التحدي الاقتصادي والمعرفي يبعدان الشباب الأردني من المشاركة بالقضايا المناخية

الرابط المختصر

من المؤكد أن التغير المناخي والقضايا المناخية أصبحت من أبرز التحديات التي تواجه العالم في عصرنا الحالي، والأردن ليس بمعزلٍ عن خطر التغير المناخي وتداعياته في كافة المجالات، الزراعية والمائية والتنموية والحقوقية، خاصة أن الأردن يعتبر من أشد الدول المعرضة للجفاف بسبب التغير المناخي وفق تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة الصادرة عام 2021. وهذا ما يُلزم السياسات الحكومية بتكثيف جهودها لمكافحة التغير المناخي، بنشر الوعي والعمل على المزيد من الخطط والبرامج المتعلقة بالقضايا المناخية، وتحديدا فئة الشباب التي تشكل المخزون من القوى البشرية بنسبة 62% من المجتمع الأردني، وتواجه تحديات البطالة التي بلغت ما نسبته 21.4% بحسب دائرة الإحصاءات العامة والفقر.

ويرى مختصون أن مستوى مشاركة وتبنّي الشباب الأردني لقضايا المناخ بين مدِّ وجزر لجملة من العوامل، أهمّها الوضع الاقتصادي والبطالة، اضافة إلى قلة الوعي والتي من شأنها تحييد قضايا المناخ من أولوياتهم، وهذا ما يؤكده رئيس اتحاد الجمعيات البيئية عمر الشوشان بقوله في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها الشاب الأردني يصبح موضوع التغير المناخي أقل أولوية بالنسبة للكثيرين، فالبطالة والفقر ونقص الفرص تساهم في تضييق الآفاق وتجعل من الصعب للشباب التفكير في قضايا قد تبدو بعيدة عن حياتهم اليومية الملحة، ومع ذلك، فإن مشاركة الشباب في القضايا المناخية تبقى ضرورية وحيوية، ليس فقط لمستقبل البيئة بل لمستقبلهم الشخصي والمجتمعي أيضاً. مشيرا إلى أن انخراط الفعال للشباب الأردني في هذه القضايا بسبب غياب الدعم الحكومي الحقيقي والاكتفاء بالمشاركة الصورية. قد نجد العديد من المبادرات الشبابية التي تفتقر إلى التمويل اللازم والتشجيع الرسمي، مما يجعل استدامتها واستمرارها أمراً صعباً. بالإضافة إلى ذلك، تتعرض بعض منظمات المجتمع المدني التي تدعم القضايا البيئية لضغوطات تضييقات تحد من نشاطها، بحسب الشوشان.

وعلى صعيد متصل، أظهرت ورقة موقف صادرة عن عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قبل عامين أن " الشباب في الأردن لا تتوفر لديهم فرص متكافئة للمشاركة في العمل المناخي، في ظل انعدام وجود سياسات حكومية تدعم زيادة مشاركتهم في هذا المجال، وأن أدوار الشباب في العمل المناخي لا تؤخذ على محمل الجد من قبل المؤسسات الحكومية، في وقت هناك حاجة إلى سن سياسات أقوى، وأكثر وضوحًا لدعم الفئة الشبابية في هذا الشأن"

وبهذا الصدد يؤكد شباب ناشطون في مجال المناخ أن نسبة ومدى وعي الشباب الأردني والانخراط بالعمل المناخي زادت وتيرته خلال السنوات الثلاث الماضية من خلال حضور الفعاليات المناخية المحلية والعالمية والبرامج والمبادرات والمشاركة بأوراق السياسات.

 

.يعلق الناشط الشبابي في العمل المناخي المهندس عبدالله الخوالدة بأنّ مستوى وعي الشباب الأردني يشهد تطورا خلال السنوات الماضية ولكن التوقع والطموح يجب أن يكون أعلى، خصوصا في المحافظات الأطرف للتعرف على القضايا المناخية والفرص الموجودة فيه، وهذا بسبب التحديات التي تواجه الشباب كالبطالة كتحدّي رئيس، ويجب استغلال الفرص لتحويل تحديات التغير المناخي إلى فرص جاذبة للشباب الأردني من خلال تدريب الشباب ورفع مستوى الوعي لديهم بهذا الجانب، والمشاركة بقضايا المناخ كفرص عمل.
ويتفق مع الخوالدة، منسق المشاريع في المجال المناخي والبيئي أنس الزواهرة حول  التحديات التي تعيق مشاركة الشباب الأردني بالقضايا المناخية والتي من أبرزها التحدي الاقتصادي والتحدي المعرفي، مشيرا إلى أن البرامج مازالت تركز بشكل اساس على المحافظات القريبة من صناع القرار ولغاية الان لم نحصل على أجندة عمل تكون شاملة لجميع الشباب المهتم في المشاركة من مختلف المحافظات بالتالي ضمان تحقيق العدالة المناخية التي تركز على ضمان وصل المعرفة والمشاركة للجميع، بحسب الزواهرة.

وزارة البيئة المعنية بالقطاع البيئي وأية فعاليات ومشاركات متعلقة بالقضايا المناخية أكدت على الدور المهم والفاعل الذي يلعبه الشباب الأردني بهذا الجانب، وأن رؤيتها وسياستها في العمل المناخي والبيئي يولي الشباب أهمية كبيرة، وبحسب الناطق الإعلامي باسم الوزارة الدكتور أحمد عبيدات فإن الوزارة عكفت على تعزيز دور الشباب بالقضايا المناخية والتغير المناخي من خلال عقد مؤتمر الشباب المحلي للتغير المناخي السنوي بالتعاون مع وزارة الشباب، إضافة إلى إشراك الشباب في الكثير من البرامج والفعاليات الدولية والوطنية، مشيرا إلى ترحيب الوزارة بالمبادرات الشبابية بالمجل المناخي والبيئي من مشاريع وبرامج وأوراق سياسات وفعاليات.

ويشار إلى أن وزارة البيئة أطلقت السياسة الوطنية للتغير المناخي في الأردن للأعوام  2022-2050 والتي تقدم التوجيه االلازم للقطاعات التنموية المختلفة وصانعي القرار والعاملين في مجال التغير المناخي، وأيضًا لكافة الأردنيين الراغبين في معرفة النهج العام والإطار المؤسسي والتخطيطي للأردن في التخفيف والتكيف مع التغيرات المناخية خالل العقود الثالثة القادمة. 
ويقترح رئيس اتحاد الجمعيات البيئية عمر الشوشان في معرض حديثه عن الحلول المقترحة لزيادة فعالية الشباب الأردني وتمكينهم من المشاركة بالقضايا المناخية بضرورة تنفيذ مجموعة من الحلول المتكاملة، بداية من توفير التمويل والدعم للمبادرات الشبابية البيئية من قبل الحكومة والمؤسسات الدولية، و تضمين التعليم البيئي في المناهج الدراسية وتكثيف البرامج التوعوية لرفع مستوى الوعي بأهمية التغير المناخي، و توفير فرص التدريب والتطوير للشباب لتعزيز مهاراتهم في المجالات البيئية والمناخية، إضافة إلى  تعزيز دور منظمات المجتمع المدني وحمايتها من الضغوطات والتضييقات لضمان استمرارية نشاطها.