الشباب والتعددية الدينية: كيف يسهم الجيل الجديد في تعزيز الحوار بين الأديان

الرابط المختصر

في عالم يتسم بالتسارع والتحديات الثقافية والدينية، يظهر  جيل جديد  يسهم في بناء جسور التفاهم بين مختلف الأديان والثقافات. جيلٌ يتطلعُ أن يكون هو اليوم وسيلة للتغيير الإيجابي والتفاهم المتبادل، مما يجعلهم فاعلين أساسيين في دعم التعددية الدينية وتعزيز الحوار البناء.

يؤكد العديد من الشباب أن الحوار بين الأديان يمثل وسيلة لبناء مجتمعات أكثر تسامحاً وتعاوناً، حيث يعبرون عن إيمانهم بأن قبول الآخر وفهمه يساعد في تقليص النزاعات الثقافية والدينية. في حديثهم عن التحديات التي تواجههم، يشيرون إلى ضرورة تجاوز الأحكام المسبقة وتعزيز الفكر التعاوني لمواجهة هذه التحديات.

تقول (نغم حجازين) وهي ناشطه مجتمعيه في الكرك إلى أن هنالك أهمية للحوار  بين الأديان وتعزيز التفاهم بين أتباع الديانات المختلفة تنبع من عدة أسباب أساسية، منها بداية 

تعزيز السلام والتعايش فالحوار بين الأديان يساهم في تقليل الصراعات المبنية على سوء الفهم أو التحيزات الدينية، مما يساعد في بناء مجتمع أكثر سلامًا واستقرارًا، حيث يتعايش الناس بمعتقدات مختلفة بسلام وتفاهم.

وايضا يسهم في محاربة التطرف والكراهية فعندما يتحدث أتباع الأديان المختلفة مع بعضهم البعض ويتعرفون على القيم الإنسانية المشتركة، يصبح من السهل تجاوز الأفكار المتطرفة والمفاهيم الخاطئة، مما يقلل من فرص انتشار الكراهية أو العنف.

أما فيما يخص دور الشباب في بناء جسور التواصل والتفاهم بين الثقافات والأديان فتشير إلى أن له  دور حيوي ومحوري لعدة أسباب  اهمها الانفتاح والتقبل  فالشباب عادةً أكثر انفتاحًا على التجارب الجديدة والتعرف على الأفكار المختلفة. وهذا يساعدهم على تجاوز الأفكار النمطية وتقبل التنوع الثقافي والديني.و  الشباب يمتلكون تأثيرًا كبيرًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية، مما يمنحهم القدرة على نشر الوعي وتعزيز التفاهم بين الثقافات والأديان بسهولة وسرعة.

ويتمتعون بفرص تعليمية تتيح لهم فهم الثقافات والأديان المختلفة بشكل أعمق، مما يمكّنهم من تصحيح المفاهيم الخاطئة وإثراء الحوار الديني والثقافي.

بالإضافة إلى أنهم  يتمتعون بالحماس والطاقة للتغيير؛ إذ يقودون مبادرات اجتماعية تهدف إلى تعزيز السلام وبناء علاقات إيجابية بين أتباع الأديان والثقافات المختلفة، سواء من خلال العمل التطوعي أو الأنشطة المشتركة.

وعلى الرغم ذلك تقول نغم ايضا أن الشباب يواجهون العديد من التحديات في تعزيز الحوار الديني في مجتمعاتهم، منها أن العديد من المجتمعات لا تزال تعاني من تحيزات عميقة ضد الأديان المختلفة، مما يجعل الشباب عرضة لرفض الآخرين لجهودهم في التقارب والحوار، ويؤدي إلى تقييد قدرتهم على بدء الحوار البنّاء.وايضا  قلة المعرفة أو انتشار المعلومات الخاطئة حول الأديان والثقافات المختلفة يؤدي إلى سوء فهم أو تحريف الحوار، ويصعّب على الشباب تكوين جسور تواصل قائمة على الفهم الصحيح. بالإضافة لتزايد النزعات المتطرفة وأفكار الكراهية يجعل الشباب المتحمسين للحوار عرضة للنقد أو حتى الخطر. التوجهات المتطرفة قد تصعّب عليهم الوصول إلى فئات معينة من المجتمع أو إيجاد مساحة آمنة للحوار

في ظل التحديات العالمية المعاصرة، تتزايد أهمية الحوار بين الأديان كوسيلة لبناء مجتمع أكثر تسامحاً وتعاوناً. ويبرز دور الشباب بشكل لافت في دعم هذا التوجه، حيث باتوا يسعون ليكونوا أدوات فعالة في تعزيز التعددية الدينية ونشر ثقافة التفاهم المتبادل بين أتباع الأديان المختلفة.

 

ويضيف غيث المجالي من مبادرة عربكم التطوعية       

أرى ان الشباب اليوم  يتمتع بطاقات وامكانات على التفكير خارج الصندوق وهذا ما يجعله يجد طرق غير تقليديه للتواصل والتفاعل بين الثقافات وهذا يقودهم للتفكير والاهتمام أكثر بالانفتاح على الثقافات والأديان الأخرى، وحتى منهم اليوم من يصنع محتوى عبر السوشيال ميديا بهذا الخصوص لمساعدة الجمهور على التعرف على الثقافات والأديان الأخرى. 

وايضا المبادرات المجتمعية تعزز هذا الشيء من خلال جمعها لفرق من أديان متعددة ،وبالتالي تساهم في بناء جسور التواصل بين الثقافات والأديان. أنا أرى أن اهم بند من الممكن أن نرتكز عليه هو الاحترام المتبادل لاختلاف الأديان والثقافات بغض النظر عما تفكر أو تعتقد مما يساعد على الاطلاع على طرق تفكير مختلفة للغير مما يوسع الأفق ويزيد المرونة .

والتعددية الدينية وتعزيز الحوار فيها يقلل من الخطاب المتطرف لأي جانب لان البيئة المتعددة تعزز  قبول الآخر، وأنا أرى أن مواقع التواصل الاجتماعي اليوم نستطيع أن نستخدمها من خلال الصور والمنشورات لإزاله المفاهيم الخاطئة حول الأديان والثقافات المختلفة، ونستخدمها لعرض قصص ايجابيه حدثت بالفعل تعزز من احترام الأديان. 

وأن شاركت سابقا في ندوات ومحاضرات تحدثت حول جانب الحوار بين الأديان وكانت تجربة قيمه ومتميزة  اتاحت لي الفرصة للتعرف على ديانات وثقافات أخرى .

يتطلع الشباب اليوم إلى لعب دور إيجابي في مجتمعهم من خلال المشاركة في مبادرات تعزز الحوار بين الأديان. ويعبر العديد من الشباب عن إيمانهم بأن التفاهم بين مختلف الثقافات والأديان يمثل أساساً لبناء مجتمعات مستقرة تعزز التعايش السلمي وتقلل من النزاعات. ورغم أن هذا المسعى لا يخلو من التحديات، مثل الأحكام المسبقة وتفاوت الخلفيات الثقافية، إلا أن الشباب يؤكدون على أهمية هذا الدور ويتخذون منهجاً عملياً في التعامل مع هذه العقبات

 

وفي هذا الجانب يقول  الدكتور عزام الشمايلة _ مفتش مديرية أوقاف محافظة الكرك ، بصفتي مفتشا  لمديرية اوقاف الكرك الحالي  ومديرها السابق ،فإن قيم التسامح والتعايش الديني بين ابناء محافظة الكرك ليس له مثيل ونباهي به ارجاء المعمورة ونحن قد تجاوزنا مرحلة التعايش  منذ القدم فنحن في مرحلة العيش الحقيقي مسلمون ومسيحيون يلمسه كل من وطأت قدمة كرك التاريخ والمجد ،وان الإرث الهاشمي المستمد من صميم الشريعة الإسلامية رسخ هذا الوئام والمحبة والسلام بين ابناء المجتمع الواحد .والاسلام لا يدعو للاعتراف بالآخر فقط بل يدعو لاحترامه وقبول الاختلاف .

وتسعى اوقاف الكرك بتوجيهات معالي الوزير إلى ترسيخ ثقافة الاعتدال وتعزيز قيم التسامح والعيش المشترك من خلال الخطابة والدروس واسبوع الوئام الديني وتدريس رسالة عمان التي أطلقها جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم في التاسع من نوفمبر عام 2004

والتي دعت إلى التسامح والوحدة في العالم الإسلامي وتضمنت قيم ،احترام الآخرين والسلام والتعاطف والعدالة الاجتماعيةوالرحمةوالتسامح وترجمت إلى العديد من لغات العالم الرئيسية 

ويضيف كان لي شرف المشاركة في نشر مضامين رسالة عمان في المملكة المتحدة بالتعاون مع المعهد الملكي للدارسات الدينية  وجامعة كوفنتري ووزارة الاوقاف عام 2014 .

لان التسامح الديني ينبغي توسيع نطاق معارفنا ليشمل مصادر متنوعة  وان لا تقتصر معارفنا على تلقي مصادرنا الفكرية المألوفة فقط 

فقيمة التسامح الديني تتمثل في كونه يقر الاختلاف ويقبل التنوع ويحترم ما يميز الأفراد من معطيات نفسية وعقلية ويقدر ما يختص به كل شعب من مكونات ثقافية امتزج فيها قديم ماضيه بجديد حاضره ورؤية مستقبله

وعند سؤالنا حول ما هي أبرز المبادرات التي تقوم بها الأوقاف لدعم الحوار بين الأديان وتعزيز التفاهم بين مختلف المكونات الدينية في المحافظة أجاب الدكتور الشمايلة إلى أن وزارة الأوقاف  الاردنية تسعى إلى إشراك الائمة والوعاظ والمؤذنين والخطباء في دورات متخصصة في ترسيخ مفهوم الاعتدال والوسطية التي دعا لها الاسلام من خلال معهد الملك عبدالله لتأهيل الائمة.

 

الكرك: نموذج للتعايش الديني والتعددية

اعتدنا أن نقول دائما في الكرك (الخوري من المعايطة)هذه العبارة التي رافقتنا منذ الأزل  ترجمت التعايش الديني في الكرك كما يجب ،هذه البقعة الجغرافية من الأردن التي تعتبر اليوم نموذجا و مثالاً حياً للتعايش الديني والتعددية الثقافية، حيث يجتمع فيها المسلمون والمسيحيون منذ قرون في بيئة يسودها الاحترام المتبادل والتعاون.

 يتشارك أهل الكرك في مناسباتهم واحتفالاتهم، ويعكسون صورة فريدة للوحدة والتآخي. ورغم اختلاف الأديان، تظهر الكرك نموذجاً للوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي، ويجسد أهلها قيماً أصيلة تعزز من الحوار وتدعم التعايش السلمي.

بهذا النموذج، تُلهم الكرك شباب الأردن وتدفعهم للعمل على تعزيز الحوار الديني ونشر ثقافة التسامح والتعددية، ليصبحوا دعاة حقيقيين للتفاهم بين مختلف الأديان والثقافات.