الرئيس "الوسيم" المكلّف على طاولة الناشطين الشباب 

الرابط المختصر

تكتسب الحكومة الجديدة، وتكليف الدكتور جعفر حسّان لتشكيل الحكومة الجديدة خلفًا لحكومة د. بشر الخصاونة، أهمية كبيرة في ظل أوضاع سياسية ملتهبة على الصعيد الإقليمي، لا سيما العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة، الذي يضيف مزيدًا من التعقيد للأوضاع السياسية في المنطقة، بالإضافة إلى تحديات داخلية كبيرة تتعلق بالملف الاقتصادي، من ضمنه المديونية المتزايدة، والعجز المالي، وارتفاع معدلات البطالة والفقر، خصوصًا بين الشباب، وبرلمان جديد متنوّع الإيدولوجيات، فاجئت نتائجه الشارع الأردني والوسط السياسي فيه. 

ويرى ناشطون شباب بمختلف المجالات والتيارات أن تكليف د.جعفر حسان بتشكيل الحكومة الجديدة، يُعتبر خطوة ومحاولة  في الاتجاه الصحيح لتعزيز الجهود الحكومية في مواجهة التحديات السياسية و الاقتصادية الراهنة.

لماذا جعفر حسّان من وجهة نظر الناشطين الشباب ؟ 


تقول الباحثة في شؤون المرأة الأردنية د.زهور غرايبة 32 عاما من محافظة اربد، ، لـ "صوت شبابي" : إن الرئيس المكلف جعفر حسان يمتلك خبرات واسعة وقرباً كبيراً من النظام السياسي الأردني، ما يؤهله لفهم عميق بأولويات الوطن والقضايا التي تعمل الدولة على حلها، وأنّ ما يميز حسّان هو قربه من جلالة الملك، مما يضع على عاتقه مسؤولية كبيرة في تنفيذ الرؤى الملكية المتعلقة بتخفيف البطالة وخلق فرص عمل، إضافة إلى معالجة إرث الضرائب التي خلفتها الحكومات السابقة. 

ويتفق مع غرايبة، الناشط الشبابي والمجتمعي د. عبدالكريم الخزاعلة، 38 عاماً من محافظة المفرق، " أن هذا التكليف جاء بناءً على قرب حسّان من جلالة الملك، حيث شغل منصب مدير مكتبه لسنوات ورافقه في معظم الزيارات والجولات الإقليمية والدولية، مما يسهل فهم توجهات ورؤية جلالته ". مشيرًا  إلى أن "السيرة الذاتية لحسان، التي تمتد لعشرين عاماً في مواقع صنع القرار، تؤهله بشكل مثالي لرئاسة الحكومة، وهو ما سينعكس على الأداء الحكومي بعد نيل الثقة من مجلس النواب" .

ويرى الباحث في القانون الدستوري المحامي خليف الزيود، 24 عاما من محافظة الزرقاء، "أنه وفي ظل الوضع الاقتصادي الأردني المتأزم والعمل على مشروع الاصلاح الاقتصادي قد يكون اختيار رئيس وزراء يحمل فكرًا اقتصاديًا أمرًا يدعو إلى التفاؤل إلى حدِ ما، وأنَّ على الرئيس الجديد الجلوس مع ممثلي الأحزاب للحوار والتشاور حول المِلفات الرئيسية وحول تمثيلهم ضمن الحكومة".


ماذا ينتظر حكومة جعفر حسّان؟

يتفق ناشطون شبّاب من مختلف المجالات والتيارات على أن حكومة جعفر حسّان المقبلة ستواجه ملفات ساخنة ومعقدة، ستؤثر بشكل كبير على تشكيل وتوجيه برنامجها السياسي والاقتصادي، وعلى رأس هذه الملفات يأتي العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، والذي يفرض تحديات سياسية وأمنية هائلة على الأردن، في ظل الأوضاع المتوترة في المنطقة.

وعلى الصعيد الاقتصادي، يواجه الأردن ارتفاعًا كبيرًا في مديونيته، إلى جانب ارتفاع معدلات البطالة والفقر التي تؤثر بشكل مباشر على الحياة المعيشية للمواطنين. وتأتي هذه التحديات الاقتصادية في وقت تتزايد فيه الشكاوى الشعبية من تدهور مستوى الخدمات العامة، خصوصًا في قطاعات الصحة، التعليم، والنقل. 


أمام حكومة حسّان مسؤولية كبيرة في التعامل مع هذه الملفات الحيوية، حيث ستكون قدرتها على تقديم حلول ملموسة للتحديات الاقتصادية، وتحسين الخدمات الأساسية، محور تقييم الشارع الأردني لها.

ملف السياسة الخارجية :

يؤكد الناشط الشبابي محمد الزواهرة من محافظة الزرقاء" أن المشهد السياسي مرتبك، خاصة مع الأوضاع الإقليمية الملتهبة وتأثيرات الحرب في غزة، مشيرًا إلى أن الأردن قد يواجه ارتدادات سياسية وعسكرية في المرحلة المقبلة. ويقول: "كنت أفضل أن يكون رئيس الوزراء بخلفية محافِظة، وأقرب إلى مخرجات الانتخابات وقريبًا من المجتمع لردم فجوة الثقة بين الحكومات المتعاقبة والمواطنين".

من جانبها ترى الصحفية بسنت زيدان، 27 عامًا من عمان، "أنه و بالنظر إلى الأوضاع المتوترة في المنطقة، على الحكومة أن تحافظ على توازن السياسة الخارجية للأردن، مع التركيز على المصالح الوطنية وتعزيز العلاقات مع الدول الكبرى".

ويعلّق المحامي خليف الزيود حول ملف السياسة الخارجية بقوله : " ملف السياسية الخارجية للأردن هي  من أكثر الأمور أهمية وحساسية بذات الوقت ،فإن الممارسات تشي بأن السياسية الخارجية للدولة، تتركز وعلى مدار العقود بيد جلالة الملك ووفق رؤيته، ولا اعتقد أنَّ  ذلك سيتغير، ومع ذلك قد يكون مفيدًا التواصل بين رئيس الحكومة وفريقه الحكومي مع الأحزاب والقوى الفاعلة في المجتمع لتمتين الجبهة الداخلية وانصهار كل الرؤى في بوتقة واحدة وأبرز الملفات فأعتقد أنَّ ملفي الاصلاح السياسي والاصلاح الاقتصادي هما الأكثر أهمية". 

الناشطون : "مسيرة النجاح تبدأ من وجود توافق حكومي برلماني"  :  

بعد صدور نتائج انتخابات البرلمان الأردني العشرين الأسبوع الماضي ومفاجآته، وحصول الحزبين والحزبيات على (104) مقعدَا في مجلس النواب العشرين، منهم (41) على القائمة العامة و(63) على القوائم المحلية، من الذين أفصحوا عن انتمائهم الحزبي، منهم 31 نائب من حزب جبهة العمل الإسلامي من أصل 138 وهو العدد الكلّي لمجلس النواب، يرى الناشطون الشباب أهمية توجّه حكومة جعفر حسّان لإيجاد توافقات حكومية برلمانية.

تؤكد الصحفية بسنت " أن الانتخابات الأخيرة أظهرت تنوعاً في توجهات النواب وخاصة بوجود الاحزاب والحياة الحزبية الجديدة في الاردن وبحكم شغلي في مجال الإعلام ومتابعة المنصات الاجتماعية وتحديد المشاكل التي يعاني منها المجتمع اعتقد هناك تحدّياً في تحقيق التوافق الحكومي-البرلماني، ونجاحه يعتمد على قدرة الرئيس الجديد في بناء جسور تعاون مع المجلس لتنفيذ السياسات" .

ويعلّق الناشط الشبابي والنقابي المهندس معتز العطين، 35 عام من محافظة المفرق لـ "صوت شبابي" حول رؤيته لحكومة جعفر حسّان على صعيد الجبهة الداخلية بقوله : "بضرورة ذهاب حكومة د.جعفر حسّان إلى ايجاد تحالفات وتوافقات حكومية برلمانية، على مستوى الجبهة الداخلية على الصعيدين السياسي والاقتصادي التشريعيين لضمان تنفيذ السياسيات وتحقيق الاستقرار السياسي والتشريعي اللازم, ومطلوب أيضًا اليوم أكثر مما سبق تسخير كل هذه التنوع السياسي لمصلحة الأردن لذلك على الأحزاب أيضا أن تكون عند حجم التحديات وتضع أولوياتها الوطنية على كافة القضايا الإقليمية والدولية، مع التمسك بثوابتنا تجاه قضيتنا المركزية فلسطين، وأن يكون موقف البرلمان اليوم أكثر اسنادا للدولة الأردنية ورديف للمؤسسات للحفاظ على المصالح الأردنية العليا".

 
ويرى المهندس أسيد ربابعة، 31 عام من محافظة عجلون، مهتم بالشان العام والسياسي الأردني، "بأنه وبالنظر لخبرة حسّان السابقة في مواقع صنع القرار وقربه منها، أنه يمتلك رؤية واسعة حول إدارة الشأن الداخلي والقدرة على الاشتباك الإيجابي مع مراكز صنع القرار، ومع ذلك، يعبّرعن تشككه في قدرة حسان على إحداث التغيير المنشود، حيث  أن الحكومات التي عمل بها حسان لم تحظَ بدعم الشارع الأردني وواجهت انتقادات واسعة. ويتوقع ربابعه "أن نجاح الحكومة القادمة يعتمد بشكل كبير على البرنامج السياسي والاقتصادي والتشكيلة الوزارية، مؤكدًا أن التشكيلة الوزارية ستحدد ما إذا كانت الحكومة الجديدة ستسعى للتغيير الحقيقي أم ستستمر في تقديم "ديكور" دون جدو" . وفيما يخص إدارة المشهد الداخلي، يتابع المهندس ربابعة لـ "صوت شبابي": " أن نجاح الحكومة في إقامة تحالفات مع الأحزاب وتطبيق برنامج مشترك قد يكون عاملاً مهماً، مستبعدًا منح وزارات للأحزاب في المرحلة الحالية. بدلاً من ذلك، يتوقع اختيار الوزراء بناءً على الكفاءة والقدرة على العمل". 

الملف الاقتصادي:

 
يواجه الأردن تحديات اقتصادية منها ارتفاع حجم الدين حيث أظهرت بيانات وزارة المالية، أن إجمالي الدين العام للأردن وصل إلى 42.513 مليار دينار حتى نهاية شهر أيار من العام الحالي، بما في ذلك الدين المترتب لصالح صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي، ليشكل ما نسبته 115.2% من الناتج المحلي الإجمالي. اضافة إلى معدلات بطالة بلغت في الربع الأول من العام الحالي (21.4%) بين صفوف الأردنيين، وبنسبة( 17.4%) للذكور و(34.7%) للإناث، وهنا يؤكد ناشطون أن الملف الاقتصادي من أهم الملفات التي تنتظر حكومة جعفر حسّان.
يعلّق الناشط الزواهرة على تعيين جعفر حسان رئيسًا للوزراء في ظل وضع اقتصادي صعب محليا وعالميا قائلاً: "من حيث المبدأ، أرى أن السمة العامة للرئيس هي اقتصادية، حيث يحمل شهادات في علم الاقتصاد والإدارة، وهذا ما يجعله مؤهلاً للتعامل مع الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد". ويضيف الزواهرة "أن خبرة حسان في إدارة مكتب جلالة الملك وعمله كوزير للاقتصاد، إلى جانب الخلفية العلمية التي يمتلكها، تمنحه القدرة على مواصلة ما بدأته الحكومة السابقة في الملف الاقتصادي".

وهذا ما يؤكده المهندس العطين لـ "صوت شبابي" أن الأردن يعيش في ظل ظروف اقتصادية صعبة، تتمثل في ارتفاع معدلات البطالة وزيادة تكاليف المعيشة. جعفر حسان، بفضل خبرته السابقة كوزير للشؤون الاقتصادية، من المتوقع أن يركز على وضع خطط اقتصادية تنموية تهدف إلى تحسين بيئة الأعمال والاستثمار، مما يعزز من فرص العمل ويخفف العبء عن المواطنين. كما قد يسعى إلى التعاون مع المؤسسات المالية الدولية لجذب الاستثمارات الأجنبية التي تدعم الاقتصاد الوطني وتحقيق نمو مستدام ولكن اليوم مطلوةب اكثر من اي وقت اخر المنعة الاقتصادية وفتح بوابة التنمية لتوزيع عادل لمكتسبات التنمية وهذا ما اشار اليه جلالة الملك في كتاب التكليف السامي للحكومة . حيث ان التنمية هي بوابة النمو الاقتصادي وبوابة الاعتماد الوطني على الذات وهي اساس للانتاج الوطني لذا يجب ان تكون النظرة اليوم مختلفة لكيفية التعامل مع الاقتصاد وبصورة سريعة وعاجلة لانها هي اساس المنعة الوطنية ومجابهة الخصوم والوقوف بوجه التحديات بصلابة اكثر".

وهذا ما ذهب إليه الناشط الخزاعلة بقوله : "أن الرئيس المكلف يواجه تحديات متعددة تتطلب اهتماماً فورياً، مثل تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد، وتقليص المؤسسات والهيئات المستقلة، وتحسين الأداء الحكومي،  وضرورة استخدام التكنولوجيا لمتابعة الإنفاق العام، ودعم الاقتصاد المحلي، وخلق فرص العمل عبر حوافز للشركات الصغيرة والمتوسطة. مشدّدًا على أهمية تحسين الخدمات العامة والبنية التحتية في قطاعات الصحة والتعليم، وتحديث نظم النقل والمواصلات، وتحقيق التنمية المستدامة من خلال دعم المشاريع البيئية وتشجيع الطاقة المتجدد".

فيما عبّر المهندس أسيد ربابعة عن عن قلقه من إدارة حكومة جعفر حسّان للملف الاقتصادي،بقوله "فشلت الحكومات التي شارك فيها، الرئيس المكلّف،  في إدارة الملف الاقتصادي، بما في ذلك حكومات الرفاعي الثانية والملقي، وأن عدم التغيير الجذري قد يؤدي إلى فشل متكرر. مشيرًا إلى عدة ملفات أساسية في الملف الاقتصادي يجب على حكومة جعفر حسان معالجتها، منها: تعزيز الحقوق والحريات، ومواجهة البطالة، وتحقيق التنمية الحقيقية في المحافظات، ودعم البلديات واللامركزية، وإيقاف الضرائب الجديدة، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتحسين قوانين الاستثمار، وتوفير تأمين صحي شامل، ورفع الحد الأدنى للأجور إلى 400 دينار، وزيادة رواتب العاملين والمتقاعدين، وضبط القطاع الخاص لحماية حقوق العاملين والمتقاعدين".

كيف تنجح حكومة جعفر حسّان ؟  

تختتم الباحثة غرايبة حديثها لـ "صوت شبابي" بقولها : " أهمية أن يلتفت الرئيس المكلف إلى رؤى التحديث الثلاث: السياسي، الإداري، والاقتصادي، وأن يكمل مسيرتها بنجاح. و إلى ضرورة عدم تجاهل ما تم إنجازه من خطط سابقة، بل البناء عليها بما يخدم الأولويات الوطنية. مشيرةً إلى ضرورة التقاط الإشارات الملكية المتعلقة بدعم صمود الشعب الفلسطيني في غزة وفلسطين المحتلة، وتقديم كافة الإمكانيات المتاحة لهم،  كذلك على أهمية التعاون بين الحكومة والبرلمان لتحقيق المشاريع الوطنية وتوفير حياة كريمة للمواطنين".

بينما اختتم المهندس العطين حديثه بقوله :" نجاح حكومة جعفر حسان يعتمد على قدرتها في التوازن بين التحديات الاقتصادية الداخلية والتطورات الإقليمية المتسارعة. يتطلب ذلك صياغة مشروع وطني تنموي شامل، مع تحديد هوية اقتصادية واجتماعية وسياسية واضحة. كما يجب تشكيل فريق حكومي يركز على التنمية، اللامركزية، والمشاركة السياسية، مع تعزيز المؤسسات الوطنية والعمل ضمن أطر قانونية واجتماعية تتناسب مع الواقع الأردني" .