًا أن أساهم في تقديم شيء مفيد وطبيعي للمجتمع، وأن أستخدم خلفيتي الهندسية لتطوير منتجات تعتمد على مواردنا المحلية بطريقة مستدامة وآمنة".