"الحلم الأخضر للشباب".. رؤى وآمال الشباب لمستقبلٍ مستدام
سارة (24) عاماً، واحدة من ملايين الشباب حول العالم الذين يشكلون جيلاً جديدًا من الناشطين البيئيين الذين يحلمون بعالم أكثر اتزاناً يعيش فيه البشر والطبيعة بتناغم تام، متسلحين بالأفكار البيئية والإصرار على تحقيق تغييرٍ حقيقي محلياً وعربياً وعالمياً.
عقولهم تحمل رؤى لمستقبل أكثر استدامة وعدالة بيئية، ويكرّسون جهودهم لتحويلها لواقعٍ ملموس.. اليوم وبعد تحقيق حلمها تقول سارة بأنها أصبحت جزءًا من هذا العالم.
من الحدائق المجتمعية إلى الحملات السياسية، يُظهر الناشطون البيئيون شغفهم بالطبيعة وعزمهم على بناء مستقبل أكثر خضرة وعدالة بأفكارهم المبتكرة وعزيمتهم الراسخة، يُحدثون تأثيرًا ملموسًا في مجتمعاتهم والعالم بأسره.
أستاذ علوم الأرض والمياه والبيئة الدكتور محمد الفرجات يقول إن الشباب يواجهون 3 قضايا تحكم مستقبلهم الى حد بعيد كـ التغير المناخي، والشح المائي، والطاقة؛ موضحاً أن التغير المناخي يلقي بظلاله على إمكانيات الدول في تشغيل شبابها ويؤثر على القطاعات الصناعية والزراعية والسياحية، وأيضاً يمس الأمن الغذائي والمائي والطاقة الى حدٍ ما؛ فضلاً عن موضوع الكوارث الطبيعية وعلاقة التغير المناخي بالقضايا الصحية وصحة السكان.
وأضاف أن ما نعانيه من الشح المائي وتأخر الأمطار وقلتها يمس مستقبل الأراضي الزراعية والانتاجية ومستقبل الشباب المختصين في الزراعة؛ متسائلاً الفرجات: هل ستبقى المناطق المنتجة زراعياً على حالها أم ستصاب بالجفاف وتدني انتاجية التربة وهجرة سكانها للمدينة؟ أي أن يتحول عمل المزارع من منتج الى شخص يهاجر الى المدينة ويبحث عن مصدر رزقه بمجال آخر.
"ما زلنا بحاجة لبث المزيد من التوعية في المدارس والجامعات ومؤسسات المجتمع المدني بأهمية قضايا التغير المناخي وأسبابها وسبل التصدي لها بالحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون والغازات الدفيئة، وأيضاً آلية التأقلم مع آثاره حتى يأتي جيل قادر على البقاء أمام هذا الصراع الذي يواجهه الكوكب، ولا سيما أن المشاركة في الحلول تأتي من خلال تكثيف ورشات العمل في كافة المؤسسات، وبمشاركة الفئات كافة".. وفق الفرجات.
ولفت أنه على الحكومة والقطاع الخاص دور كبير بدعم مشاركة الشباب سواءً بالتوعية او إقامة الفعاليات وتمويلها مادياً، مشيراً إلى أن الاقتصاد الأخضر سيف ذو حدين وكلاهما ايجابي، ولاسيما أن مستقبل الشباب فيه لمواجه التغير المناخي، خاصةً أن الدول تتحول من استخدام الطاقة التقليدية الى استعمال طاقة الرياح والشمسية وأيضاً الطاقة الناتجة عن الأمواج.
وومن جانبه قالت رئيسة جمعية أرض السنديان للتنمية البيئية أمل غوانمة، إن الشباب الأردني في المدينة والقرية والبادية هم رأس دفة التنمية المستدامة والحماية البيئية وإدراك أهمية بناء جيل يحافظ على الموارد القليلة في الدولة.
وتوضح أن العمل البيئي والمناخي والزراعي الذي تطلقه الوزارات المعنية يتسابق عليه الشباب أولا ثم مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الأهلية، إلا أن الدافع في صون الموارد واستدامتها بعد الوعي الذي برز مؤخرا لدى الشباب يتضح من مشاريعهم التطوعية والخدمية والتشاركية مع صناع القرار.
وتبين الغوانمة، أن المشاريع الشبابية التي تنوعت بين رفع مستوى الوعي الجمعي بالقضايا البيئية والمناخية ورفع القدرات وتمكينها وأيضا مشاريع الزراعية الحديثة والقادرة على التكيف مع الكوارث المناخية، تعتبر كلها جهود تفقد التشاركية بين الجهود الشبابية والحكومية ولا تنظم وفق خطة وطنية واضحة واستراتيجية مدروسة ويضع ذلك العمل البيئي في موضع العبث، ثم يهدد في تخلي الشباب عن أهدافهم سيما وأن هذا المجال يتطلب الدعم والرعاية والتوجية المستمر وفقا للتطورات العلمية والعالمية.
ودعت الغوانمة، أن ينطلق الشباب للمطالبة بالتشاركية في إدارة الملف البيئي والمناخي خاصة مع توجه الدولة لانتخابات حزبية لربما أن يتبنى حزب على الأقل أهداف التنمية المستدامة، ووضع خطة تنظيمية للعمل البيئي في كل مناطق المملكة للوصول لأهداف حقيقة ملموسة وتتيح تبادل الخبرات والحلول.
وفي ذات السياق قالت المهندسة أنوار النظامي أن الشباب خلال السنوات القليلة الماضية كان من الواضح قيادتهم للتغيير البيئي داخل المجتمع ودورهم في تعزيز سلوكيات التكيف مع التغيرات المناخية والتخفيف ولم يقتصر دورهم على العمل المجتمعي بل انتقل لمستوى المشاركة في صياغة السياسات البيئية بعدة اشكال.
وأضافت أننا نرى في السنوات الثلاث الاخيرة تألق ودور كبير للعديد من المؤتمرات في مؤتمر الشباب المحلي للتغير المناخي LCOY الذي يهدف لمناقشة دور الشباب في مواجهة آثار التغير المناخي وتعزيز النمو الأخضر وصولا إلى إعلان البيان الشبابي تجاه التغير المناخي والذي تضمن سياسات ملموسة يضعها الشباب، من شأنها تعزيز التزامهم في مواجهة هذه الظاهرة العالمية والتكيف معها.
الشباب هم قادة التغيير الإيجابي في مجتمعاتهم والعالم أجمع، فوسط كل التحديات البيئية والتغيرات المناخية التي يواجهها الأردن يبرزون كقوة دافعة للتغيير الإيجابي والمستدام.
"الحلم الأخضر" الذي يحمله الشباب يمكن أن يتحول لحقيقة ملموسة، بل هو رؤية واقعية وقابلة للتحقيق، إذا ما تضافرت الجهود وتكاتف الإرادات وذلك بدعم الحكومة والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، فالشباب هم البذور التي تنمو وتزدهر لتشكيل عالماً بيئياً أكثر اتزانًا.